ربما لا يكون أفضل دوري في العالم لكن من يحتاج إلى فريق ينفرد بصدارة الجدول ويكون هو الوحيد المرشح لحصد اللقب؟ لا شك أنه سيكون دوري مملا. إننا لا ندري على الإطلاق ما يخبئه قادم الأيام في أكثر المنافسات الأوروبية إثارة وتشويق. فبعد مرور ثلث الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) ما زال شكل المنافسة لم يتضح بعد. وبنظرة سريعة على الجدول، نجد أمامنا مشهدًا قديمًا يبعث على السرور حيث يفصل بين الأندية السبعة المتصدرة للترتيب العام 6 نقاط فقط. ولكي نضع ذلك في سياقه، دعونا نتذكر أنه بعد مرور 12 مباراة من الموسم الماضي، كان حامل اللقب تشيلسي متفوقًا بـ6 نقاط عن الرصيد الذي يمتلكه الآن مانشستر سيتي، وكان الفارق بين المتصدر وصاحب المركز السابع 14 نقطة. المرشحون التقليديون - أو بعضهم على الأقل - سوف يحققون على الأرجح بعض التفوق لكن فرصهم ستكون أكثر تقاربا، مما يشي بسباق يصعب التنبؤ بالفائز به، وهو ما لم نشهده منذ سنوات.
ولا يتسنى دائمًا عقد مقارنات دقيقة بسبب الفرق التي لديها مباريات مؤجلة، لكن ما زال من قبيل الإنصاف أن نقول إنه منذ موسم 1999 - 2000 لم يكن الفارق بين السبعة الكبار ضئيلاً على هذا النحو في هذه المرحلة من المسابقة. لا يعني ذلك أن موسم 1999 - 2000 أسفر عن سباق مثير، بل على العكس. فبعدما فقد مانشستر يونايتد 12 نقطة في أول 12 مباراة بالدوري، لم يخسر سوى 11 نقطة فقط خلال بقية الموسم وفاز باللقب بفارق 18 نقطة عن آرسنال أقرب منافسيه، يليه ليدز بـ4 نقاط أخرى. ولا يبدو أن أحدًا في هذا الموسم قادر على تحقيق مسيرة مشابهة في المسابقة، إذ إن جميع المتنافسين على اللقب لا تنقصهم العيوب. ربما يكون مانشستر سيتي هو الفريق الأفضل تجهيزًا لخوض المنافسة لكنه يظل معتمدًا بشدة على لاعبيه سيرجيو أغويرو وديفيد سيلفا لفك شفرة المنافسين، كما أن المهاجمين عرضة دائمًا للإصابات. إنهما سيهزمان بعض الفرق بسهولة - كما فعلا مع نيوكاسل وبورنموث، المباراة الأولى بمشاركة أغويرو، بينما الثانية من دونه - لكن ستكون هناك أيضًا على الأرجح مباريات أخرى مثل الهزيمة على ملعب الفريق أمام وستهام والتعادل في ضيافة أستون فيلا، عندما سيطر الفريق على مجريات المباراة لكنه عانى لكي يحول استحواذه على الكرة إلى أهداف. أما الأمر الأكثر مدعاة للقلق فكان سقوط سيتي أمام توتنهام. صحيح أن الفريق كان يفتقد إلى مجهودات جو هارت وفينسينت كومباني وسيلفا في ذلك اليوم، بينما لم يستقر بعد نيكولاس أوتاميندي، وأغويرو لم يكن في كامل لياقته واضطر يايا توريه إلى مغادرة أرضية الملعب بسبب مشكلة في أوتار الركبة - وهو كم من المصادفات غير السعيدة من المستبعد تكرارها - لكن المباراة ألقت بظلال من الشك على قوة البدلاء، ولا سيما لياقتهم الذهنية.
أما آرسنال فما زال على عهده. وبينما يظل الفريق أفضل حالاً في وجود حارسه بيتر تشيك الذي لعب دورًا جوهريًا في الخروج بنقطة أمام توتنهام يوم الأحد الماضي - فإن تفوقه يتسم بالهشاشة، ربما بسبب مطاردة الإصابات للاعبي الفريق. إن إدراك آرسنال للتعادل في ديربي كانوا فيه هم الأضعف أداء على مدار ساعة على الأقل من عمر المباراة يكشف عن تماسك خطوط الفريق، لكنه يظل فريقًا لا يمكن الثقة في نجاعته، على الأقل في الوقت الراهن. إلا أن لديه 4 مباريات يستطيع حسمها لصالحه - قبل مواجهة سيتي - التي تحل قبل حلول الكريسماس بـ4 أيام، فيما تعد فرصة سانحة لكي يزيد حصيلة نقاطه ويعزز موقعه في جدول المسابقة.
مانشستر يونايتد استطاع بطريقة أو بأخرى أن يكون على بعد نقطتين فقط من الصدارة، لكن مدربه لويس فان غال اعترف في وقت سابق بأن الفريق ما زال بعيدًا عن الصورة المثالية التي في مخيلته. لقد منح تركيز الفريق على الاحتفاظ بالكرة سجلاً دفاعيًا مثيرًا للإعجاب - لم تتلق شباكه أهدافًا على مدار أكثر من 10 ساعات من اللعب - لكن في ظل طيش تسديدات واين روني فإن الفريق يعتمد على براعة لاعبين يفتقرون للخبرة لكي يحرز الأهداف. ربما تستقيم جميع الأمور في مرحلة ما كما حدث في تلك المباريات الأربع من الموسم الماضي، والتي بدأت بالانتصار على توتنهام وانتهت مع إصابة مايكل كاريك أمام سيتي، لكن ما زالت لا توجد مؤشرات قوية على أن لحظة التجلي باتت قريبة.
على الجانب الآخر، معاناة تشيلسي باتت مدعاة للتعجب والاستغراب في ظل سوء طالع يضاعفه فقدان للياقة والروح المعنوية للاعبين، ورغم أنهم سوف يتحسنون، فإن بداية الفريق المتواضعة تعني أن المعركة على حجز المركز الرابع مفتوحة على كافة الاحتمالات. ويبدو توتنهام في حال جيدة لم يصل إليها منذ غادر غاريث بيل الفريق (وربما يكون أفضل تماسكًا وتناغمًا من حينذاك)، ومع تكيف يورغين كلوب مع ليفربول - فيما تعد إضافة كاريزمية أخرى إلى دراما الدوري الإنجليزي الممتاز - فإن الفريق سيعتبرها بالتأكيد فرصة عظيمة ضائعة في حال لم يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا هذا الموسم.
العنصر الآخر - وربما غير المتوقع - هذا الموسم هو صعود الفرق المتوسطة في البريميرليغ، على ما يبدو بفضل اتفاق البث التلفزيوني الجديد. ربما بدأت فرق من أمثال ليستر سيتي وكريستال بالاس ووستهام الموسم وفي ذهنها خشية تاريخية من الهبوط لكن تلك المخاوف انحسرت بالتأكيد، وانضمت إلى إيفرتون وساوثهامبتون في التطلع إلى التأهل إلى الدوري الأوروبي - مع الاحتفاظ بفكرة أن موقعًا في دوري أبطال أوروبا، لم يعد للمرة الأولى بعيد المنال. إن الأجواء تتغير باستمرار، والنتيجة أن البريميرليغ بات على الأرجح أكثر تنافسية مما كان عليه منذ عقود. ورغم أن جودة المستوى ما زال يصعب الحكم عليها، لكن أيهما أفضل - دوري يتمتع فريق واحد فيه بتفوق واضح على بقية المنافسين ويتصدر الجدول بفارق 16 نقطة عن صاحب المركز السابع بعد 12 مباراة، كما هو الحال في ألمانيا، أم دوري فوضوي بعض الشيء لا يعرف أي أحد ما الذي سوف يؤول إليه؟ أفضل دوري في العالم؟ ربما لا، لكن البريميرليغ في اللحظة الراهنة يعد مصدر متعة هائلة.
من جهة أخرى كشفت دراسة أن نسبة اللاعبين التي تدربوا مع فرقهم بالبريميرليغ في أدنى مستوى لها تاريخيًا، كما أظهرت أيضًا أن اللاعبين الأجانب يمثلون 59.9 في المائة من لاعبي كرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهي ثاني أعلى نسبة في أوروبا. ووجد البحث الذي أجراه مرصد كرة القدم في المركز الدولي للدراسات الرياضية أن 11.7 من اللاعبين في البريميرليغ تخرجوا في أكاديميات أنديتهم الحالية - بتراجع 2.1 في المائة عن 2014 - بينما تتكرر القصة ذاتها في أوروبا لكن مع تراجع النسبة إلى 19.7 في المائة. التقرير، الذي يستند في تعريفه للاعبين الذين تدربوا في أنديتهم على مفهوم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والقائل بأنهم الذين أمضوا ما لا يقل عن 3 مواسم بين سن 15 و21 عامًا في ناديهم الحالي، يكشف أن وحده القسم الممتاز من الدوري القبرصي يمتلك نسبة أعلى من اللاعبين الأجانب.
وأثني على توتنهام هوتسبر لمنحه لاعبين من أمثال هاري كين وريان ماسون فرصة مواصلة اللعب في الفريق الأول بالنادي الذي يمتلك أكبر نسبة من اللاعبين الذين تدربوا في أكاديميته (32 في المائة)، بينما يحل آرسنال ثانيًا ومانشستر يونايتد ثالثًا. أما تشيلسي فكان يمتلك نسبة من اللاعبين الأجانب بين صفوفه بلغت 83.3 في المائة. كما أظهرت الدراسة أيضًا أي الأندية أخرج أكبر عدد من اللاعبين في 31 دوريا ممتازا حللت بياناته، حيث تبين أن فريق بارتيزان بلغراد يتصدر القائمة بـ78 لاعبًا يليه أياكس بـ75 لاعبًا.
«البريميرليغ» حتى الآن.. فوضى رائعة تواصل إمتاع الجماهير
الدوري الإنجليزي يعيش مشهدًا يبعث على السرور تفصل فيه 6 نقاط فقط بين الأندية السبعة المتصدرة للترتيب
«البريميرليغ» حتى الآن.. فوضى رائعة تواصل إمتاع الجماهير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة