تستعد شوارع العاصمة الليبية طرابلس لموعد جديد وقريب مع معارك عنيفة بين الميليشيات المسلحة التي تهيمن عليها منذ العام الماضي، حيث بدأت هذه الميليشيات، وفقا لما أكدته عدة مصادر أمنية وعسكرية، إضافة لشهود عيان وسكان محليين، لـ«الشرق الأوسط»، في حشد قواتها على الأرض بشكل لافت للانتباه.
وعقد نحو 14 من قادة هذه الميليشيات اجتماعا مفاجئا ونادرا مساء أول من أمس بأحد فنادق العاصمة طرابلس، قالوا عقبه في بيان رسمي، لا يخلو من لغة التهديد والوعيد: «نحن لسنا دعاة حرب ولسنا مروجي فتنة، ولكن إذا دقت طبولها فنحن رجالها وقادرون عليها». وقال البيان الذي صدر عقب اجتماع، حمل اسم تنظيم جديد على ما يبدو هو «كتائب وقادة ثوار طرابلس»، إن «بعض الميليشيات باتت تتصرف وكأنها شرطة العاصمة، وتفرض سيطرتها على المدينة».
وأضاف البيان أن «المساس بمدينة طرابلس ومؤسساتها الخدماتية منها والأمنية والعسكرية يعد مساسا بثورة 17 فبراير (شباط) عام 2011، وتعديا صارخا على شرعية الدولة مهما كانت الحجج والمبررات»، مؤكدا أن «تأمين العاصمة ليس مقتصرا فقط على كتائب معينة قالت إنها أخذت السبق في محاصرة أحد المقرات، فأخذت تكليفها عنوة وكرها».
ولفت سكان محليون في العاصمة إلى وجود تحركات مريبة لعناصر مسلحة وآليات عسكرية في معظم أنحاء المدينة، خاصة في اتجاه طريق المطار المغلق منذ العام الماضي. ونقلت وكالة الأنباء الليبية الرسمية، الموالية للسلطات الشرعية المعترف بها دوليا في البلاد، عن مصدر مطلع في طرابلس، أن أمراء الكتائب توعدوا بدق طبول الحرب ضد ميليشيات مصراتة، التي اقتحمت مقرا لميليشيات عبد الغني الككلي (أغنيوة). وكشف المصدر النقاب عن أن قادة الميليشيات توعدوا بإخراج ميليشيات مصراتة من طرابلس بشكل نهائي، بعدما اتهموها بالتورط في أعمال إجرامية، لافتا إلى أن ميليشيات «أغنيوة» والمغربي تحتشد بالمدرعات والدبابات على الطريق الساحلي للمدينة في مواجهة ميليشيات مصراتة، التي تقوم بتجميع قواتها وآلياتها في منطقتي خلة الفرجان ومعسكر اليرموك.
من جهتها، سارعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا إلى توجيه نداء عاجل للمجتمع الدولي للتدخل فورا من أجل حماية أمن وسلامة أرواح المدنيين بالعاصمة، وحذرت من أن المدينة تتعرض لما وصفته بالخطر الداهم الذي يهدد أكثر من مليون ونصف المليون مواطن يقيمون فيها في هذه الساعات التي وصفتها أيضا بالحرجة. ولاحظت في بيان لها أن ميليشيات طرابلس تستعد لمواجهات، من خلال مخزون هائل من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، محذرة من وقوع ما يترتب عليه كارثة سيدفع ثمنها المئات من المدنيين.
في موازاة ذلك، أعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، السابق والمنتهية ولايته، رسميا أمس عن وقف يونس البرعصي، وزير المالية في ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، عن ممارسة مهامه مؤقتا، إذ قال نوري أبو سهمين إنه تقرر تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في ما نسب إلى البرعصي من تجاوزات، مشيرا إلى تفويض رئيس الحكومة خليفة الغويل بتكليف أحد الوزراء مؤقتا لتسيير عمل الوزارة، إلى حين صدور قرار يعالج موضوع الوزير بصفة دائمة.
إلى ذلك، أقرت الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني، بتعرض مقر وزارة الخارجية التابع لها في مدينة البيضاء بشرق البلاد لعملية اقتحام من قبل مسلحين، اعتدوا أيضا بالضرب على وكيل وزارة الخارجية حسن الصغير. وقالت الحكومة المعترف بها دوليا في بيان لها إن مجموعة مسلحة بالأسلحة النارية والبيضاء اقتحمت مقر الوزارة واعتدت بالضرب على الصغير ومدير مكتبه، وعلى بعض الموظفين وأفراد الأمن، مشيرة إلى نقل بعضهم إلى المستشفى لتلقي العلاج.
ودعت الحكومة مديرية أمن البيضاء إلى اتخاذ كل الإجراءات القانونية لملاحقة المتورطين في هذه الواقعة، كما دعت أيضا إلى تشديد الرقابة الأمنية على كل مؤسسات الدولة وحمايتها، وحماية العاملين فيها حتى يتمكنوا من أداء عملهم بالشكل المطلوب.
وأصبحت حوادث الاعتداء على المقرات الرسمية للدولة والحكومة واقتحامها سمة أساسية في ليبيا، وذلك بعد نحو أربع سنوات من الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) عام 2011.
أمراء الحرب في العاصمة الليبية يستعدون لحرب شوارع جديدة
برلمان طرابلس يوقف وزير المالية ويحوله للتحقيق
أمراء الحرب في العاصمة الليبية يستعدون لحرب شوارع جديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة