انتهى أمس تصويت المصريين في المرحلة الثانية والأخيرة من انتخابات مجلس النواب (البرلمان)، في انتظار جولة إعادة متوقعة في معظم دوائر المحافظات الـ13 التي جرت فيها الانتخابات. وبدا لافتا لمتابعي العملية الانتخابية من منظمات المجتمع المدني والأحزاب، قيام كثير من المرشحين بجذب الناخبين العازفين عن المشاركة عن طريق دفع رشى مالية، وصلت إلى حد 500 جنيه (نحو 60 دولارا) في بعض الدوائر، أبرزها بالعاصمة القاهرة.
وأظهرت مؤشرات أولية ارتفاع نسبة المشاركين في تلك المرحلة عن المرحلة الأولى، التي شهدت ضعفا ملحوظا في حجم الناخبين. وقال السفير حمدي لوزا، نائب وزير الخارجية المسؤول عن ملف انتخابات المصريين بالخارج، إن «إجمالي عدد المصريين الذين صوتوا بالخارج في المرحلة الثانية بلغ 37168 صوتا، بزيادة نحو 22 في المائة عن المرحلة الأولى».
وجرت المرحلة الثانية من الانتخابات على مدار يومي الأحد والاثنين في 13 محافظة هي القاهرة والسويس وكفر الشيخ ودمياط والغربية والإسماعيلية وبورسعيد وجنوب سيناء وشمال سيناء والمنوفية والقليوبية والشرقية والدقهلية، وسط تشديد أمني واضح شارك فيه الآلاف من عناصر الجيش والشرطة.
تنافس في تلك المرحلة 2877 مرشحا على 222 مقعدا فرديا، إلى جانب الانتخاب بنظام القوائم على مستوى قطاعين اثنين وهما (قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا) الذي يضم 45 مقعدا انتخابيا، و(قطاع شرق الدلتا) الذي يضم 15 مقعدا انتخابيا.
وقالت غرفة العمليات المركزية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أمس، إنها تلقت 13 شكوى خلال متابعتها لعملية التصويت خلال اليوم الأول، تتعلق بتوزيع رشى انتخابية في محافظات (الغربية، القاهرة، الدقهلية)، و8 شكاوى بالتأثير على إرادة الناخبين بتوجيههم.
بينما ذكر تقرير لـ«الائتلاف المصري لمراقبة الانتخابات»، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن اليوم الثاني من المرحلة الثانية للانتخابات اتسم بشعار «الصوت الانتخابي ملك لمن يدفع»، حيث رصدت بعض حالات الرشى الانتخابية ووقوع أحداث عنف واستمرار ظاهرة التأثير على الناخبين.
وقال الائتلاف، الذي يتشكل من مجموعة من منظمات المجتمع المدني التي تراقب الانتخابات، إن أنصار مرشح بدائرة منشية ناصر في القاهرة قاموا بتوزيع رشى تتراوح قيمتها من 50 إلى 200 جنيه، وقد تم تحرير محضر بالواقعة بقسم الشرطة. في حين قام أنصار مرشح آخر بدائرة التل الكبير في الإسماعيلية بتوزيع رشى قيمتها من 150 إلى 300 جنيه للصوت الواحد. وهو الموقف الذي تكرر في دائرة الإسماعيلية بقيمة تتراوح من 300 إلى 400 جنيه.
وفي محافظة القليوبية، دائرة الخانكة، رصد مراقبو الائتلاف قيام قوات تأمين اللجان بإلقاء القبض على أحد الناخبين بعد ضبطه من قبل رئيس اللجنة وهو يقوم بتصوير ورقة إبداء الرأي بعد قيامة بالإدلاء بصوته الانتخابي، وهو ما يعني تلقيه رشوة انتخابية مقابل هذا الصوت. وفي محافظة الغربية، أصدرت نيابة شرق طنطا الكلية قرارا بالتحقيق مع 4 من مندوبي بعض المرشحين قاموا بتوجيه الناخبين وتوزيع رشى وكروت دعائية بدائرة بندر المحلة.
