منظمتان دوليتان تدعمان الاحتجاجات العراقية وتنددان بالاعتداءات على المتظاهرين

سينمائي مشهور عالميًا يتعرض لضرب مبرح بسبب رسالة للبرلمان

عراقيون يتظاهرون ضد الفساد أمام المنطقة الخضراء.. ويبدو السينمائي محمد الدراجي (يمين)  قبل الاعتداء عليه أمس (أ.ب)
عراقيون يتظاهرون ضد الفساد أمام المنطقة الخضراء.. ويبدو السينمائي محمد الدراجي (يمين) قبل الاعتداء عليه أمس (أ.ب)
TT

منظمتان دوليتان تدعمان الاحتجاجات العراقية وتنددان بالاعتداءات على المتظاهرين

عراقيون يتظاهرون ضد الفساد أمام المنطقة الخضراء.. ويبدو السينمائي محمد الدراجي (يمين)  قبل الاعتداء عليه أمس (أ.ب)
عراقيون يتظاهرون ضد الفساد أمام المنطقة الخضراء.. ويبدو السينمائي محمد الدراجي (يمين) قبل الاعتداء عليه أمس (أ.ب)

كشف القيادي البارز في التيار المدني الديمقراطي أحد منظمي المظاهرات الشعبية في بغداد جاسم الحلفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «منظمات عالمية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان وقوى عالمية معنية بالحراك المدني أعلنت عن دعمها لنا، ضد ما بتنا نواجهه من اعتداءات وحالات اضطهاد، يتعرض لها المتظاهرون المدنيون السلميون والداعون إلى محاربة الفساد وتحقيق الإصلاحات الحقيقية».
وردًا على سؤال فيما إذا كان ذلك يعني تدويل قضية الاحتجاجات بعد فشل الحكومة في استيعابها، قال الحلفي «ليس القصد التدويل لأن قضيتنا عراقية بحتة وحلها في الداخل لكن المشكلة التي نواجهها الآن هي أن الفاسدين لا يزالون يملكون القوة والنفوذ، وهم قادرون على تحريك أدواتهم من أجل الوقوف ضدنا»، مؤكدا أنه «في الوقت نفسه فإن التصعيد الذي بتنا نواجهه من الفاسدين والمرتبطين بهم وهو ما حصل خلال المظاهرة الأخيرة التي تعرضنا خلالها إلى شتى أنواع الضرب والإهانات، يعني أمرًا واحدًا وهو أن أصواتنا باتت قوية ومؤثرة، ولم يعد لدى الفاسدين من سبيل لوقف هذه الاحتجاجات سوى التصدي لها بهذه الطريقة التي أسفرت عن نمط جديد من التعامل مع مظاهرات سلمية ومع متظاهرين لا هدف لهم سوى الإصلاح».
من جهته، أكد الناشط المدني حميد قاسم أحد منظمي مظاهرات بغداد التي دخلت شهرها الرابع في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ملثمين تابعين لاستخبارات اللواء 56 الخاص بحماية المنطقة الخضراء، الذي لا يزال مواليا لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي شتموا المرجع الأعلى علي السيستاني ورئيس الوزراء حيدر العبادي، فضلا عن المقابر الجماعية التي ضمت رفات ضحايا النظام السابق التي تم اكتشافها بعد سقوطه عام 2003».
وقال قاسم إن «المخرج العراقي محمد الدراجي كان أحد متظاهري الثلاثاء الماضي أمام بوابة المنطقة الخضراء عند مدخل كرادة مريم، وأبلغ القوات الأمنية التي بدأت تحتشد لمحاصرة المتظاهرين أن أفلامه التي فازت بجوائز عالمية، ومن بينها الفيلم الخاص بالمقابر الجماعية الذي حصل على عشرات الجوائز التي رفعت رأس العراق في المحافل الدولية، وأنه يروم إيصال رسالة إلى البرلمان، فكان رد عدد من أفراد هذه القوة الأمنية (إلعن أبو لا أبو المقابر الجماعية)، بينما كانت قوات الجيش تتفرج دون أن تتدخل لحماية هذا المخرج الذي تعرض إلى ضرب مبرح من أفراد هذه القوة».
وأضاف أن «أحد المنظمين حاول تهدئة الموقف، قائلا لهم إن هذه المظاهرات مدعومة من المرجعية الدينية وبخاصة السيد السيستاني، فما كان من مجموعة منهم إلا أن ردت عليه بشتم السيستاني وأخرى لرئيس الوزراء حيدر العبادي بعد أن تعرض لعدة ركلات منهم».
وحول الأسباب التي دعت هذه القوة التي يفترض أنها تحمي المتظاهرين ولا تعتدي بالسب أو بالضرب، قال قاسم «من الواضح أن الانقسام السياسي داخل القوى السياسية لا سيما الكبيرة منها وتعدد الولاءات بين العبادي وخصومه، بدأت تنعكس ليس على أداء هذه القوات وإنما على نمط جديد يتمثل بتدخلها الواضح والسافر في المظاهرات التي لا تحمل سوى عنوان واحد وهو محاربة الفساد وتحقيق الإصلاحات»، مؤكدا أن «مظاهرة الثلاثاء كشفت لنا عن وجود نوعين من القوى الأمنية والعسكرية وهم قوات الجيش التي طالما طالبناها أن لا تكون مع الظالم على الشعب المظلوم، وهناك ملثمون ينتمون إلى جهات سياسية مسلحة لا تريد محاربة الفساد والفاسدين بل يبدو أنها تحميهم».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أمر بفتح تحقيق بشأن الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون. لكن الناطق باسم وزارة الداخلية سعد معن أعلن من جانبه أن «المنطقة الخضراء التي أراد المتظاهرون دخولها مستهدفة أمنيا، ولم يكن هناك إذن لدخولهم إليها»، مبينا أن «الأجهزة الأمنية منعت محاولات المتظاهرين من الدخول إلى مجلس النواب، فيما قامت بتوفير باصات لغرض نقل المتظاهرين إلى ساحة التحرير بعد رغبتهم في استمرار تظاهراتهم»، نافيا قيام قوة خاصة تابعة للواء 56 بالاعتداء على المتظاهرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».