اعتمد «داعش» أسلوبا جديدا مخيفا في نشاطاته، إذ كان تركيز هذا التنظيم في معظم العام الماضي والجزء الأكبر من العام الحالي على احتلال الأراضي في دول الشرق الأوسط والإمساك بها.
وبالنسبة لزعماء الدولة المقيمين في الرقة والموصل، ما زال هذا هو الهدف الذي يحظى بالأولوية، ولكن المنضوين تحت راية هذه «الدولة» يعرفون حق المعرفة مدى الجاذبية التي تحملها بالنسبة للمتطرفين في أوروبا وغيرها.
وفيما يئن التنظيم من وطأة الغارات الجوية اليومية التي يشنها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على قادته وعناصره، وهي الغارات التي تقضي على قادته واحدا تلو الآخر، بدأ بالنظر إلى القيام بهجمات في أماكن بعيدة عن المنطقة. في يونيو (حزيران) الماضي، تبنى التنظيم الهجوم الذي استهدف منتجع سوسة التونسي والذي راح ضحيته 38 سائحا جلهم من البريطانيين.
وفي أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت تركيا التنظيم بالمسؤولية عن الهجوم الانتحاري الذي أسفر عن مقتل 102 شخص في العاصمة أنقرة. وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، ادعى فرع التنظيم في شبه جزيرة سيناء المصرية مسؤوليته عن إسقاط طائرة ركاب روسية وقتل ركابها الـ224.
وفي الثاني عشر من الشهر الحالي، ادعى التنظيم مسؤوليته عن التفجيرين اللذين استهدفا ضاحية بيروت الجنوبية - معقل حزب الله اللبناني - وأسفرا عن مقتل 44 شخصا. ثم جاءت هجمات باريس، التي راح ضحيتها أكثر من 120 قتيلا و300 جريح.
ورغم بساطة تنفيذها النسبية، تطلبت هذه العمليات كثيرا من التخطيط والاستعداد والتدريب. كما تطلبت تجهيز أسلحة ومتفجرات واستطلاع الأهداف وتجنيد الانتحاريين.
يقول الإسلامي المصري الدكتور هاني السباعي إن «(داعش) مر بعدة مستويات أولها كان احتلال أراض في العراق وسوريا بهدف إعلانها كولايات تتبع أرض (الخلافة)، ثم سعى إلى مد نفوذه إلى دول أخرى مثل ليبيا وأفغانستان، وكذلك استخدام مقاتليه الأجانب لمد شبكة التجنيد بأفضل العناصر من أوروبا والغرب عموما، ثم الصدمة والترويع بعملياته وآخرها في العاصمة الفرنسية باريس». وتطرق الإسلامي المصري الدكتور السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات بلندن في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» إلى رسالة أبو محمد العدناني المتحدث باسم «داعش» منذ أربعة أشهر تحت عنوان «قل للذين كفروا ستغلبون وستحشرون» والتي دعا فيها إلى تنفيذ عمليات في الغرب. ودعا العدناني المسلمين الموحدين في أوروبا والغرب الكافر، إلى تنفيذ عمليات ضد الصليبيين أينما كانوا، وتوعد قلاع المسيحيين بالعيش في حالة خوف ورعب وهلع، وفقد الشعور بالأمان، مضيفًا: «لم تروا شيئًا بعد». ويأتي النداء الجديد، بعد تصاعد خسائر التنظيم واندحاره على أكثر من جبهة في العراق وسوريا، في الأيام القليلة الماضية.
والنتيجة هي أن عناصر التنظيم الذين يتولون تجنيد الجهاديين عبر الإنترنت بدأوا بحث أتباعهم بالبقاء في بلدانهم والتخطيط لتنفيذ هجمات فيها عوضا عن المخاطرة بالتوجه إلى سوريا.
وهدد الناطق الرسمي باسم تنظيم الدولة مخالفي التنظيم بالهزيمة، جامعا «اليهود، والأميركان، والروس، والشيعة، والفصائل المعارضة، وغيرها» في بوتقة واحدة، بحسب السباعي.
وعلى الرغم من أن الزخم الإعلامي في هذه الأيام يدور حول التدخل الروسي، فإن العدناني ركز على تهديد الولايات المتحدة الأميركية في كلمته التي نشرتها مؤسسة «الفرقان» التابعة للتنظيم بعنوان «قل للذين كفروا ستغلبون». وأوضح السباعي لقد استنتج مسؤولو مكافحة الإرهاب الغربيون مؤخرا أنه فيما ما زال هناك أناس يطمحون إلى تنفيذ هذا النمط من الهجمات الكبيرة، إلا أن التهديد الماثل والأكبر والأكثر ترجيحا مصدره من اصطلح على تسميتهم بـ«الإرهابيين ذاتيي الدوافع» كأولئك الذين ذبحوا الجندي البريطاني لي ريغبي في لندن في عام 2013. وقال: لقد طالب العدناني أنصاره في الغرب بتوجيه ضربات إلى مصالح البلاد التي يقيمون فيها. ودعا الفصائل إلى «التوبة والالتحاق بركب الخلافة التي لا تنتظر أحدا».
إسلامي مصري لـ«الشرق الأوسط»: هجمات باريس استجابة لنداء العدناني
مسلحو «داعش» غيروا خططهم
إسلامي مصري لـ«الشرق الأوسط»: هجمات باريس استجابة لنداء العدناني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة