الجيش اللبناني يقصف {داعش} على حدوده الشرقية

مصدر أمني: نتعاطى مع أعمال منظمة ومتزامنة تعتمد على الانتحاريين

الجيش اللبناني يقصف {داعش}  على حدوده الشرقية
TT

الجيش اللبناني يقصف {داعش} على حدوده الشرقية

الجيش اللبناني يقصف {داعش}  على حدوده الشرقية

كثّف الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية الأخرى، أمس الأربعاء، من عملياتهم الاستباقية بعد التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت الأسبوع الماضي، وتنبيه وزير الداخلية نهاد المشنوق من «قرار كبير بالتفجير»، فوسعت القوى الأمنية حملة المداهمات لتطال معظم المناطق اللبنانية، بينما استهدفت القوى العسكرية المنتشرة على الحدود الشرقية للبلاد مسلحي تنظيمي داعش وجبهة النصرة في منطقتي جرود عرسال ورأس بعلبك، موقعة قتلى وجرحى في صفوفهم.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الجيش اللبناني استهدف «تحركات المسلحين الإرهابيين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في جرود عرسال ورأس بعلبك، وأوقع في صفوفهم عددا من القتلى والجرحى في محيط الملاهي في عرسال»، مع الإشارة إلى مسلحي «النصرة» يتمركزون في جرود عرسال ومسلحي «داعش» في رأس بعلبك.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إنّه يتم استهداف المسلحين على الحدود الشرقية للبلاد «بشكل شبه يومي»، لافتا إلى أن الجيش «يرصد تحركات الإرهابيين من خلال طائرات سيسنا، وعندما يتمكن من تحديد إحداثيات لتجمع كبير لهم يتم استهدافه بالمدفعية بمعظم الأوقات».
وتحدث المصدر عن «مرحلة صعبة» من الناحية الأمنية، مشيرا إلى «خطر إرهابي حقيقي وجدي، لا يقتصر على لبنان، بل يطال كل دول العالم دون استثناء». وأضاف: «واضح أن داعش أعاد تنظيم صفوفه وأتم كل استعداداته، وبناء على ما عايشناه مؤخرا يمكن القول إننا نتعاطى مع أعمال منظمة ومتزامنة تعتمد على الانتحاريين».
واعتبر المصدر أن «رصد التنظيم 5 انتحاريين لتنفيذ العملية الأخيرة في منطقة برج البراجنة يشير إلى قدرات عالية للإرهابيين بتأمين كل هذا العدد من الانتحاريين دفعة واحدة، علما بأنّه كان يُخطط لعملية انتحارية متزامنة مع تفجير البرج في شمال البلاد». وقال: «بعد نحو عام من الارتياح الأمني نتيجة الإنجازات الكبيرة للأجهزة الأمنية اللبنانية على صعيد إلقاء القبض على الرؤوس المخططة والقادة، يبدو أن (داعش) أعاد إحياء خلاياه ولذلك سيسعى لتنفيذ مزيد من العمليات عبر انتحاريين، مستفيدا من ثغرات أمنية محددة».
وفي سياق العمليات الاستباقية، وبناء على تحقيقات مع موقوفين لدى الأجهزة الأمنية، أوقف الجيش يوم أمس أكثر من 20 سوريا في عمليات دهم خيام ومنازل سوريين شرق البلاد. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن عناصر من مخابرات الجيش نفذوا عمليات دهم لخيام ومنازل لسوريين في بلدتي حوش عرب وحوش سنيد في قضاء بعلبك، وأوقفوا أكثر من 20 شخصًا وصادروا دراجات نارية.
وتحدثت مواقع تابعة لحزب الله عن مصادرة القوى الأمنية خلال مداهماتها شمال لبنان بحثا عن مطلوبين على علاقة بأحد الانتحاريين الموقوفين، 250 كيلوغرامًا من المتفجرات ولوازمها و500 صاعق مجهز بالإضافة إلى 4 أحزمة ناسفة مجهزة للتفجير، لافتة إلى أنّه تمت أيضًا مصادرة قاذفات صاروخية وأسلحة متوسطة في منطقة البقار في القبة بعد توقيف شخصين. وفي ساعات ما بعد الظهر، أفيد بسقوط صاروخ مجهول المصدر في أرض زراعية في بلدة اللبوة البقاعية على السلسلة الشرقية، من دون تسجيل أي إصابات. أما في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث تتضاعف المخاوف من تفجيرات تستهدف المنطقة كرد فعل على مشاركة حزب الله في الحرب السورية، فتم يوم أمس تشديد الإجراءات الأمنية وخصوصا عند المداخل التي تم تقليص عددها. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «العشرات من عناصر اتحاد بلديات الضاحية انتشروا على حواجز أقيمت في المنطقة حيث تم التدقيق بهويات غير اللبنانيين وتفتيش السيارات والدراجات النارية تفتيشا دقيقا، ما تسبب في زحمة سير خانقة».
ويحل عناصر اتحاد بلديات الضاحية مكان عناصر حزب الله وحركة «أمل» الذين اعتادوا اتخاذ إجراءات أمنية معينة بعد كل تفجير، إلا أنه وبعد اتفاق سياسي سابق على سحب المظاهر المسلحة من الشوارع وتسليم أمن الضاحية لأجهزة الدولة، بات وجود عناصر الحزب والحركة في المنطقة غير علني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».