كوريا الشمالية تدافع عن تجاربها الصاروخية وتقول إنها «تدريبات عادية»

الجنوبية اعتبرتها «استفزازا طائشا»

كوريا الشمالية تدافع عن تجاربها الصاروخية وتقول إنها «تدريبات عادية»
TT

كوريا الشمالية تدافع عن تجاربها الصاروخية وتقول إنها «تدريبات عادية»

كوريا الشمالية تدافع عن تجاربها الصاروخية وتقول إنها «تدريبات عادية»

دافعت كوريا الشمالية اليوم (الأربعاء) عن التجارب الصاروخية التي اجرتها في الآونة الاخيرة باعتبارها تدريبات مبررة للدفاع عن النفس، وذلك ردا على الانتقادات الشديدة التي وجهتها اليها سيول وواشنطن.
وكانت تلك التجارب الصاروخية اعتبرت استعراضاً للقوة من قبل بيونغ يانغ للتعبير عن غضبها من التدريبات المشتركة الأميركية -الكورية الجنوبية الجارية حاليا.
وفي بيان نقلته وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، قال الجيش الكوري الشمالي إن التجارب - التي تنتهك العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ وتمنعها من القيام بأي تجارب لصواريخ بالستية - هي عبارة عن "تدريب عسكري عادي".
وأطلقت كوريا الشمالية ستة صواريخ قصيرة المدى باتجاه البحر قبالة ساحلها الشرقي الأسبوع الماضي وألحقتها بوابل من الصواريخ من عدة منصات الثلاثاء.
بدورها، اعتبرت كوريا الجنوبية التجارب بمثابة "استفزاز طائش"، فيما حثت واشنطن بيونغ يانغ على وقف التجارب فوراً لأن من شأنها أن تشعل التوترات في المنطقة.
وقال المتحدث باسم الجيش الكوري الشمالي، إن كافة الصواريخ والقذائف، التي جُرّبت على مدى يتراوح بين 55 و500 كلم، نجحت في تحقيق مساراتها "من دون أي خطأ".
وبعد التأكيد على أنه ليس للتجارب أي تأثير على استقرار أو سلام المنطقة، رد المتحدث على الانتقادات الأميركية والكورية الجنوبية قائلا: إن "الولايات المتحدة واتباعها الذين يكنون العداء لجمهوريتنا.. يهاجموننا بوقاحة من اللحظة الأولى التي توجهت فيها صواريخنا نحو السماء". وتابع أن "الاستفزاز الحقيقي" يتمثل بالمناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وسيول والتي بدأت في 24 فبراير (شباط) في كوريا الجنوبية.
وتندد كوريا الشمالية بشكل مستمر بالمناورات العسكرية السنوية المشتركة بين سيول وواشنطن على اعتبار أنها تدريبات لاجتياح أراضيها.
وعلى الرغم من التوترات بشأن المناورات من جهة والتجارب الصاروخية من جهة ثانية، فإن العلاقات بين الكوريتين تشهد تطوراً ملحوظا.
وقد عقدت الكوريتان أخيرا أول لقاء منذ أكثر من ثلاث سنوات بين عائلات فرقتها الحرب الكورية، ما أنعش الآمال بحصول تنسيق أفضل للتعاون بين البلدين.
وأصدر الجيش الكوري الشمالي بيانه بعد ساعات من تقديم الجنوب طلباً رسمياً لعقد محادثات الأسبوع المقبل بهدف تنظيم لقاءات أخرى للعائلات.
وأكد المتحدث باسم جيش كوريا الشمالية بأن تحسن العلاقات لن يؤثر على التزام الشمال، ليس فقط بتطوير صواريخه البالستية وانما برنامجه للأسلحة النووية.
وقال المتحدث إن "جمهوريتنا وشعبنا لن يوقفا عملياتنا المشروعة لإطلاق الصواريخ أو يوقفا تطوير برنامجنا النووي الردعي، بحجة تحسن العلاقات".
من جهته، قال وزير الدفاع الكوري الجنوبي كين كوان جين أمام لجنة نيابية لشؤون الدفاع في سيول، إنه من الواضح أن الهدف من التجارب الشمالية هو الاستفزاز، وعمدت سيول إلى تعزيز رقابتها. وتابع "لا أستثني احتمال أن تعمد كوريا الشمالية الى إطلاق تجارب لصواريخ طويلة المدى او حتى تجربة نووية".
وكانت وزارة الدفاع الجنوبية قالت إن التجارب نفذت من دون أي مراعاة، ما تسبب في مرور طائرة صينية تحمل 200 راكب في مسار أحد الصواريخ التي أطلقت أمس.
وبدوره حث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية كين غانغ الأطراف كافة على "الهدوء وضبط النفس" لتجنب أي تصعيد إضافي للتوترات.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».