الطائرات الروسية تقتل 403 مدنيين في سوريا بينهم 97 طفلاً

رئيس اللجنة الطبية: موسكو أصبحت شريكا في قتل الشعب السوري

جنود من قوات النظام السوري يجهزون أسلحتهم  قرب مطار كويرس العسكري في ريف محافظة حلب  (أ.ف.ب)
جنود من قوات النظام السوري يجهزون أسلحتهم قرب مطار كويرس العسكري في ريف محافظة حلب (أ.ف.ب)
TT

الطائرات الروسية تقتل 403 مدنيين في سوريا بينهم 97 طفلاً

جنود من قوات النظام السوري يجهزون أسلحتهم  قرب مطار كويرس العسكري في ريف محافظة حلب  (أ.ف.ب)
جنود من قوات النظام السوري يجهزون أسلحتهم قرب مطار كويرس العسكري في ريف محافظة حلب (أ.ف.ب)

أسفرت الغارات الجوية التي تشنها الطائرات الحربية الروسية على محافظات سوريا عدة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، عن مقتل 403 مدنيين بينهم 97 طفلاً، واتهمت منظمات طبية روسيا بقصف مستشفيات ميدانية، بينما نددت الأمم المتحدة بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. وشجبت ما سمتها «الفظاعات» التي ترتكبها الجماعات المتشددة في سوريا، والقصف العشوائي الذي يمارسه النظام السوري ولا يزال يحصد القسم الأكبر من القتلى المدنيين في البلاد.
ومن جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «آلاف الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية، قتلت أكثر من 1300 شخص، ثلثا هؤلاء من المقاتلين، كما أسفرت عن (استشهاد) 403 مدنيين من ضمنهم 97 طفلاً دون الـ18 من العمر و69 امرأة». ووثق «المرصد» أيضًا مقتل 381 عنصرًا من تنظيم داعش و547 مقاتلا من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة النصرة جراء الغارات على محافظات سوريا عدة. وكانت منظمات طبية عدة قد اتهمت روسيا بقصف مستشفيات ميدانية ومرافق تابعة لها في مناطق عدة في سوريا. لكن السلطات في موسكو تنفي بشدة التقارير التي تتحدث عن مقتل مدنيين في سوريا جراء غارات قواتها الجوية.
في هذه الأثناء، اتهم الدكتور جواد أبو حطب رئيس اللجنة الطبية في الائتلاف السوري المعارض، روسيا بـ«ارتكاب جرائم حرب في سوريا، والقتل المتعمّد للمدنيين خصوصًا الأطفال والنساء». وأكد أبو حطب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الضربات الجوية الروسية استهدفت بشكل مباشر ومتعمّد عددًا من المدارس و12 مستشفى ميدانيًا ومخيمات للمدنيين في غرناطة وريف حلب وحماه ودمشق ودرعا، أمام أنظار العالم الذي يلوذ بالصمت، وتحول إلى شريك بهذه الجريمة». وتابع قوله: «إن المناطق التي ارتكبت فيها الطائرات الروسية المجازر، ليس فيها أي وجود لـ(داعش) وهي مناطق أهلية»، قبل أن يتساءل: «ما مبررها لقصف مشفى غرناطة المتخصص بالتوليد والأطفال؟».
واعتبر أبو حطب أن روسيا «باتت جزءًا من الحرب علينا، ونحن لم نعد ننظر إليها إلا كعدوّ في الداخل السوري، لأنها شريك في القتل ولا يمكن أن تكون شريكًا في الحلّ. والمؤسف أننا رفعنا تقارير موثقة إلى الأمم المتحدة حول هذه الجرائم، لكن العالم يلوذ الآن بصمت أهل القبور».
ومعلوم أن روسيا بدأت في 30 سبتمبر (أيلول) حملة غارات جوية في سوريا، ادعت أنها «تستهدف تنظيم داعش ومجموعات إرهابية أخرى». غير أن الدول الغربية والفصائل المقاتلة السورية تتهمها باستهداف الفصائل المعارضة أكثر من تركيزها على الجماعات المتشددة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.