بعدما عانى ليو ميسي من الإصابة التي لحقت به في سبتمبر (أيلول) الماضي، من المقرر أن يتولى نيمار دفة قيادة برشلونة في لقاء الكلاسيكو اليوم وهو يتربع على قمة الدوري الإسباني بفارق ثلاث نقاط عن غريمه ريـال مدريد.
هم يتتبعون ليو ميسي خطوة بخطوة على طريق الشفاء رغبة منهم في رؤيته يتعافى من إصابته خطوة بخطوة.. هم يتتبعونه بدءا من كامب نو ملعب برشلونة مرورا بالمستشفى الذي يعالج به انتهاء باستاد سانتياغو بيرنابيو، معقل ريـال مدريد الذي يمكن أن يشاهد «الساحر الصغير» اليوم إذا كان بالفعل قد تعافى من إصابته. لقد بدأ العد التنازلي منذ لحظة قطع الرباط الصليبي في ركبته اليسرى أثناء مباراة فريقه أمام لا بالماس، ثم تسارع العد مع اقتراب الكلاسيكو، غير أن النغمة تغيرت، واختلف الوضع الآن؛ هناك توقعات بلا يأس، وإثارة بدلا من الخوف، فأهمية المباراة لا تأتي فقط من كونها قد تشهد عودة ميسي اليوم بملعب ريـال مدريد.
قام ميسي الأحد الماضي بالعدو والتسديد، ويوم الثلاثاء أكمل مباراة تدريبية، وسجل هدفا في الحارس مارك أندريه في مباراة استغرقت 80 دقيقة. ولاحقا كشف الرعاة عن نوع الحذاء الذي سوف يرتديه ميسي بملعب سانتياغو بيرنابيو، وهذه المرة استخدموا كلمة «سوف»، وليس «محتمل» عند الإشارة إلى مشاركته. وفي الصباح التالي، قال لويس سواريز إنه لا يعرف إذا ما كان ميسي سوف يشارك في المباراة من البداية أو كبديل، وهو ما يعني أن ميسي سوف يشارك في كلا الحالتين. لكن ماذا لو لم يشارك؟ إن لم يشارك، فليكن الأمر كذلك، فسوف يلعب سواريز ونيمار.
أثير سؤال مؤخرا وهو هل تغامر بميسي في «الكلاسيكو»؟ حتى وقت قصير كانت الإجابة ستكون: ما هذا السؤال؟ فالطريقة التي يُسأل بها السؤال توحي بالإجابة. قال أندرير أنيستا: «أنت دائما تفتقد ميسي»، وكانت الإجابة ردا على تلميحات لم يصرح بها فريق برشلونة. ورغم أن الجميع يكرر دوما أن ميسي ليس له بديل، فقد حدث أن حل سواريز ونيمار محله عدة مرات من قبل. وإذا كان على المدرب أن يكرر هذا في المباراة القادمة، فليكن كذلك. ومنذ ظهور ميسي، لم يفته سوى مباراتين في الكلاسيكو في موسمي 2005 - 2006 وفي 2007 - 2008، ولم يفز برشلونة في أي منهما، ولذا فهم يتمنون لو أن ذلك لن يتكرر للمرة الثالثة، رغم أنهم في هاتين المواجهتين لم يكونوا مسلحين ببدائل كما هو الحال اليوم.
أصيب ميسي في مباراة فريقه أمام لا بالماس في 26 سبتمبر الماضي، أي قبل زيارته لريـال مدريد بثمانية أسابيع، وهي الفترة التي تمنى له فيها الأطباء التعافي رغم أنه لم يكن هناك ما يضمن ذلك. فعندما يضع ميسي قدميه في الملعب يصمت الجميع. وجاء عنوان إحدى الصحف مكتفيا بكلمة واحدة «بسرعة»، في حين جاء عنوان آخر «لا معنى من دون ميسي»، وكانت أحلامهم جميعا معلقة بعودته، متمنين أن تكون العودة في وقتها – في الكلاسيكو. كانت هذه هي المشاعر بعد إصابة ميسي مباشرة، ولكنهم بدأوا بعد ذلك في الاستمتاع من دونه. كان برشلونة يتخلف بنقطة خلف ريـال مدريد الذي كان يراهن على استغلال غياب ميسي، لكن ما حدث أن برشلونة يلعب اليوم أمام ريـال مدريد وهو يتقدم عنه بثلاث نقاط.
فعلى مدار عشر مباريات من دون ميسي، فاز برشلونة بثماني مباريات، وتعادل في مباراة الذهاب بكأس إسبانيا أمام فريق فيلانوفينس حيث لعب برشلونة بالفريق الرديف، وخسر في مباراة واحدة أمام إشبيلية، الذي خسر ريـال مدريد أمامه أيضا. لم يمر سوى خمس دقائق من بداية المباراة أمام لا بالماس حتى أصيب ميسي، غير أن سواريز سجل هدفين، ومن هنا سارت الأمور للأمام. ففي السجال بينهما، تقاسم سواريز ونيمار تسجيل الأهداف الستة عشر التي سجلها برشلونة في غياب ميسي بواقع ثمانية أهداف لكل منهما، وسجل اللاعبان 20 هدفا من إجمالي 23 هدفا في كل المسابقات، بواقع عشرة أهدف لكل منهما.
ربما لا يشكل ذلك مفاجأة، ففي الحقيقة، كان نيمار وسواريز اثنين من أكثر ثلاثة لاعبين تسجيلا للأهداف (إضافة إلى ميسي)، حيث سجلوا جميعا 122 هدفا في الموسم الماضي - بواقع 45 هدفا لميسي، و42 هدفا لنيمار، و35 هدفا لسواريز.
وفي حال استمر ميسي، وهو من يعتبرونه الأفضل بينهم، فإن اختيار وصف رمح ثلاثي الشعب هو الأدق، إذ إن اللاعبين الثلاثة أصدقاء مقربون إضافة إلى كونهم زملاء في الملعب. وقال نيمار «غيرت من طريقة لعبي ومن حياتي كلها كثيرا، فقبل مجيئي إلى هنا قالوا: إنني سوف أتقاتل مع ميسي، لكني كنت أعلم أن هذا لن يحدث»، مضيفا: «فقد ساعدني ميسي من البداية».
لم يحجب تفوق اللاعب الأرجنتيني تألق بقية اللاعبين، حتى بعد أن وضعوا أنفسهم في خدمته، سواء أمام الناس أو فيما بينهم لدعمه، وهو ما يفعلونه في غيابه، خاصة الآن. وحسب جورج فالدانو (لاعب أرجنتيني سابق ولعب لريـال مدريد): «كان نيمار يشعر أنه كبير خدم ميسي، لكنه الآن يشعر أنه شريكه».
سجل نيمار وسواريز في نهائي دوري الأبطال ببرلين، مما جعل سجل أهداف اللاعبين الثلاثة يسير بواقع 10 أهداف لنيمار، و10 لسيواريز، و9 لميسي، وفي عام 2015. أثبت الثلاثي أنهم بالفعل أفضل خط هجوم في العالم. ربما لا ينطوي الأمر على مفاجأة، فقد كلف سواريز ناديه 80 مليون يورو، وما زالت قيمة صفقة نيمار محل جدل لكن قيمتها تبلغ نحو 57 مليون يورو على الأقل. وفي موسمه الأول مع برشلونة، سجل نيمار 15 هدفا، وصنع 13 هدفا، بينما في الموسم الماضي صنع 7 أهداف إضافة إلى حصيلته البالغة 42 هدفا.
وكان مكتشف نيمار، ميرسي رامالو، صرح لصحيفة «إل بي» بأن نيمار «سوف يكون أحسن لاعب في العالم»، في حال تراجع مستوى رونالدو وميسي. ربما أن غياب الآخرين بسبب الإصابة أو تراجع المستوى هو ما حدث بالفعل، لكن مستواه ما زال يرتفع بشكل مذهل ويتطور أداؤه بشكل رائع، و«يعتبر ثاني أفضل لاعب في العالم بعد ليو ميسي»، وفق تصريح سواريز هذا الأسبوع.
وقال نيمار بأنه يشعر مؤخرا أنه في بيته أكثر من أي وقت مضى، فقد أدى هو وسواريز دوريهما الموسم الماضي، وقدما نفسيهما بشكل مختلف على مدى 10 أسابيع. وأفاد سواريز «ندرك جميعا أدوارنا، فأنا لا أراوغ ثلاثة أو أربعة لاعبين كما يفعل نيمار». يفعل نيمار هذا وأكثر، ففي غياب ميسي فإن دوره هو القيادة، حتى وإن كان يريد أن يبدو روماريو أو رونالدينهو. وأكد مدرب برشلونة لويس إنريكي أنه لم يطلب من نيمار أن يغير أي شيء أو أن يتحمل أي مسؤولية إضافية، إلا أن نيمار ربما تحملها من تلقاء نفسه ومن غير قصد وبشكل واضح. غير أنه كان هناك إخفاق وإن لم يكن ملحوظا وتستطيع أن تلمسه في مباراة إشبيلية قبل ثماني مباريات، حيث خسر برشلونة واستقبلت شباكه هدفين في ست دقائق. وشهدت تلك الفترة عودة غير مكتملة لنيمار إلا أنها شهدت قيادته للفريق، وارتطمت تصويباته بالقائم أربع مرات.
