المعارضة السورية تدق ناقوس الخطر إثر سيطرة قوات النظام على تلال «الجب الأحمر»

«الجيش الحر» يحذر من خطر التقدم نحو سهل الغاب.. والطيران الروسي يكثف غاراته على ريف اللاذقية

صبية سوريون يبحثون عن خشب في حطام بناية انهارت بفعل القصف في دوما بريف دمشق أمس (رويترز)
صبية سوريون يبحثون عن خشب في حطام بناية انهارت بفعل القصف في دوما بريف دمشق أمس (رويترز)
TT

المعارضة السورية تدق ناقوس الخطر إثر سيطرة قوات النظام على تلال «الجب الأحمر»

صبية سوريون يبحثون عن خشب في حطام بناية انهارت بفعل القصف في دوما بريف دمشق أمس (رويترز)
صبية سوريون يبحثون عن خشب في حطام بناية انهارت بفعل القصف في دوما بريف دمشق أمس (رويترز)

حقق النظام السوري وحلفاؤه تقدما عسكريا ملحوظا في ريف محافظة اللاذقية، عبر سيطرتهم على منطقة تلال الجب الأحمر في جبل الأكراد، مستفيدين من غطاء جوي كثيف وفره لهم الطيران الحربي الروسي الذي شن عشرات الغارات على هذه المنطقة.
موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض أفاد بأن «قوات النظام مدعومة بالطيران الروسي سيطرت (أمس) على منطقة تلال الجب الأحمر في جبل الأكراد بريف اللاذقية». وأردف أن «برج زاهية (وهو أعلى النقاط في جبل التركمان) سقط من أيدي الثوار، مما يجعل باقي المناطق المحررة في ريف اللاذقية في خطر حقيقي، وسط سعي مكثف للنظام وحليفته روسيا لإحراز تقدم جديد في المنطقة».
هذه التطورات لم يقلل «الجيش السوري الحر» من خطورتها، وفق ما أوضح أحد قيادييه العميد أحمد رحال، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «سيطرة النظام على منطقة الجب الأحمر تحمل خطرا مزدوجا؛ الأول: تشكل خطرا على بقية المناطق المحررة في جبل الأكراد، والثاني أنها تشكل خطرا على قوات المعارضة الموجودة في سهل الغاب». وخلافا لما أورده موقع «الدرر الشامية»، أكد رحال أن «منطقة تلة زاهية الموجودة في جبل التركمان كانت تحت سيطرة النظام، وتمكن (الجيش الحر) من استعادتها منذ ثلاثة أيام، ويحاول النظام أن يستردها، لكنه لم يتمكن من ذلك، بل هناك عمليات كر وفر، لكن السيطرة الآن هي للثوار».
وأردف رحال قائلا: «القصف الجوي الذي ينفذه الطيران الروسي على مواقع المعارضة هو الذي منح النظام وأعوانه أفضلية ميدانية في الأيام الأخيرة». واستطرد معلقا: «الطيران الروسي يسرح ويمرح بحرية في غياب المضادات الجوية». وعما إذا كان القصف الجوي الروسي الكثيف قرب الحدود مع تركيا يقلل من فرص إقامة المنطقة الآمنة التي تعمل لأجلها أنقرة، أوضح رحال أن «العمليات الروسية تجري الآن في المنطقة الساحلية، أما المنطقة الآمنة المأمولة إقامتها فهي في ريف حلب الشمالي، وتبدأ من معبر جرابلس الحدودي مع تركيا إلى أعزاز وصولا إلى حلب».
هذا، ولم يغب الطيران الروسي، أمس الخميس، عن أجواء معظم المحافظات السورية؛ إذ شن غارات مكثفة على البلدات الحدودية مع تركيا ومناطق أخرى في ريف محافظة حلب. وأفاد مراسل «الدرر الشامية» بأن «الطائرات الحربية الروسية شنت أربع غارات جوية بالصواريخ الموجهة على بلدة ‫‏سرمدا في ريف محافظة إدلب قرب الحدود ‫‏السورية ‫‏التركية، استهدفت إحداها قافلة إغاثية، مما أدى إلى مقتل شخص على الأقل. كذلك استهدفت قرية دير حسان بالقرب من الحدود التركية، وهي منطقة فيها مخيمات يقطنها لاجئون، بالتزامن مع تحليق كثيف في أجواء مخيم ‏أطمة الحدودي».
من جهة ثانية، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «طائرات حربية روسية نفذت خمس غارات استهدفت مدينة معرة النعمان بريف إدلب، أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وسقوط عدد من الجرحى، في حين تعرضت مناطق في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي لقصف جوي، وقتل شخصان جراء تنفيذ طائرات روسية عدة غارات على مناطق في بلدة سرمدا والطرق الواصلة إلى معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا».
‏وكما سبقت الإشارة، لم تقتصر الغارات الروسية على منطقة الساحل السوري، بل امتدت إلى مدينة ‫‏أعزاز في ريف ‫‏حلب الشمالي القريبة من الحدود التركية. بالإضافة إلى غارات على بلدة الخفسة في الريف الشرقي لحلب، أسفرت عن مقتل سبعة مدنيين وجرح عدد آخر، وأيضا شن غارات على محطة «البابيري» لضخ المياه قرب مدينة مسكنة.
وأفاد ناشطون أيضا أن «المقاتلات الروسية شنت أكثر من عشر غارات منذ الصباح (أمس) على قرى زيتان والزربة وخان طومان وطريق حلب - دمشق الدولي في ريف حلب الجنوبي». أما في الريف الغربي فسقط عشرات الجرحى من المدنيين جراء استهداف الطائرات الروسية سوقا في بلدة أورم الكبرى، إضافة إلى سوق الهال في قرية عويجل وبلدة ‫‏كفرناها.
ويأتي التصعيد الروسي غداة مقتل ثلاثين مدنيا أول من أمس (الأربعاء) في عمليات قصف وغارات جوية من قبل الطيران الروسي وقوات الأسد على مدن مختلفة في سوريا. وأعلنت «لجان التنسيق المحلية» أن عشرة أشخاص قتلوا في محافظة ‫‏إدلب، بينما قتل ستة آخرون في ‫‏محافظة حماه، وأربعة في ‫‏محافظتي مدينة دمشق وريفها، كما قتل ثلاثة مدنيين في محافظة ‫‏حمص، والباقي في محافظات ‫‏حلب و‏درعا و‏اللاذقية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.