على طائرة تركية.. موسكو تتسلم جثمان الطيار الروسي

بوتين يستهدف 4 قطاعات لضرب اقتصاد أنقرة

الطائرة العسكرية التركية التي وصلت أمس إلى مطار هاتاي جنوب غربي تركيا وحملت جثمان الطيار الروسي (إ.ب.أ)
الطائرة العسكرية التركية التي وصلت أمس إلى مطار هاتاي جنوب غربي تركيا وحملت جثمان الطيار الروسي (إ.ب.أ)
TT

على طائرة تركية.. موسكو تتسلم جثمان الطيار الروسي

الطائرة العسكرية التركية التي وصلت أمس إلى مطار هاتاي جنوب غربي تركيا وحملت جثمان الطيار الروسي (إ.ب.أ)
الطائرة العسكرية التركية التي وصلت أمس إلى مطار هاتاي جنوب غربي تركيا وحملت جثمان الطيار الروسي (إ.ب.أ)

أعلنت موسكو عن وصول جثمان المقدم أوليغ بيشكوف الطيار الروسي الذي لقي حتفه على أيدي الإرهابيين لدى هبوط مظلته في أعقاب إسقاط الجانب التركي لطائرته «سو - 24» فوق الأراضي السورية يوم الثلاثاء الماضي. وقالت وكالة أنباء «تاس» إن الجثمان وصل إلى مطار أنقرة على متن طائرة تركية وكان في انتظاره السفير الروسي أندريه كارلوف وأعضاء السفارة الروسية في تركيا.
ونقلت «تاس» عن أحمد داود أوغلو رئيس الحكومة التركية تصريحاته حول أن الجانب التركي تسلم جثمان الطيار الروسي أول من أمس، تمهيدا لتسليمه إلى الجانب الروسي بناء على طلب موسكو وبعد إجراء الطقوس الدينية المسيحية الأرثوذكسية الخاصة في مثل هذه الحالات في هاطاي الليلة الماضية».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن في أعقاب حادث إسقاط الطائرة الحربية الروسية عن قراره بمنح اسم الطيار أوليغ بيشكوف وسام «بطل روسيا الاتحادية» تخليدا لذكراه، بينما منح «وسام الشجاعة» إلى كل من ملاح القاذفة الروسية الذي استطاعت القوات الخاصة السورية والروسية إنقاذه بعد عملية طالت لما يزيد على 14 ساعة بعد هبوطه بمظلته إثر انفجار الطائرة، وإلى اسم جندي مشاة البحرية الروسية الذي لقي حتفه أثناء عملية الإنقاذ.
بوتين أعلن أيضًا أمس عن مجموعة من القيود والعقوبات ضد تركيا، تحت عنوان «إجراءات ضمان الأمن القومي للاتحاد الروسي وحماية مواطنيه من الأفعال الإجرامية، وفرض تدابير اقتصادية خاصة إزاء جمهورية تركيا». وحول هذه العقوبات قال قسطنطين كوساتشيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية لدى مجلس الاتحاد (المجلس الأعلي للبرلمان الروسي)، إنها مدعوة إلى «إعادة الأتراك إلى وعيهم». وكشف في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «تاس» عن أن موسكو أتاحت الفرصة أمام الرئيس التركي لمدة أربعة أيام لم تتخذ خلالها أية مواقف حادة ردا على حادث إسقاط قاذفتها فوق الأراضي السورية، وتركت الباب مفتوحا أمام القيادة التركية دون استجابة تذكر من جانبها، ولم تشهد خلال هذه الفترة أية إيضاحات منطقية أو عقلانية، بما قد يمكن القول معه إنه «تم تجاوز نقطة اللاعودة».
وقالت قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية: «إن رئيس لجنة الشؤون الخارجية اعتبر أن مرسوم الرئيس ليس مجرد رد على حادثة الطائرة، بل هو رد على إدراك جديد لتركيا كبلد وجد نفسه في صفوف داعمي الإرهاب، كما أن المرسوم يجمع التدابير الضرورية لحماية روسيا ومواطنيها من هذا التهديد الإضافي». وينص مرسوم الرئيس بوتين على مجموعة من القرارات التي سبق وكلف الحكومة بإعدادها بشأن مختلف القيود الاقتصادية والسياحية المطلوب تنفيذها ضد