قال وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن، أمس، إن أجهزة المخابرات البريطانية تطور القدرة على شن هجمات إلكترونية على الإرهابيين والمتسللين، محذرا من أن مقاتلي تنظيم داعش يرغبون في شن هجمات إلكترونية توقع قتلى.
وأضاف أوزبورن أن مقاتلي التنظيم يحاولون تطوير القدرة على مهاجمة البنية التحتية لبريطانيا، مثل المستشفيات وأنظمة التحكم في المسارات الجوية، ما قد يجلب عواقب مميتة. وتابع أوزبورن في كلمة له أمام وكالة جمع المعلومات المخابراتية الرئيسي في بريطانيا، أنه، ردا على هذا التهديد وغيره، تطور بريطانيا قدرات خاصة لشن هجمات إلكترونية حتى يمكن لأجهزة المخابرات تنفيذ هجمات مضادة. وشدد: «سندافع عن أنفسنا. لكننا سننقل القتال إليكم.. الدفاعات القوية ضرورية لأمننا على المدى الطويل، لكن القدرة على الدفاع شكل من أشكال الدفاع».
وأفاد أوزبورن، وهو حليف لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون، أن هجمات يوم الجمعة في باريس التي أودت بحياة نحو 130 شخصا والتي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها أبرزت الحاجة إلى تحسين حماية بريطانيا من الهجمات الإلكترونية. وأضاف: «تنظيم داعش يستخدم بالفعل الإنترنت لأغراض دعائية بشعة لنشر التطرف وللتخطيط للعمليات أيضا». كما أشار إلى «إنهم غير قادرين حتى الآن على استخدامه لقتل الناس، لكنهم قد يشنون هجمات على بنيتنا التحتية من خلال الهجوم الإلكتروني». وأضاف: «إذا تعرضت إمداداتنا للكهرباء ومراقبة الحركة الجوية ومستشفياتنا لأي هجوم ناجح على الإنترنت، يمكن أن يقاس التأثير بخسائر في الأرواح وليس بخسائر اقتصادية فقط».
من جهته، أكد متحدّث باسم محطة استماع بوكالة «جمع المعلومات المخابراتية» البريطانية بتشيلتنهام (جنوب غربي بريطانيا) لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 100 هجمة سايبيرية استهدفت بريطانيا شهريا خلال صيف علم 2014، إلا أن هذا العدد ارتفع إلى 200 شهريا الصيف الماضي. وأشار المتحدث إلى أن «هذه الهجمات تلحق أضرارا بالشركات وبزبائنهم، كما تضرّ بالثقة في قدرتنا الجماعية على تأمين بياناتهم وخصوصيتهم». إلى ذلك، أكّدت الوكالة ما جاء في خطاب أوزبورن أنها تراقب تهديدات من طرف قراصنة محترفين ضد 450 شركة في قطاعات الطيران والدفاع والطاقة والمياه والمالية والنقل والاتصالات.
وبينما استبعد وزير المالية قدرة «داعش» على شن هجمات إلكترونية بغرض حصد أرواح الأبرياء في الوقت الحالي، فإنه أكّد «إننا نعلم أنهم يرغبون في ذلك وإنهم يبذلون قصارى جهدهم لعمل ذلك. لذا عندما نتحدث عن التصدي لـ(داعش)، فإن هذا يعني التصدي لتهديدهم الإلكتروني بالإضافة إلى تهديدهم بشن هجمات بالأسلحة والقنابل والسكاكين».
وأعلن أوزبورن عن مضاعفة الإنفاق على الأمن الإلكتروني وقال إن متشددي تنظيم داعش يحاولون تطوير القدرة على شن هجمات إلكترونية مميتة ضد البنية التحتية البريطانية. كما أعلن أوزبورن عن خطط لمضاعفة الإنفاق العام على الأمن الإلكتروني، ليصل إلى 1.9 مليار جنيه إسترليني خلال 5 سنوات. ويأتي هذا القرار في ظل استعداده للإعلان عن خفض جديد للإنفاق العام الأسبوع المقبل في محاولة لإعادة بريطانيا إلى تحقيق فائض ميزانية بنهاية العقد. وبرّر أوزبورن موقفه قائلا: «من الصواب أن نختار الاستثمار في دفاعاتنا الإلكترونية، حتى في وقت ينبغي أن نقوم فيه بتقليص مخصصات إنفاق أخرى. الإنترنت تمثل محورا حساسا لضعف محتمل»، مشيرا إلى أن قرار تعزيز الإنفاق على الدفاع الإلكتروني اتخذ قبل هجمات باريس الدموية. وقال: «إذا تعرضت إمداداتنا من الكهرباء أو أبراج المراقبة الجوية أو مستشفياتنا لهجمات إلكترونية ناجحة فإن تأثير ذلك لن يكون على مستوى الضرر الاقتصادي فحسب، بل على مستوى فقدان الأرواح أيضا».
