مؤتمر برشلونة للاتحاد من أجل المتوسط: التحديات الإرهابية تتطلب ردًا جماعيًا

وزير خارجية إسبانيا أكد ضرورة كسب المعركة الآيديولوجية والفكرية ضد «داعش»

مؤتمر برشلونة للاتحاد من أجل المتوسط: التحديات الإرهابية تتطلب ردًا جماعيًا
TT

مؤتمر برشلونة للاتحاد من أجل المتوسط: التحديات الإرهابية تتطلب ردًا جماعيًا

مؤتمر برشلونة للاتحاد من أجل المتوسط: التحديات الإرهابية تتطلب ردًا جماعيًا

«مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط: نحو أجندة مشتركة».. هو عنوان الاجتماع الوزاري الذي استضافته مدينة برشلونة الإسبانية وهو الأول من نوعه لوزراء الخارجية الذين يعود آخر لقاء لهم لعام 2008 في مدينة مرسيليا الفرنسية.
وما جعل هذا المؤتمر يكتب أهمية خاصة ثلاثة عوامل: الأول، هو مناسبة الاحتفال بمرور عشرين عاما على إطلاق مسار برشلونة الذي تطور في عام 2008 بفعل جهود الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى الاتحاد من أجل المتوسط. ويضم الاتحاد 34 دولة أوروبية ومتوسطية لكن عضوية سوريا «مجمدة» منذ عام 2011. والثاني، انتهاء مراجعة ما يسمى بـ«سياسة الجوار الأوروبية» التي قام بها الاتحاد الأوروبي والتي تطرح خطة طموحة لتطوير علاقات الاتحاد مع دول الجوار في إطار ثنائي وإقليمي. أما العامل الثالث والأهم فهو من غير شك استمرار تصاعد ظاهرة الهجرة واللجوء إلى أوروبا التي تقلق المسؤولين الأوروبيين والمخاطر الإرهابية التي كان أبرز أحداثها ضربات «داعش» في العاصمة الفرنسية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
يعي المسؤولون الأوروبيون والمتوسطيون أن كثيرين يتساءلون عن «جدوى» الاتحاد من أجل المتوسط وعما يقوم به عمليا. والمؤتمر في المدينة الكاتالونية الذي حضره كثير من الوزراء والمسؤولين بينهم «وزيرة» الخارجية الأوروبية فدريكا موغيريني ووزيرا خارجية إسبانيا «الدولة المضيفة» والأردن، والمستشار في الديوان الملكي المغربي يوسف عمراني، ومسؤول السياسة الأوروبية السابق خافيير سولانا ووزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط، ومسؤولون من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية العالمية الداعمة للاتحاد، والمئات من ممثلي المجتمع والهيئات المدنية ووزراء دولة، وممثلون رفيعو المستوى عن البلدان الأوروبية والعربية، شكل فرصة، كما قال أمينه العام فتح الله سجلماسي لـ«الشرق الأوسط» لمراجعة مسار برشلونة والاتحاد من أجل المتوسط، وخصوصا التشديد على «الإجماع على توفير أعلى درجات الدعم السياسي للاتحاد من أجل المتوسط» لكونه المحفل الوحيد للحوار السياسي في الفضاء المتوسطي، ولكونه المحرك والحاضن لإطلاق مشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية وتنموية اندماجية وعلى قاعدة اختيارية. ووفق ما قاله، فإن «الإرادة السياسية لا معنى لها إن لم تكن مقرونة بمقاربة شاملة تضم جميع اللاعبين الإقليميين في الفضاء المتوسطي» بحيث لا تكون الشراكة «كلاما فارغا بل حقائق يومية إذ الأولوية اليوم للعمل». وأضاف الأمين العام أن الاتحاد يرعى 33 مشروعا قيمتها الإجمالية 5 مليارات يورو منها 18 مشروعا قيد التنفيذ.
بيد أن الرسالة الأساسية التي توقف عندها المسؤولون من جنوب المتوسط وشماله يمكن اختصارها كالتالي: التحديات كبيرة وضخمة وليس هناك من طرف واحد يستطيع مواجهتها لوحده، أكان ذلك موضوع الهجرة أو الإرهاب أو التنمية وإيجاد حلول للمشكلات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. واختصرت موغيريني النقاش بقولها: «إما ننجح معا أو نفشل معا». وأضافت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية التي هي أحد رئيسي الاتحاد من أجل المتوسط: «المتوسط مهدد بالانقسام، ورسالتنا السياسية أن التحديات طارئة وملحة، وردنا يجب أن يكون جماعيا، لكن يتعين أن نقوم بأشياء ملموسة ومحسوسة للناس». وذهبت رئيسة اللجنة الخارجية في مجلس النواب الفرنسي إليزابيث غيغو في الاتجاه عينه بتأكيدها أن «على الأورومتوسطيين أن يواجهوا التحديات معا وإلا سنفشل جميعا» مشيرة إلى التراجع الذي يشهده الفضاء المتوسطي قياسا لما كان عليه في عام 2005. وكان الملفت في كلام غيغو المرشحة لأن تصبح وزيرة خارجية فرنسا القادمة دعوتها لـ«معالجة جذور عدم الاستقرار والمشكلات» التي تصيب الفضاء المتوسطي والتي تشكل «البيئة الحاضنة لبروز الظاهرة الإرهابية». ومن المشكلات التي تدعو لمواجهتها البحث عن تسوية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي الذي «يرى فيه كثيرون أحد أسباب انعدام الاستقرار» في المنطقة.
إذا كان الغرض من إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط تحقيق الاندماج، فإن الأرقام تبين أن بلوغه ما زال أمرا بعيدا. ووصفت غيغو الاندماج بأنه «حاجة أساسية». ولم تتوان غيغو عن انتقاد الاتحاد الأوروبي الذي دعته إلى التخلي عن «طمر الرأس في الرمال» إذ «يتعين على أووربا أن تكون مساهمتها أكبر في إيجاد حلول للمشكلات الواقعة في جوارها المباشر أكان ذلك في ليبيا أو سوريا أو حتى اليمن ومحاربة الإرهاب وإبراز التضامن مع لبنان والأردن وتركيا في مواجهة أزمة اللاجئين السوريين.
من هذا المنظور يبدو الاتحاد كأنه في «حاجة ضرورية أكثر من أي وقت مضى» ليس فقط كمنصة للحوار بل أيضا كراع لإطلاق مشاريع تنموية في عدة قطاعات أساسية هي العمالة والمرأة والشباب والتنمية المستدامة. وأشار وزير خارجية الأردن إلى «البيئة العامة» التي تلف الفضاء المتوسطي اليوم والتي «عنوانها الأزمات المتكررة والبحث عن الاستقرار ومحاربة الإرهاب» الذي وصفه بأنه «تحد دولي» لم يتردد الأردن في الحديث بشأنه عن «الحرب العالمية الثالثة ولكن من نوع مختلف». وبنظر ناصر جودة، فإن «التدابير الجماعية وحدها هي الكفيلة بالتغلب عليه» شرط ألا تنحصر فقط بالجوانب الأمنية والعسكرية. وبشأن مستقبل الاتحاد من أجل المتوسط، فقد رأى الوزير الأردني أن اجتماع برشلونة «يعكس التزاما جماعيا» من أجل مواجهة المشكلات المشتعلة في البيئة الأورومتوسطية ما يشكل الشق السياسي من الرسالة. أما الشق الثاني، فيتناول الحاجة لأن ينجح الاتحاد، حيث يكون «المحرك في تنفيذ أجندة» المشاريع التي تساهم في تحسين أوضاع الناس، وأن تكون له نتائج واضحة رغم أن الإطار السياسي الراهن لا يساعده كثيرا على ذلك. أما وزير خارجية إسبانيا مارغالو فقد اعتبر أن برشلونة عادت مجددا «عاصمة للمتوسط»، مشددا بدوره على الحاجة للاندماج الإقليمي، وعلى ضرورة أن تربح الأسرة الدولية «المعركة الآيديولوجية والفكرية» في حربها ضد «داعش».



بعد هجوم ماغديبورغ... شولتس يعلن عن تعزيز حماية المهرجانات الشعبية بألمانيا

المستشار شولتس يعزِّي ضحايا الهجمات (أ.ب)
المستشار شولتس يعزِّي ضحايا الهجمات (أ.ب)
TT

بعد هجوم ماغديبورغ... شولتس يعلن عن تعزيز حماية المهرجانات الشعبية بألمانيا

المستشار شولتس يعزِّي ضحايا الهجمات (أ.ب)
المستشار شولتس يعزِّي ضحايا الهجمات (أ.ب)

بعد نحو شهر من هجوم الدهس على سوق عيد الميلاد في مدينة ماغديبورغ شرقي ألمانيا، الذي أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 300، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس عن تعزيز حماية المهرجانات الشعبية.