تركيا. وأشارت مصادر الجهاز الصحافي للكرملين إلى أن ما اتخذه الرئيس بوتين من قرارات بهذا الشأن «يستهدف حماية المصالح والأمن القومي للاتحاد الروسي، ومن أجل حماية مواطنينا من الجرائم والأعمال الأخرى، التي تهدد مصالحهم، ويشمل ضمنا منع أو تقييد عمل المؤسسات التركية، من القيام بأي نشاط داخل الأراضي الروسية، وبحسب القائمة التي تحددها حكومة روسيا الاتحادية». ومن المقرر وبموجب هذا المرسوم أن تبدأ روسيا واعتبارا من أول يناير (كانون الثاني) من عام 2016 تنفيذ حظر تشغيل المواطنين الأتراك في روسيا، إلى جانب إلغاء نظام الإعفاء من تأشيرة الدخول إلى روسيا الممنوح لحاملي الجوازات التركية، كما تقرر حظر استيراد بعض البضائع والسلع الغذائية والمنسوجات والجلود، فضلا عن توصية شركات السياحة والسفر الروسية بالامتناع عن تنظيم الرحلات السياحية والطيران العارض إلى تركيا حفاظا على أرواح المواطنين، فضلا عن تشديد الرقابة على الرحلات الجوية القادمة من تركيا».
وكانت مايا لوميدزيه المديرة التنفيذية لرابطة الشركات السياحية كشفت عن أن «روسيا لن تتكبد خسائر مالية جسيمة باتخاذ هذا القرار»، بينما أكدت أن «الإقبال في الفترة الراهنة على تركيا ليس كبيرا بين السياح بسبب انتهاء الموسم السياحي الصيفي الترفيهي»، وهي التي كانت تدعو حتى الأمس القريب إلى اعتبار تركيا بديلا مناسبا عن المنتجعات والمقاصد السياحية المصرية بعد قرار موسكو حول وقف السياحة إلى مصر في أعقاب سقوط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكانت موسكو أعلنت أن عدد السائحين الذين يفضلون المنتجعات التركية يبلغ قرابة أربعة ملايين سائح سنويا، بما يدر على تركيا أرباحا تتراوح بين أربعة وعشرة مليارات دولار.
ومن جانبه أعلن ألكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما، أمس الأحد، تعليقا على قرارات الرئيس بوتين، أن «روسيا لا تحاول الثأر من مواطني تركيا لتصرفات قيادتها». وقال: «إن نظام التأشيرات بالنسبة إلى المواطنين الأتراك لا يشمل الذين يملكون تصريح إقامة مؤقتا أو دائما في روسيا»، مشيرا إلى أخذ العامل الإنساني بعين الاعتبار في ما يتعلق بالإجراءات الاقتصادية. ووصف المسؤول البرلماني الروسي ما حدث بقوله: «إن إردوغان قصف اقتصاده بصاروخ جو - جو، وموسكو لا تنتقم من الشعب التركي». وأضاف: «إن قرار القيادة التركية حول إسقاط قاذفة (سو – 24) الروسية فوق سوريا سيضرب 4 قطاعات من الاقتصاد التركي، ومنها القطاع السياحي، حيث كان المواطنون الروس يمدون الاقتصاد التركي بما يتراوح من 3.5 إلى 4 مليارات دولار سنويا، أي ما يساوي من 12 في المائة إلى 18 في المائة من حجم قطاع الأعمال السياحي التركي»، فضلا عما يمكن أن يلحق من أضرار بالشركات التركية التي كانت تعمل بموجب عقود في روسيا، والتي وصل دخلها العام الماضي إلى 50 مليار روبل.
أما عن بقية قائمة الأضرار المتوقعة، فأشار بوشكوف إلى أن «الشركات التركية العاملة في مجال التصدير إلى روسيا سوف تتكبد خسائر فادحة نتيجة فقدان الأسواق الروسية، وصعوبة العثور على البدائل على ضوء حقيقة أن حجم التبادل التجاري بين البلدين كان قد ارتفع في الأعوام الماضية إلى ما يزيد على 30 مليار دولار، إلى جانب احتمالات توقف تحويلات الشركات والمواطنين الأتراك العاملين في روسيا إلى تركيا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.