وأوضح الزميل في مركز «روسي» البريطاني للأبحاث والخبير في شؤون الأمن الدولي، إيون لاوسن، لـ«الشرق الأوسط» أن التهديد حقيقي ولا يجب الاستهانة بحجمه، مشيرا إلى أن «ذلك نتيجة وصول جماعات غير حكومية، كداعش، إلى هذا النوع من الأدوات التقنية المتطورة». ورأى لاوسن أن قلق واستعداد بريطانيا لهجمات إلكترونية محتملة في محله، إذ إن هذه الجماعات رغم افتقارها للأدوات اللازمة لشن هجمات سايبيرية قد تودي بحياة أشخاص، إلا أنها تهدف إلى امتلاكها بكل تأكيد.
وحول قدرة قراصنة سايبيريين على قتل مدنيين عن بعد، شرح لاوسن أن ذلك قد يتم بطرق مختلفة، موضّحا: «باختراق البنيات التحتية لمؤسسات أساسية كالمستشفيات والمياه والكهرباء، يستطيع هؤلاء القراصنة قطع التيار الكهربائي في وحدات العناية المركزة في البلاد، أو إطلاق كمّيات مهولة من الماء لإغراق البيوت الشوارع، أو غيرها». وفيما تبدو هذه الهجمات صعبة التحقيق، إلا أنها ليست مستحيلة. ولعل أحدث مثال عن ذلك هو الهجمة السايبيرية التي تعرضت لها مجموعة «تي في 5 موند» الفرنسية التي شهدت انقطاع بث قنواتها الـ12 لمدة لا تقل عن 18 ساعة متواصلة، في شهر أبريل (نيسان) الماضي. وتبنت آنذاك جماعة «سايبر خلافة» التابعة لداعش الهجمة الإلكترونية، إلا أن السلطات الفرنسية اتهمت مجموعة قراصنة روسيين معروفين باسم «أ. ب. ت.28».
في سياق متصل، قال أوزبورن إن الخطة الوطنية الجديدة للأمن الإلكتروني تشمل إمكانية التعاون بين موردي خدمات الإنترنت بمساعدة الحكومة للتصدي لهجمات البرمجيات الخبيثة، وحجب العناوين المضرة التي تستخدم ضد مستخدمي الإنترنت البريطانيين، إلى جانب تأسيس معهد جديد لتدريب المبرمجين. وتجدر الإشارة إلى أن شركة «توك توك» البريطانية لخدمات الإنترنت واجهت هجوما إلكترونيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أثّر على 157 ألفا من عملائها. وخلال هذا الشهر، أجرت السلطات البريطانية والأميركية تدريبا مع البنوك الكبيرة لاختبار مدى استجابتها لأي حادث إلكتروني في القطاع المالي.
من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني، مساء أول من أمس، إن عدد العاملين بوكالة المخابرات البريطانية سيزيد بنسبة 15 في المائة. كما أبدى، بعد أيام على اعتداءات باريس، تصميمه أمس على إقناع النواب البريطانيين بجدوى توسيع نطاق الضربات البريطانية ضد تنظيم داعش إلى سوريا.
وبينما تقتصر الضربات البريطانية ضد «داعش» على العراق حتى الآن، شدد كاميرون للنواب البريطانيين على «ضرورة التحرك ضد داعش في سوريا».
وقال إن «بلادنا تواجه تهديدا مباشرا ومتزايدا، ويتعين علينا مواجهته، ليس في العراق فقط، بل في سوريا أيضا». وأضاف: «لا يمكننا، ويتعين علينا ألا ننتظر أن يتحمل آخرون المسؤولية وأن (يتعرضوا) للمخاطر من أجل حماية بلادنا».
بريطانيا تعزز إجراءات الأمن الإلكتروني ترقبًا لهجوم محتمل لقراصنة «داعش»
200 هجوم سايبيري تستهدف شركاتها شهريًا
بريطانيا تعزز إجراءات الأمن الإلكتروني ترقبًا لهجوم محتمل لقراصنة «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة