إنترنت الأشياء.. كثير من التصاميم المفيدة وغير المفيدة

أدوات متطورة وغريبة تهدف إلى تحقيق أرباح

«ميمو» لمراقبة الأطفال
«ميمو» لمراقبة الأطفال
TT

إنترنت الأشياء.. كثير من التصاميم المفيدة وغير المفيدة

«ميمو» لمراقبة الأطفال
«ميمو» لمراقبة الأطفال

في مؤتمر تصاميم عُقد مؤخرا، تعرفت على «ليو Leeo»، وهو منتج جديد، فهمت في البداية أنه إصدار حديث لأداة تحتاج فعلا إلى إعادة تصميم، وهي: جهاز كشف الدخان، وهو عبارة عن أداة - مصباح خافت الإضاءة يستمع إلى إنذار جهاز كشف الدخان ويتصل بعدها بهاتفك الذكي لإخبارك بإمكانية اندلاع حريق في منزلك.
لذلك، من أجل أن يطور المصمم جهاز كشف الدخان البالغ تكلفته 20 دولارا، قرر إضافة مصباح إضاءة ليلية تكلفته 99 دولارا، وهاتف ذكي بمئات الدولارات، وفي اعتقادي فإن هذا ليس تصميما جيدا.
وفي الواقع، فإن «ليو» ليس حالة منفردة، لكنه يمثل مجموعة كاملة من المنتجات المصممة لما يطلق عليها منتجات «المنزل الذكي»، وكذلك المنتجات المندمجة بإنترنت الأشياء التي تحظى بثناء كبير، ومع ذلك يُساء فهمها على نطاق واسع.
* منتجات إنترنتية
ومثلكم جميعا، كان لدي في السابق كثير من المنتجات التي تقوم كل منها بوظيفة منفصلة: هاتف أرضي، وهاتف محمول، وكاميرا، ومسجل فيديو، وجهاز تجسيم الصوت (استريو)، وروزنامة. أما الآن، فأنا أمتلك منتجا واحدا يقوم بهذه الوظائف كافة: هاتف ذكي. وكان اندماج المنتجات لهذا الحد بمثابة ثورة في عالم التصميم.
وقد عرضت المنتجات المشابهة لـ«ليو» في متجر «أوبن هاوس» التابع لشركة «تارغت» بمدينة سان فرانسيسكو. ويرمي هذا المتجر لاستهواء الناس إلى المنتجات.
ومن بين المنتجات في متجر «أوبن هاوس»:
- «Whistle الصافرة» (99 دولارا): يُعلق هذا المنتج على طوق حيوانك الأليف، ويسمح لك بتحديد الأنشطة اليومية للكلب، مثلا، على حسب عمره، ونوعه، ووزنه، ومن ثم تشارك هذه المعلومات مع أصحاب الحيوانات الأليفة الأخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
- حلقة «ريفيول Refuel» لإعادة التزويد بالوقود (39.99 دولار): وهو عبارة عن حلقة بلاستيكية استشعارية سوداء اللون ترصد مستوى ملء أنبوبة غاز البروبان لديك، وترسل لك إشعارات على الهاتف عندما يكون حجم الغاز منخفضا.
- «Fifty فيفتي» (94199.95 دولار): كرة سلة ذكية تساعدك على تحسين مستوى التصويب أثناء القفز.
* مراقبة الطفل
- ومن النماذج الأخرى المعروضة منتج «Mimo ميمو» (199 دولارا) ، وهو عبارة عن مراقب ذكي للطفل، يرفق بملابسه، ويرفع مستوى الرعاية بالطفل (أو يقلصه)، حيث يخطرك «ميمو» باستيقاظ الطفل، أو بتغير نمط تنفسه، ويعطيك جدولا زمنيا عن أنماط نوم الطفل على كومبيوترك اللوحي أو هاتفك الذكي.
