كردستان العراق يعيد حساباته مع تراجع إيرادات النفط

حكومة الإقليم تسعى لتنويع اقتصاده والنهوض بالزراعة

كردستان العراق يعيد حساباته مع تراجع إيرادات النفط
TT

كردستان العراق يعيد حساباته مع تراجع إيرادات النفط

كردستان العراق يعيد حساباته مع تراجع إيرادات النفط

تسعى حكومة إقليم كردستان من خلال مجموعة من الخطط الاستراتيجية من أجل النهوض بالقطاع الزراعي لكي يكون أحد البدائل الاقتصادية للنفط الذي تشهد أسعاره انخفاضا كبيرا، وفي الوقت ذاته العمل من أجل تغيير اقتصاد الإقليم إلى اقتصاد متعدد المصادر بدلا من الاقتصاد الريعي، تفاديا لأي أزمة اقتصادية قد يوجهها الإقليم بسبب انخفاض أسعار النفط مستقبلا.
وقال وزير التخطيط في حكومة إقليم كردستان، علي سندي، لـ«الشرق الأوسط»: «كردستان كانت تعتبر لعقود من الزمن السلة الغذائية لكل العراق. ولكن بسبب الظروف التي مر بها العراق في العقود الأخيرة أُهمل القطاع الزراعي من قبل الأنظمة السابقة. أما الآن، فيوجد اهتمام وتوجه كبير من قبل حكومة الإقليم بهذا القطاع، لكن هذا أيضا يتطلب وقتا».
واحتضنت مدينة أربيل خلال الأيام الثلاثة الماضية معرض أربيل الدولي للزراعة والمنتجات الغذائية. وفي هذا السياق بيّن سندي بالقول: «إقامة المعرض في هذه الظروف في إقليم كردستان وهو يشهد ظروف الحرب وكذلك الأزمة المالية بسبب هبوط أسعار النفط وبسبب المشكلات العالقة بين الإقليم وبغداد، لكن رغم ذلك نشاهد أكثر من 130 شركة مشاركة من 20 دولة. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن أسواق كردستان لا تزال جذابة بالنسبة إلى المستثمرين وبالنسبة إلى الشركات الأجنبية. الذين هم هنا ليس لعرض منتجاتهم فقط، بل لعرض القابليات التي لديهم في مجالات تطوير القطاع الزراعي وتطوير مجالات الاستثمار وتطوير قطاع الصناعة الزراعية».
من جهته، قال وزير الزراعة في حكومة إقليم كردستان، عبد الستار مجيد، لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا خطط لتنمية القطاع الزراعي، خصوصا المواد التي تخص المواطنين في إقليم كردستان. والحمد لله، هذه السنة تزايد الإنتاج الزراعي في الإقليم بشكل جيد».
وعن دور المعرض في تطوير القطاع الزراعي في الإقليم، شدد مجيد بالقول: «المعرض يساهم في تطوير القطاع الزراعي، فنحن عرضنا فيه منتجاتنا الداخلية، بالتأكيد ستلقي الشركات والدول التي شاركت فيه نظرة على هذه المنتجات، وستترك لهم فكرة عن منتجاتنا من أجل التعريف عن إنتاج الإقليم، بالإضافة إلى أن ما يحتاجه القطاع الزراعي في كردستان موجود في المعرض».
وقررت وزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان، خلال اليومين الماضيين، منع استيراد الذرة إلى أجل غير مسمى، ضمن خططها لدعم المنتج المحلي، لأن الإقليم يشهد حاليا موسم حصاد الذرة الذي شهد، وبحسب مصادر مطلعة في وزارة الزراعة، ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الماضية، حيث ارتفع من ثلاثة آلاف طن إلى 23 ألف طن. وأصدر الإقليم قانون رقم (4) في عام 2008 للحفاظ على المحاصيل المحلية، ومنذ ذلك الوقت وحتى عام 2014 تبنت حكومة الإقليم سياسة خاصة في هذا المجال تمثلت بمنع دخول المحاصيل الأجنبية إلى الإقليم أثناء حلول مواسم نضوج وحصاد المحاصيل الزراعية، وفي عام 2015 الحالي غُيرت هذه الآلية بآلية أخرى تتمثل بوضع رسوم جمركية على المحاصيل الأجنبية التي تدخل الإقليم أثناء مواسم نضوج وحصاد المحلية.
وقال سامان كريم، أحد الفلاحين الذين يزرعون محصول الذرة، لـ«الشرق الأوسط»: «البذور والآليات الزراعية وكل ما نحتاجه في زراعة المحاصيل نحصل عليها بأسعار باهظة جدا. وفي المقابل، الإنتاج لا يلقى رواجا في السوق ونضطر إلى بيعه بأسعار زهيدة رغم جودة المحصول، الأمر الذي يجعلنا لا نزرع في السنوات القادمة، وعلى الرغم من أن الحكومة تمنع استيراد المنتجات الزراعية في مواسم حصادها في الإقليم، فإن غياب الرقابة المحكمة تتسبب في دخول كميات من هذه المنتجات المستوردة».
من جهته، يرى المهندس الزراعي مصطفى محمد، الذي يعتبر أحد الفلاحين الأكاديميين في أربيل، وتمكن خلال السنوات الماضية من تحقيق نجاح كبير في مجال زراعة البطاطا والقمح والذرة والبطيخ الأحمر، أن الفلاح في الإقليم بحاجة إلى التثقيف عن طريق تزويده بالمعلومات الضرورية حول كيفية الزراعة من أجل الحصول على إنتاج وفير وجيد. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الفلاح في الإقليم بحاجة إلى أن تضع حكومة الإقليم، خصوصا وزارة الزراعة، خطة لمدة خمسة أعوام لزيادة الإنتاج الزراعي بالاعتماد على البنك الزراعي، عن طريق إعطاء السلف الزراعية للفلاحين بشكل طويل الأمد، فالسلف الزراعية التي قدمتها الحكومة للفلاح في الإقليم خلال السنوات الماضية، كانت لها تأثيرات على الإنتاج، لكنها لم تكن بالمستوى المطلوب، وتوقف صرف هذه السلف منذ نحو عامين بسبب الأزمة الاقتصادية».
وتغزوا المحاصيل الزراعية الإيرانية والتركية أسواق إقليم كردستان العراق، فالمنتجات المحلية لا تكاد توجد رغم مواصلة الفلاحين لإنتاجهم المحلي، وعن أسباب ورود هذه المحاصيل إلى الإقليم رغم فرض القيود عليها، كشف مصدر في وزارة الزراعة، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «هذه المحاصيل تدخل الإقليم عن طريق التهريب بطريقتين، الأول عن طريق مناطق العراق الأخرى التي لا توجد فيها أي قيود على المحاصيل الواردة من إيران، أما الطريقة الأخرى فهي عن طريق المهربين».