أناس يجتمعون يوم 16 يناير 2025 حاملين الشموع بمراسم تكريم ضحايا الهجوم على سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ بألمانيا يوم 20 ديسمبر 2024 (رويترز)

وخلال مؤتمر مندوبي اتحاد العارضين الألمان، قال شولتس في مدينة هامبورغ شمالي ألمانيا اليوم: «سنفعل كل ما بوسعنا لمواصلة تعزيز الأمن في الشوارع والساحات والمهرجانات الشعبية في بلادنا».

مشيِّع يحمل علماً ألمانياً يدخل كنيسة القديس بطرس حيث تقام مراسم جنازة لصبي يبلغ من العمر 9 سنوات قُتل في هجوم سوق الكريسماس في ماغديبورغ يوم 20 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

كما أكد شولتس أن الحكومة الفيدرالية ستعمل على توفير دعم مالي للجرحى وعائلات الضحايا الذين لقوا حتفهم في ماغديبورغ، مضيفاً أن هذا الدعم سيكون بمقدار الدعم نفسه الذي يقدم لضحايا الهجمات الإرهابية.

يتشارك الناس في إشعال النار لإضاءة الشموع تكريماً لضحايا هجوم سوق الكريسماس في ساحة السوق القديمة في ماغديبورغ بشرق ألمانيا يوم 16 يناير 2025. كانت ماغديبورغ في حالة حزن عميق على المذبحة الجماعية يوم 20 ديسمبر 2024 عندما اقتحمت سيارة رياضية متعددة الاستخدامات حشداً في سوق الكريسماس (أ.ف.ب)

وكانت ماغديبورغ قد شهدت قبل عيد الميلاد بقليل حادثة مروعة؛ حيث اقتحم رجل بسيارته سوق عيد الميلاد. وأسفر الحادث عن مقتل 4 نساء وطفل يبلغ من العمر 9 سنوات، في حين توفيت امرأة تبلغ من العمر 52 عاماً متأثرة بجروحها بعد رأس السنة.

وأشار شولتس إلى أن العارضين كانوا أيضاً من بين المتضررين بشكل مباشر من الهجوم، وقال: «بوصفكم ضحايا، وفي الوقت نفسه بوصفكم مسعفين، بروح تضامن تدخل إلى سويداء القلب». وقال شولتس إن الهجوم على أي سوق لعيد الميلاد أو أي مهرجان شعبي يمثل هجوماً على نمط الحياة المفتوح والحر. وأضاف: «مهنتكم وعملكم، والفرح الكبير الذي دائماً ما تدخلونه بعملكم على كثير من المواطنين، كل هذا يعبر عن هذا النمط من الحياة الحرة والمفتوحة».

من جهته، حذَّر رئيس اتحاد العارضين في هامبورغ، روبرت كيرشهكر، من تحميل تكاليف مكافحة الإرهاب في المهرجانات الشعبية على العارضين. وقال: «نتحدث عن نحو 10 آلاف مهرجان شعبي في جميع أنحاء ألمانيا»، إضافة إلى نحو 3 آلاف سوق لعيد الميلاد؛ مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تستقطب ما مجموعه نحو 300 مليون زائر سنوياً، وأردف أنهم «يأتون لأنهم يحبون هذه المهرجانات».

مهمة سيادية

وبدوره، أكد رئيس اتحاد العارضين الألمان، ألبرت ريتر، أن تأمين أسواق عيد الميلاد هو مهمة سيادية، ورأى أنه لهذا السبب يجب على الدولة تحمل هذه التكاليف. وحذر ريتر من تطبيق القرار الأخير للمحكمة الدستورية الاتحادية بشأن تحميل تكاليف تأمين مباريات كرة القدم عالية الخطورة على المهرجانات الشعبية.

ورفض شولتس هذه الفكرة قائلاً: «هذا الموضوع لا علاقة له بتلك القضية، ولا يمكن تطبيقه هنا».