عندما يتصل «ميمو» بالأجهزة الأخرى الموجودة في منزلك ويكتشف أن طفلك قد استيقظ فإن الأضواء تنير، وتبدأ عملية صنع القهوة، وتُشغل بعض الموسيقى على سماعات الاستريو. ونظرا لاستيقاظ طفلتي من غير انتظام عندما كانت رضيعة، أستطيع أن أتخيل حجم البهجة التي تجلبها هذه المنتجات للآباء الجدد في منتصف الليل (ربما الساعة 3 صباحا أو الخامسة والنصف صباحا).
وللإنصاف، فإن جميع هذه الأشياء في مرحلتها التجريبية، لأن الهدف من «أوبن هاوس» هو أن يكون مكانا لاختبار حجم الحاجة للمنتجات. وإذا كان الأمر كذلك، هل لي أن أوجه نداء باتباع البحث والتطوير في أربعة مجالات رئيسية؟ وهي: دمج الوظائف، والفائدة، والاستدامة، والخصوصية والأمان.
* مدينة ذكية
يتعلق التقدم نحو «المدينة الذكية» كثيرا باستخدام البيانات بغرض تحسين الكفاءة، وتقليص التكاليف، واستخدام الموارد بشكل أفضل. وهذا الأمر لم يتم تنفيذه على مستوى «المنزل الذكي»، وبدلا من ذلك، يتم دمج التطبيقات بمزيد من القدرات التقنية الممكنة دون التفكير في إذا ما كانت ضرورية حقا أم لا.
- الاندماج: بدلا من تطبيق خاص بكل وظيفة، لم لا يقوم تطبيق واحد بوظائف متعددة؟
- الفائدة: التركيز على التقنيات التي تحل مشكلات الناس، وبما أن مقولة «ستيف جوبز»: «الناس لا يعرفون ما يريدون حتى تقدمه لهم» صحيحة، دعونا لا نقدم لهم مجرد منتجات سخيفة.
- الاستدامة: تشعر «المدن الذكية» بالقلق حيال الآثار البيئية المترتبة على كل منتج، على عكس المنازل الذكية تماما على ما يبدو. فكل منتج يدخل ضمن إطار المنزل الذكي يتكون من البلاستيك، وكما تحريت الأمر آخر مرة، فإن هذه المواد ليست من المصادر المتجددة.
- الخصوصية والأمان: كل هذه المنتجات متصلة بالإنترنت، وبالتالي يتم تسجيل طرق استخدامك للأشياء من أجل الأجيال القادمة، لمساعدة مصنعي غذاء الحيوانات الأليفة، وموزعي أنابيب غاز البروبان، ومصنعي الشوايات، ومصممي بياضات الأسرة، ومصممي الأقفال.
تمتلك أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية الخاصة بنا على كمية مفزعة من المعلومات عنا، مثل ما الذي نشتريه، وما نشاهده، والأمراض التي نخشى الإصابة بها. ويزيد اتصال المنزل بشبكة الإنترنت من حجم المعلومات التي تمتلكها عنا بشكل كبير، ومع ذلك لم تُبذل أي جهود تقريبا لحماية الخصوصية والأمان للمستهلك.
يُوصف إنترنت الأشياء بأنه جيد للمستهلك، لكن هل هذا الأمر حقيقي؟ وفي هذه المرحلة، يكون إنترنت الأشياء رائعا للغاية بالنسبة للشركات التي تصنع هذه المنتجات. وتتضاءل الفائدة لمتوسط أصحاب المنازل بشكل دراماتيكي بالمقارنة مع الفوائد التي تعود على الشركات نتيجة تراكم كمية بيانات لا حصر لها قابلة للتنفيذ.
ويقدر الخبراء أن إنترنت الأشياء سيتألف من نحو 50 مليون منتج بحلول عام 2020. وسيحدث ذلك سواء شئنا أم أبينا، لذلك دعونا نركز على جعل المنتجات «الذكية» أكثر ذكاء.

* خدمة «نيويورك تايمز



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».