وفي جولتها بإحدى لجان حي الزمالك غرب القاهرة، رصدت «الشرق الأوسط» قيام أنصار أحد مرشحي الأحزاب البارزة بدفع مبالغ تصل إلى 500 جنيه، وفقا لشهود عيان. وقال أحد المواطنين لـ«الشرق الأوسط»، قبيل توجهه للإدلاء بصوته «عرض علي أموال من مرشحين اثنين، من أجل التصويت لهما»، مشيرا إلى «استغلال المرشحين لحالة الفقر لدى معظم المواطنين للتأثير عليهم، في ظل عدم وجود فوارق واضحة بين المرشحين وأن كثيرا من المواطنين لا يعلمون أسماءهم أو انتماءاتهم».
وتبادلت الأحزاب المتنافسة الاتهامات بشأن استخدام الأموال في التأثير على الناخبين. وقال خالد خيرت مرشح حزب «مصر الحديثة» بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «غرفة العمليات المركزية للحملة الانتخابية رصدت مخالفات من بعض المرشحين المنافسين تتمثل في محاولات شراء الأصوات عبر توزيع مبالغ مالية داخل وسائل المواصلات لاختيار مرشحين بعينهم، كما تم ضبط بعض أفراد يقومون بدفع مبالغ مالية خارج اللجان وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم».
من جانبه، قال الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إنه وثق انتهاكات شابت العملية الانتخابية أبرزها استخدام الدعاية الانتخابية أمام معظم المدارس بالدائرة، من قبل بعض المرشحين واستمرار شراء أصوات الناخبين، خاصة بمدينة منوف بمحافظة المنوفية، وسيطرة المال السياسي. في حين نفى شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب «المصريين الأحرار» تورط حزبه في دفع أي رشى مالية للناخبين. وقال خلال مؤتمر صحافي أمس «هناك عدد كبير من المحاضر بسبب الرشى الانتخابية، لكن المؤكد أنه ليس هناك أي عضو في المصريين الأحرار تم اتهامه بهذه المحاضر». وتابع: «نسب التصويت أعلى من مثيلتها في المرحلة الأولى في الخارج والداخل».
من جانبه، قال رفعت قمصان، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات، إن المنظمات الدولية أشادت بالعملية الانتخابية، مشيرا إلى أن رئيسة المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية قامت بالمرور على إحدى اللجان ووجدت إقبالا شديدا من قبل المواطنين.
وأوضح قمصان، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن السفيرة هيفاء أبو غزالة، رئيسة بعثة جامعة الدول العربية لمتابعة الانتخابات، أشادت بخطة التأمين والتنظيم الإداري ومشاركة المرأة، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة أكبر من المرحلة الأولى.
ولفت قمصان إلى أن تقييم المرحلة الأولى للعملية الانتخابية والاستفادة من النتائج النهائية لها انعكس بالإيجاب على تكثيف الإعلام للتوعية بالانتخابات للمواطنين وتكثيف الدعاية للمرشحين وحث المواطنين على المشاركة.
وأوضح قمصان أنه سيقوم بإعداد تقرير لتحليل نتائج المرحلة الثانية واستعراضها مع الجهات المعنية، منوها إلى أنه لا توجد أي قياسات دقيقة لقياس نسب المشاركة، حيث إن الجهة الوحيدة المنوطة بالإعلان عن النتائج ونسب المشاركة هي اللجنة العليا للانتخابات.
وبلغ عدد الناخبين المؤهلين للتصويت في المرحلة الثانية 28.204.225 ناخبا. وكانت المرحلة الأولى من الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي اتسمت بإقبال ضعيف من الناخبين، وبلغت نسبة التصويت 21.7 في المائة.
وأدلى وزير العدل المستشار أحمد الزند بصوته أمس بحي «التجمع الأول» بمنطقة القاهرة الجديدة. وقال إن حرصه على أداء واجبه الانتخابي بإدلائه بصوته يأتي كونه مواطنا يؤمن بأهمية البرلمان واستكمال خريطة المستقبل السياسية، وهي النقطة التي تتخذها بعض الدوائر في الغرب ذريعة لبعض القرارات التي تصب في غير صالح مصر.
«الرشى المالية» أبرز انتهاكات المرحلة الأخيرة من الانتخابات البرلمانية المصرية
مؤشرات أولية تشير إلى ارتفاع حجم المشاركة نسبيًا وسط حضور أمني قوي
«الرشى المالية» أبرز انتهاكات المرحلة الأخيرة من الانتخابات البرلمانية المصرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة