هروب دواعش أجانب من سيناء بعد سنة من التحالف مع المتطرفين المحليين

بعضهم أعاد انتشاره في رفح والشيخ زويد.. والبعض الآخر فر إلى غزة وليبيا

إحدى نقاط الأمن الفاصلة بين جنوب سيناء والمدن الشمالية («الشرق الأوسط»)
إحدى نقاط الأمن الفاصلة بين جنوب سيناء والمدن الشمالية («الشرق الأوسط»)
TT

هروب دواعش أجانب من سيناء بعد سنة من التحالف مع المتطرفين المحليين

إحدى نقاط الأمن الفاصلة بين جنوب سيناء والمدن الشمالية («الشرق الأوسط»)
إحدى نقاط الأمن الفاصلة بين جنوب سيناء والمدن الشمالية («الشرق الأوسط»)

يفتح الافتراض الخاص بقيام تنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء المصرية بوضع قنبلة في الطائرة الروسية التي انفجرت يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب إقلاعها من منتجع شرم الشيخ الدولي، أبوابا جديدة لمعرفة التحولات التي أصابت تكتيكات التنظيم المتطرف الذي يتركز نشاطه الدموي في مدن رفح والشيخ زويد والعريش في شمال سيناء. والمعروف أنه قتل في الطائرة المنكوبة 224 شخصًا، وتسببت الحادثة بتداعيات اقتصادية خطيرة على منتجعات جنوب سيناء، ووقف معظم رحلات الطيران الأجنبي إلى مطار شرم الشيخ.
مسؤول أمني في المدينة السياحية الواقعة على البحر الأحمر، يقول إن العمليات التي تنفذها قوات الأمن المصرية (الجيش والشرطة) منذ نحو 18 شهرا ضد «داعش» في سيناء، أدت إلى الضغط بقوة على المتطرفين خاصة الأجانب الذين كانوا يسعون لتأسيس ولاية داعشية على الحدود المصرية مع قطاع غزة. وعلى الرغم من اختلاف قبائل الشمال عن قبائل الجنوب، توجد مخاوف من تسلل مثل هؤلاء المتطرفين إلى جنوب سيناء التي توجد فيها منتجعات تعرضت لعمليات إرهابية راح ضحيتها العشرات في سنوات 2004 و2005 و2006.
يدير جمال الذي ترجع أصوله إلى منطقة شبرا في القاهرة، محلاً لبيع المشغولات ذات الطابع الفرعوني في السوق القديمة في شرم الشيخ. وهو يعد نفسه من أبناء سيناء مع أنه لا ينتمي لقبائلها، ويضطر لحمل بطاقة خاصة تصدر من الجهات الأمنية حتى يتمكن من الإقامة في المدينة والتردّد عليها.
جمال يقول إن شرم الشيخ محاطة بالبحر والجبال التي يصعب اجتيازها من متطرفي شمال سيناء، أما البوابات الأمنية الموجودة على الطريق التي تصل بين المدينة وباقي مدن سيناء في الشمال، فلم تكن تسمح بمرور أي غريب إلى داخل المدينة لا يحمل البطاقة الأمنية المشار إليها.
ولكن خلال السنوات الأخيرة ورغم خطر المتطرفين في شمال سيناء، فإن الدخول إلى المدينة والخروج منها أصبح أمرًا أيسر ممّا كان عليه أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي كان يفضل الإقامة في المنتجع واستقبال الوفود الأجنبية فيه.
ومن السهل أن تلاحظ على أطراف المدينة بعض سيارات الدفع الرباعي التي يقودها شبّان من القبائل البدوية بجنوب سيناء ممّن ينظمون رحلات السفاري للسياح. وهؤلاء الشبان معروفون لأنهم مسجلّون لدى السلطات الأمنية في المدينة ولديهم أصدقاء من السياح الأجانب، خاصة، أولئك التي يتردّدون على شرم الشيخ عدة مرات في السنة الواحدة ويحبّون التخييم في الصحراء والجبال.
أحد هؤلاء الشبان، قال وهو يشعل سيجارة وسط زمرة من أصحابه الروس والألمان من الذين فضلوا البقاء في المدينة «إذا توجّهت من هنا عبر طريق وسط سيناء إلى العريش شمالاً، فيمكن أن تفقد حياتك.. ليس بالنسبة للسياح الأجانب فقط، ولكن حتى أنا، لأن المتطرفين لا يعترفون بالقبائل، وبينهم متطرفون ليسوا من أبناء سيناء أصلا، وليسوا مصريين». وتساءل «هل تمكَّن بعضهم من التسلل إلى داخل شرم الشيخ لتفجير الطائرة؟ لا أحد يستطيع الجزم بهذا الرأي. نحن جميعا في شرم الشيخ في انتظار التحقيقات في الحادث».
ومن جانبه يقول سعيد التمنّي، أحد قيادات قبائل جنوب سيناء، إن البعض من أبناء القبيلة يعملون في النشاط السياحي في شرم الشيخ بالفعل، خاصة رحلات «السفاري»، ويعلق على واقع الحال قائلاً «نحن نرفض الإرهاب، ولا يوجد لنا أبناء في التنظيمات المتطرفة. الوضع هنا مختلف عن شمال سيناء، حيث لا ينكر أحد أن بعض أبناء القبائل في الشمال والوسط موجودون في التنظيمات المتشددة». ويضيف «نحن نعمل في السياحة ونحافظ على أرزاقنا، وإذا كان هناك من زرع قنبلة في الطائرة فهو من خارج جنوب سيناء».
مشكلة انتشار التنظيمات المطرفة أخذت تظهر في شبه جزيرة سيناء أثناء ثورة المصريين ضد حكم مبارك في مطلع عام 2011. لكنها ازدادت تعقيدًا بسقوط نظام الرئيس محمد مرسي في منتصف عام 2013. واستفادت تلك التنظيمات، وفقا للمصدر الأمني المسؤول في سيناء، من «فوضى الربيع العربي طوال السنوات الأربع الماضية»، لكن إدخال القاهرة آلاف الجنود والقطع الحربية والطائرات إلى سيناء، خاصة في منطقة الشمال.. «مثَّل ضغطًا كبيرًا على المتطرفين، خاصة، أولئك الذين لا ينتمون للقبائل، أي الذين جاءوا من محافظات مصرية مختلفة وكذلك من سوريا واليمن وليبيا، بل ومن دول أوروبا وغيرها. ولا يمكن أن أستبعد بشكل كامل مسألة اختراق أحدهم للحواجز الأمنية ونقاط التفتيش إلى داخل شرم الشيخ».
وفي مكتبه القريب من مطار شرم الشيخ، الذي يعتقد أن «داعش» اخترقه وتمكن من زرع قنبلة في الطائرة الروسية، يقول مسؤول أمني آخر - طالبا كتم هويته لأنه غير مخوّل له الحديث لوسائل الإعلام - إن «عدد المتطرفين في شبه جزيرة سيناء ذات الطابع القبلي، كان يبلغ نحو 12 ألفا، من بينهم عدة مئات من الأجانب المدربين بشكل جيد، ربما كان عددهم 300 أو 400 أجنبي. هؤلاء جاءوا من دول عربية وأوروبية». ويردف المسؤول «... لقد تراجع العدد الإجمالي للمتطرفين إلى حدود ألفين، ربما أقل وربما أكثر. الفلسطينيون كانوا يأتون من الأنفاق مع قطاع غزة، والليبيون والعرب عبروا الحدود أثناء حكم مرسي، والأجانب جاءوا عن طريق البحر.. بالطبع هناك دول وأجهزة مخابرات دولية تسهّل تحرّكات هؤلاء المتطرفين وتمكّنهم من الحصول على الأسلحة المتطورة، لخلق قلاقل ومشكلات ليس في مصر فقط، ولكن في عموم المنطقة».
هذا، وتوضح دراسة أمنية أن «الربيع العربي» أدى إلى سهولة التواصل وتبادل الخبرات بين الجماعات المتطرفة، مع انضمام عناصر من جنسيات مختلفة لهذه التنظيمات مما ساعد في زيادة التوتر والمواجهات في سيناء وهذا أسفر عن مقتل نحو 600 من قوات الجيش والشرطة على أيدي المتشددين.. وأسهم أيضا في زيادة تدفق المقاتلين من غزة وزيادة تهريب السلاح من ليبيا إلى داخل مصر، خاصة بعدما تحوّلت مناطق شرق ليبيا إلى ملاذ آمن للمتطرفين المعارضين للنظام الحاكم في مصر بعد عزل مرسي.
ومن جانبه، يشير المسؤول الأمني إلى أن الأجانب نجحوا في البداية في التحالف مع متشدّدين محليين في سيناء بعدما كانوا متفرّقين بين تيارات متطرفة مختلفة، و«أسهموا في جميع التنظيمات المتعددة تحت راية واحدة هي راية تنظيم داعش، منذ أكثر من سنة، وأطلقوا على أنفسهم اسم ولاية سيناء».
وتقول دراسة أخرى، أعدتها جهات أمنية مصرية، إن التنظيمات المتطرّفة في سيناء استغلت «الربيع العربي» في بناء شبكة علاقات مع تنظيمات مماثلة لها في المنطقة من ليبيا وتونس إلى سوريا والعراق، لكن الضربات الأمنية المصرية طوال الفترة الماضية، إضافة إلى ضغوط قبائل سيناء على أبنائها، أدت لتضييق الخناق على عناصر التنظيم. وتضيف أن هذا أدى إلى تقليص قدرات المجموعات المتطرفة.. «بعضهم، وهم الشبان المحليون، بدأوا في التخلي عن التنظيم، خاصة، في القرى والتجمعات السكنية في محيط رفح والشيخ زويد وبلدات وسط سيناء، والبعض الآخر، وهم المقاتلون الأجانب، لم يجدوا أمامهم غير الهروب من سيناء ومن ثم الهروب إلى خارج البلاد».
خلال الشهور الأخيرة تراجع وجود الكثير من التنظيمات المتطرفة في سيناء إلى حد كبير، لصالح تنظيم وحيد هو «أنصار بيت المقدس» الموالي لـ«داعش». لكن هذا، وفقا لمسؤول أمني في سيناء، يعني أمرًا من أربعة: الأول، أن بعض عناصرها ارتضت العمل تحت راية «داعش»، والثاني، أنها تخلت عن السلاح، والثالث، أنها تسللت إلى مدن مصرية أخرى، والرابع، أنها خرجت من البلاد إلى دول في المنطقة، خاصة ما يتعلق بالمقاتلين الأجانب.
وعلى هذا الأساس، تقلصت إلى حد كبير تنظيمات «أنصار الجهاد» و«مجلس شورى المجاهدين - أكناف بيت المقدس» و«جيش الإسلام» الذي كان له امتداد في غزة وسيناء بقيادة العسكري الفلسطيني ممتاز دغمش. ويشير المسؤول الأمني المصري إلى أن المتغير الجديد في شبه الجزيرة المصرية «يمكن أن تطلق عليه عملية إعادة انتشار للمتطرفين بعد أن تعرضوا لخسائر كبيرة على أيدي القوات المصرية في سيناء، وفرار البعض إلى قطاع غزة».
وهو يقول إن قيادات من متطرفي سيناء حاولت خلال الشهرين الماضيين التمركز في صحراء مصر الغربية، والتواصل مع الجماعات الليبية المتشددة للحصول منها على مدد، خاصة بعد تمدد تنظيم داعش في منطقة سرت بوسط ليبيا، وقرب إجدابيا في شرق ليبيا، لكن الطيران الحربي المصري تمكن من توجيه ضربات وحرق قوافل للمتطرفين هناك، مما أسفر عن فرار هؤلاء إلى ليبيا التي تعاني من الفراغ الأمني والفوضى.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.