انتقل محور إبداع برشلونة من اليمن لليسار، من ميسي (وداني وإلفيس) إلى نيمار (وجوردي وألبا)، وإن كان وجود نيمار في اليسار لم يمنعه من الانتشار. وقال مدرب المنتخب البرازيلي دونغا: «انظر للإحصائيات وسوف تدرك أنه أفضل لاعب في العالم حاليا»، فعدد لمساته للكرة (متوسط عدد لمسات اللاعب للكرة في المباراة نحو 85 لمسة) زادت بواقع الثلث في الموسم الأخير وهو الآن على وشك مضاعفة عدد تصويباته على المرمى. يؤدي نيمار أيضا المزيد من المراوغات، والتمرير المؤثر، وصنع 14 هدفا من إجمالي 16 هدفا سجلها برشلونة في الفترة الأخيرة، وكان هداف مسابقة الدوري الإسباني «لا ليغا» بتسجيله 11 هدفا. يبلغ عمر نيمار حاليا 23 عاما ويعيش في دولة أجنبية يتعين عليه فيها تغيير أسلوب لعبه وكذلك تعلم لغة أخرى، ولم يشارك في بداية الدوري بسبب إصابته بمرض الغدة النكفية. وخضع والد نيمار، والمدير السابق لناديه، ومدير ناديه الحالي وإدارة ناديه كلهم لتحقيق بسبب التلاعب الضريبي في ضوء تقارير للمدعي العام تشير إلى أن القيمة الحقيقية للصفقة 87 مليون يورو، وليست 57 مليون كما قيل، ناهيك عن قضيه أخرى رفعتها ضده شركة دي أي إس. وفي بلده البرازيل، جُمدت أصوله التي تقدر قيمتها بنحو 33 مليون جنيه إسترليني.
ومع استمرار مفاوضات تجديد العقد وفي ضوء الاتصالات من أندية أخرى، يؤكد والد نيمار على رغبة ابنه في البقاء في برشلونة، غير أنه لم يغلق باب الرحيل نهائيا، مشددا على سعيهم للحصول على «حماية قضائية» و«راحة البال» حتى يقررا البقاء في إسبانيا، مضيفا: لا أريد استخدام كلمة «مضايقات». غير أن الأب استخدم كلمات تحمل معنى الهجوم، قائلا: «على مدى عاملين ونصف كلنا علينا دوما الدفاع عن أنفسنا». ربما لم يكن أسبوع الكلاسيكو الوقت الأمثل للتفكير في إمكانية الرحيل، ولا الحديث في مثل تلك المشكلات، وطالما لم يكن لتلك المشكلات تأثير على أداء نيمار حتى الآن، فليس هناك سبب للتخوف من تلك المؤثرات في الوقت الحالي أيضا، فقد سجل 183 هدفا، متفوقا على رونالدو (118 هدفا) وحتى ميسي (150) عندما كانا في مثل عمره. ما يتعرض له نيمار من ضغوط في الملعب لا يؤثر عليه بحال، فضغط المباريات وقيادة الفريق كلها فجرت طاقات إضافية داخله. هو أيضا لا عب مزاجي، علاوة على موهبته، ومهاراته وشجاعته، فتراه دوما يجري إلى الناس.
وحسب لويس إنريكي: «هو لاعب كهربائي، فعندما يجري إلى داخل منطقة الجزاء، فإما يحصل على ضربة جزاء أو يسجل». لم يعد الكثير من اللاعبين قادرين على خداع المدافعين، غير أن نيمار بمقدوره أن يفعل ذلك، فحركة قدميه تصيب المدافعين بالجنون وتستفز اللاعبين أمامه. ولقبه مدير القسم الرياضي ببرشلونة، روبرت فرنانديز: «بالساحر». عندما يتسلم نيمار الكرة في العمق، تراه ينطلق بعيدا عن سواريز في اليسار، وفي مرات أخرى عندما يتسلمها يرفعها فوق رأس جومي كوستا ثم يمررها بطيئة على الأرض في اتجاه بينما ينظر في الاتجاه الآخر. تحاكي حركة اللاعب حركة الكرة نفسها في تناغم وكأنهما راقصان يؤديان رقصة ثنائية بأن يتباعدا ثم يتقاربا ليلتقيا في المنتصف، ثم يمررها من فوق الخصم للمرة الثالثة.
وقال جيرارد بيك: «لا أعرف كيف يؤدي نيمار تلك الحركة، لو أردت أن أقلده فسوف أسقط على الأرض»، فكانت تلك هي الحركة التي سجل بها نيمار هدفه الثامن في تسع مباريات، في المباراة السادسة عشر على التوالي بالدوري التي تناوب نيمار وسواريز التسجيل فيها، وهي المباراة الأخيرة قبل مباراة ملعب برنابيو وقبل عودة ميسي مجددا. أضاف بيكيه: «لا غرابة إذن في أن نرى الجميع متحمسين بهذه الدرجة، فمسابقة الكلاسيكو تشعل في نفسي روح الإثارة».
نيمار من «خادم» ميسي إلى سيد القصر
الجميع يكرر دومًا أن الأرجنتيني ليس له بديل.. حتى تألق برشلونة من دونه مع البرازيلي وسواريز
نيمار من «خادم» ميسي إلى سيد القصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة