بعد يومين من الإعلان عن انبثاق لجنة تنسيق عليا تضم أبرز القيادات السنية في العراق بهدف توحيد البيت السني، دبت الخلافات بين كثير من القيادات السياسية والعشائرية في المحافظات الست التي تسكنها غالبية سنية، بدءا من عدم الاتفاق على اسم الناطق الرسمي باسم اللجنة العليا خالد المفرجي، إلى الاتهامات الموجهة لبعض أعضاء اللجنة بالضلوع في دخول تنظيم داعش إلى المحافظات الغربية.
فيما حذر سياسيون سنة فاعلون ضمن اللجنة من مغبة تقسيم العراق بسبب مماطلة الإدارة الأميركية في تحقيق مطالبات تلك المحافظات بالاعتراف بالمكون السني وفشل الحكومة المركزية في تسليح عشائره لقتال «داعش»، رافضين الإشارات السياسية الدائرة حول فكرة أن الشيعة هم الوحيدون الذين يقاتلون ذلك التنظيم، مما دفع بواشنطن إلى الوقوع في حيرة مع من تتعامل أولا. وقال عضو اللجنة العليا للتنسيق شعلان الكريم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة ومنذ البداية توقعت صدور آراء ومواقف متباينة هنا وهناك لأنه من غير المنطقي والمقبول إرضاء الجميع، كما أن جزءا مما يقال هو تعبير عن رأي مقبول ويمكن دراسته لأننا أساسا مقبلون على التحضير لمؤتمر عام تحضره جميع القيادات السنية من وزراء ونواب حاليين وسابقين ومحافظين ورؤساء مجالس محافظات حاليين وسابقين وقيادات سياسية وعشائرية سواء مع المشروع أم ضده بحيث تنبثق عن ذلك المؤتمر لجنة عليا هي التي تمثل المحافظات الغربية الست، وينتهي عمل اللجنة القائمة حاليا والتي يمثلها الأعضاء الاثنا عشر واسمها هيئة التنسيق العليا»، مشيرًا إلى «إننا في الواقع لا نخشى الخلافات كخلافات بحد ذاتها لأن هناك تباينات كبيرة داخل البيت الشيعي والبيت الكردي لكنها لا تصل إلى مستوى رفض التوجه العام السليم، لكن ما نخشاه هو التعبير عن أجندات تسعى إلى تخريب أصل المشروع لأن توحيد البيت السني على أسس سليمة من شأنه أن يقوي ليس العرب السنة في العراق فقط بل يقوي العراق كله، وهو ما لا تريده جهات إقليمية ودولية».
وردًا على سؤال بشأن الكيفية التي تم خلالها الاتفاق بين قيادات سنية بارزة كانت بينها خلافات طوال الفترة الماضية، قال الكريم إن «الأمر المهم في هذا المشروع هو أنه ضم القيادات البارزة في المجتمع السني والتي قررت من أجل المصلحة العليا للبلد، ولا نقول مصلحة السنة، إلى تصفير خلافاتها والبدء من جديد مما يمكن بالتالي أن ينعكس على العملية السياسية بشكل إيجابي».
وحول ما يثار بشأن إمكانية صدور قرار عن الكونغرس الأميركي بشأن الاعتراف بالسنة، والتعامل معهم كبديل عن الحكومة المركزية في العراق، وما إذا كان لعملية توحيد البيت السني صلة بذلك، قال الكريم: «أولا لا توجد صلة بين الأمرين، كما أننا وأقصد بذلك المشاركين في العملية السياسية لسنا طرفا في هذا الحراك الحالي على مستوى قيادات سنية من أبناء المحافظات الغربية، ممن يريدون من الولايات المتحدة تسليحهم لمقاتلة (داعش)، بعد أن فشلت الحكومة العراقية في تأمين احتياجاتهم، ثانيا إنه بصرف النظر عما يترتب على الاجتماعات الحالية هناك، فإنني أقول إن الكرة لا تزال في ملعب الحكومة المركزية في بغداد».
وأوضح الكريم أن «الحكومة العراقية إذا ما أرادت الحيلولة دون تقسيم العراق فإن عليها الاستجابة قدر المستطاع لأبناء هذه المحافظات وطبقا للدستور والقانون وبموجب الوثيقة التي شكلت الحكومة الحالية على أساسها، فإن المطلوب من الحكومة مراجعة نفسها وسياساتها حيال أبناء السنة بشكل عام».
من جهته، أكد مصدر مقرب من زعيم ائتلاف متحدون أسامة النجيفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من السابق لأوانه الحديث عن جوانب تفصيلية بشأن اللجنة وعملها لا سيما أنها لم تبدأ الخطوة الأولى بعد فضلا عن أن دورها يقتصر على التحضير للمؤتمر العام الذي يفترض أن تحضره كل القيادات والفعاليات السنية». وأضاف أن «هناك شعورا لدى جمهور السنة يرى أن الزعامات السنية في الحكومة أو البرلمان لم يحققوا شيئًا طوال الفترة الماضية سوى المزيد من التهميش والإقصاء والآن النزوح والتشريد».
وأشار إلى أن «ما يجري الحديث عنه اليوم حول أن الشيعة هم وحدهم من يقاتل (داعش)، وأن الأميركيين حائرون مع من يتعاملون، يتطلب وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بحاضر السنة ومستقبلهم ولا يمكن تحقيق ذلك دون أن تكون كلمة السنة موحدة». إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية عز الدين الدولة أن نجاح عمل لجنة التنسيق العليا للمحافظات السنية يتوقف على مقبولية ممثليها. وقال «الدولة» في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «المحافظات السنية ما زالت تتحفظ وبشدة على بعض المسميات التي كانت سببا مباشرا في تدميرها واحتلالها وتهميش وتشريد أهلها، وهو ما قد يفقد اللجنة العليا أسباب التفاعل والتواصل والتعاون بينها وبين المستفيدين من جهودها، وبشكل خاص أهلنا في مخيمات الهجرة والشتات والرازحين تحت ظلم إرهاب (داعش)».
وأضاف الدولة: «إننا اليوم قاب قوسين أو أدنى من تحرير مدننا، وهو ما يلقي مسؤولية كبيرة على عاتقنا باعتبارنا ممثلين عن محافظاتنا، مما يوجب علينا تكثيف الجهود وفتح جسور التعاون والتنسيق مع الشركاء على أساس المواطنة والقبول والتعاون، وهو ما يبرر حاجتنا إلى قيادات حقيقية حكيمة ومقبولة تؤمن بالعمل بروح الفريق الواحد وليس زعامات تريد من يسمع ويطأطئ، ولا تعترف بشركاء أقوياء يتعاملون بوضوح وبندية».
«شيطان التفاصيل» يباغت لجنة توحيد البيت السني قبل عقد المؤتمر العام
رموزه تنتقد مماطلة بغداد وواشنطن تسليح المحافظات الست لقتال «داعش»
«شيطان التفاصيل» يباغت لجنة توحيد البيت السني قبل عقد المؤتمر العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة