«قوائم الجيب».. تساؤلات حول أحدث طرق بيع العقارات السكنية

تفتح باب «الوساطة المزدوجة» .. والعميل أكثر المستفيدين

«قوائم الجيب».. تساؤلات حول أحدث طرق بيع العقارات السكنية
TT

«قوائم الجيب».. تساؤلات حول أحدث طرق بيع العقارات السكنية

«قوائم الجيب».. تساؤلات حول أحدث طرق بيع العقارات السكنية

أثير الكثير من الضجيج مؤخرا حول «قوائم الجيب»، التي تسمى أحيانا «حالات خاصة». إنها وسيلة بيع عقار سكني دون وضعه في نظام القائمة المتعددة، أو فتحه أمام الجمهور للمعاينة، أو بالأحرى عرضه للبيع علنا. ويقوم العميل بتسويق القائمة بشكل مباشر إلى شبكة صغيرة من الأفراد والعملاء المحددين.
من الناحية الظاهرية، يبدو أن قائمة الجيب أو الحالة الخاصة جذابة. ويعتقد البائعون أنهم سيستمتعون بكثير من الخصوصية والأمن عن طريق الحد من عدد الأشخاص الذين يزورون منازلهم للمعاينة. وهناك شعور أيضًا بالحصرية، التي يعتقد بعض البائعين أنها ترتبط بارتفاع سعر البيع.
دعونا نفكر في الجزء الأخير قليلا.. كيف يمكن لتقليص عدد المشترين المحتملين الذين يزورون المنزل أن يتسبب في ارتفاع السعر؟ على سبيل المثال فإن شركة «كارتييه» لا تفتح متاجر لها في الأزقة، لكن في مناطق تكثر فيها الحركة المرورية، وتكون المنتجات معروضة فيها لأكبر عدد من الزبائن.. إنها مسألة اقتصادية بسيطة: عرض المنتج على مجموعة كبيرة من الناس يولد مزيدا من الاهتمام الذي يثمر عن البيع بسعر أعلى وشروط أفضل للبائع.
والحقيقة أن قوائم الجيب لا تفيد البائع؛ بل إنها تفيد العملاء ووساطتهم. ولعل الجانب الأبرز من القائمة الخاصة أن الصفقة كاملة تظل عادة ضمن قائمة الوساطة، مما يرفع من نسبة العمولة. وينبغي أن يكون هذا وحده كافيا لشعور المستهلك بالتردد.
وبسبب عدم وضع العقار في نظام القائمة المتعددة أو تسويقها علنا للمستهلكين أو شركات الوساطة الأخرى، تثمر قوائم الجيب عادة عن تمثيل عميل الوساطة المشتري أيضًا - وهذا يعني عمولة مزدوجة. وإذا انكشف أمر العميل المزدوج، فإن هذا لا يعتبر غير قانوني، لكنه يثير التساؤل بشأن المستفيد الأكبر من هذا الوضع.
عند توقيع العقد مع العميل لبيع منزلك، يَعِد العميل بأنه سيمثل مصالحك الخاصة في عملية البيع. وفي الواقع، تطالب المادة 1 من «مدونة الأخلاقيات» الخاصة بـ«الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين» العملاء بـ«الترويج لمصلحة الزبائن وحمايتهم»، وتطالب القوانين الأميركية بالأمر ذاته.
إذن ما مصلحة البائع؟ يريد معظم البائعين الحصول على أعلى سعر ممكن لمنازلهم، في أقصر فترة من الزمن، مع أفضل شروط للعقد، والحد الأدنى من الانزعاج. وما يجعل ذلك ممكنا هو التسعير المناسب، وعرض المنازل للمعاينة بشكل أكبر، والمساعدة المهنية.
عند وضع المنزل كقائمة جيب، لن يعرف سوى عدد معين ومحدود حتى أنه معروض للبيع. ونظرا لأن هؤلاء المشترين يعرفون أن المنافسة على هذا المنزل ضئيلة أو غير موجودة، فإنهم لا يتحفزون لتقديم أفضل عرضهم. ويروج بعض العملاء لأن قوائم الجيب الخاصة بهم تجلب عروض الأسعار بالكامل، لكن عرض العقار لأكبر عدد ممكن من المشترين يجلب عروضًا متعددة، أو مسابقة عطاءات، أو شروطًا أفضل.
ويمكن لقائمة الجيب أن تستغرق وقتا أطول للبيع، أو ربما لا تباع على الإطلاق، نظرا لأن معظم المشترين المحتملين لا يدركون حتى أنها معروضة للبيع. وتكون الأسابيع القليلة الأولى حاسمة في عملية بيع المنزل - حيث إن الوصول لأكبر عدد ممكن من المشترين خلال هذه الفترة هو أفضل طريقة لتحقيق نتائج سريعة ومثالية. وفي حين أن بائع قائمة الجيب قد يحصل على عروض من المشترين المحليين المعروفين من قبل عملائهم، إلا أنهم يفتقدون أفضل العروض من المشترين على طول خط مترو أنفاق العاصمة واشنطن دي سي، وفي جميع أنحاء البلاد، وحول العالم. إنهم - بكل بساطة - يتركون المال على الطاولة.
في بعض الحالات، رغم ذلك، ربما لا يهتم البائع بشأن الحصول على أفضل سعر، وأفضل الشروط، في أقصر فترة من الزمن. وبالنسبة لبعض البائعين، يكمن القلق الأكبر في الخصوصية، وقد يرغب آخرون في تجنب الانزعاج للحفاظ على جاهزية المنزل للعرض لمعاينة أي شخص قد يكون أو لا يكون مؤهلا للشراء.
وتُعالج هذه المسائل بانتظام وبكفاءة بواسطة العملاء ذوي الخبرة والمهنيين. ويمكن التحكم في إدارة العروض بدقة، مع حضور عميل القائمة في كل مرة، والتحديد المسبق للمؤهلات المطلوبة للشراء. ولا توفر قائمة الجيب أي حماية أكبر، لكنها ببساطة تقلص مجموعة المشترين المؤهلين الذين يتم تسويق منزلك إليهم.
وسيكون الوسيط الذي يعمل حقا لمصلحتك قادرا على تسويق منزلك بنجاح لأكبر عدد ممكن من المشترين المحتملين من جميع أنحاء العالم لتحقيق الحد الأقصى من سعر البيع، مع إدارة العملية لضمان خصوصيتك وراحتك الكاملة.. فلماذا يرضى أي بائع واعٍ بأقل من ذلك؟

*خدمة «واشنطن بوست»
*خاص بـ«الشرق الأوسط»



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».