«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
TT

«موديز» ترفع توقعاتها لنمو الصين في 2025 رغم التحديات التجارية

العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)
العلم الوطني الصيني أمام منطقة الأعمال المركزية في هونغ كونغ (رويترز)

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لعام 2025 إلى 4.2 في المائة من 4 في المائة، حيث توقعت استقرار ظروف الائتمان، وأن تؤدي جهود التحفيز التي بذلتها بكين منذ سبتمبر (أيلول) إلى التخفيف من بعض التأثيرات المحتملة للزيادات في التعريفات الجمركية الأميركية.

في المقابل، أظهرت بيانات وزارة المالية أن الإيرادات المالية للصين في أول 11 شهراً من عام 2024 انخفضت 0.6 في المائة مقارنة بالعام السابق، مما يمثل تحسناً طفيفاً عن الانخفاض بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول). من ناحية أخرى، نما الإنفاق المالي بنسبة 2.8 في المائة في الفترة نفسها، مقارنة بزيادة قدرها 2.7 في المائة في أول 10 أشهر من العام.

نمو صناعي وتراجع استهلاكي

كما شهد الناتج الصناعي في الصين نمواً طفيفاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما جاءت مبيعات التجزئة مخيبة للآمال، مما عزز الدعوات إلى زيادة التحفيز الذي يركز على المستهلكين. وتعكس البيانات المتباينة التحديات الكبيرة التي يواجهها قادة الصين في تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام قبل عام 2025 في وقت قد تشهد فيه العلاقات التجارية مع أكبر سوق تصدير للصين تدهوراً، في حين يبقى الاستهلاك المحلي ضعيفاً، بحسب وكالة «أسوشييتد برس».

وأوضح المحللون أن تعهد ترمب بفرض تعريفات تصل إلى 60 في المائة على السلع الصينية قد يدفع بكين إلى تسريع خططها لإعادة التوازن إلى اقتصادها البالغ حجمه 19 تريليون دولار، وهو ما يعكس أكثر من عقدين من النقاشات حول التحول من النمو المدفوع بالاستثمار في الأصول الثابتة والصادرات إلى نموذج اقتصادي يعتمد بشكل أكبر على الاستهلاك.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن الناتج الصناعي نما بنسبة 5.4 في المائة في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى نمو قدره 5.3 في المائة. ومع ذلك، سجلت مبيعات التجزئة، التي تعد مقياساً رئيساً للاستهلاك، أضعف زيادة لها في ثلاثة أشهر بنسبة 3 في المائة، وهو ما جاء أقل من الارتفاع المتوقع بنسبة 4.6 في المائة، وأقل من معدل النمو في أكتوبر البالغ 4.8 في المائة.

وأشار دان وانغ، الخبير الاقتصادي المستقل في شنغهاي، إلى أن السياسات الاقتصادية الصينية كانت تروج بشكل مستمر للمصنعين على حساب المستهلكين، على الرغم من مؤشرات الضعف المستمر. وأضاف أن بكين قد تتجه نحو تعزيز القدرة الإنتاجية، مما قد يفاقم مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية، ويحفز الشركات الصينية للبحث عن أسواق جديدة خارجية.

كما شهد الاستثمار في الأصول الثابتة نمواً أبطأ بنسبة 3.3 في المائة في الفترة بين يناير ونوفمبر، مقارنة بتوقعات كانت تشير إلى نمو بنسبة 3.4 في المائة.

وفيما يتعلق بالسياسات المستقبلية، عبر صناع السياسات عن خططهم لعام 2025، مع الأخذ في الاعتبار أن عودة ترمب إلى البيت الأبيض قد تضع ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الصيني. وقال مسؤول في البنك المركزي الصيني إن هناك مجالاً لمزيد من خفض الاحتياطيات النقدية، رغم أن التيسير النقدي السابق لم يحقق تعزيزاً كبيراً في الاقتراض.

من ناحية أخرى، يواصل قطاع العقارات معاناته من أزمة طويلة الأمد تؤثر على ثقة المستهلكين، حيث تُعد 70 في المائة من مدخرات الأسر الصينية مجمدة في هذا القطاع. وفي الوقت نفسه، لا يزال من المبكر الحديث عن تعافٍ حقيقي في أسعار المساكن، رغم وجود بعض الإشارات المشجعة مثل تباطؤ انخفاض أسعار المساكن الجديدة في نوفمبر.

وفي إطار هذه التطورات، أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الصين ستعزز من النمو المستدام في دخل الأسر خلال عام 2025 من خلال تكثيف الدعم المالي المباشر للمستهلكين، وتعزيز الضمان الاجتماعي. وقد حددت الصين توسيع الطلب المحلي بصفته أولوية رئيسة لتحفيز النمو في العام المقبل، في ظل استمرار التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع العقارات المتضرر من الأزمة، والتي تعرقل الانتعاش الكامل.

ونقلت الوكالة عن مسؤول في اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية قوله إن الصين ستزيد بشكل كبير من الأموال المخصصة للسندات الخاصة طويلة الأجل في العام المقبل، لدعم الترقيات الصناعية، وتعزيز نظام مقايضة السلع الاستهلاكية، بهدف تحفيز الاستهلاك. وأوضحت أن هذه الخطوات ستتركز على تعزيز دخل الأسر من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الاستهلاك، وتحسين الضمان الاجتماعي، وخلق مزيد من فرص العمل، وتطوير آليات نمو الأجور، بالإضافة إلى رفع معاشات التقاعد للمتقاعدين، ودعم التأمين الطبي، وتنفيذ سياسات تهدف إلى تشجيع الإنجاب.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة «شينخوا»: «من خلال متابعة الوضع الاقتصادي الحالي، نتوقع أن يكون النمو الاقتصادي السنوي نحو 5 في المائة». كما توقع المسؤول أن تشهد سوق الإسكان مزيداً من الاستقرار، ودعا إلى اتخاذ تدابير سياسية ذات تأثير مباشر على استقرار القطاع العقاري في أقرب وقت، مع منح الحكومات المحلية مزيداً من الاستقلالية في شراء المخزون السكني.

من جانبه، أعرب جوليان إيفانز بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»، عن اعتقاده بأن التحفيز الاقتصادي في نوفمبر من المرجح أن يكون مؤقتاً، مع احتمالية تعافي النمو في الأشهر المقبلة بفضل الدعم السياسي الزائد. ولكنه أشار إلى أن هذا التحفيز لن يحقق أكثر من تحسن قصير الأمد، خاصة أن القوة الحالية للطلب على الصادرات من غير المرجح أن تستمر بمجرد أن يبدأ ترمب في تنفيذ تهديداته بشأن التعريفات الجمركية.

تراجع الأسواق الصينية

وفي الأسواق المالية، انخفضت الأسهم الصينية بعد أن أظهرت البيانات ضعفاً غير متوقع في إنفاق المستهلكين، في حين راهن المستثمرون على مزيد من الدعم السياسي لتحفيز النمو الضعيف. وفي فترة استراحة منتصف النهار، تراجع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية الصينية بنسبة 0.37 في المائة، ليضيف إلى التراجع الذي شهده الأسبوع الماضي بنسبة 1 في المائة.

في المقابل، سجل مؤشر «شنغهاي المركب» ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 3395.11 نقطة. وانخفض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 1.04 في المائة، في حين خسر مؤشر العقارات 1.41 في المائة وضعف مؤشر الرعاية الصحية الفرعي بنسبة 0.94 في المائة. كما تراجع مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.57 في المائة ليغلق عند 19856.91 نقطة.

وعلى الصعيد الإقليمي، تراجع مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الآسيوية باستثناء اليابان بنسبة 0.20 في المائة، بينما انخفض مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.18 في المائة. أما اليوان، فقد تم تسعيره عند 7.2798 مقابل الدولار الأميركي، بانخفاض بنسبة 0.09 في المائة مقارنة بإغلاقه السابق عند 7.2731.