قال عم الطفل أحمد مناصرة الذي ظهر أمام محققين إسرائيليين، في فيديو مسرّب شغل العالم أمس، لـ«الشرق الأوسط»: إن «ما شاهدناه مؤلم.. مؤلم للغاية». وكان أحمد مناصرة (13 عاما) الذي شغل الفلسطينيين والإسرائيليين الشهر الماضي، حين ظهر ملقى على الرصيف مصابا برصاصات في الرأس، وترك ينزف، قد ظهر في مقطع فيديو مدته 10 دقائق، جرى تبادله على شبكات التواصل على نطاق واسع، يرتدي ملابس السجن، وقد جلس في غرفة أمام ثلاثة محققين إسرائيليين راحوا يتناوبون استجوابه بقسوة بالغة ويعنفونه بوحشية، بينما يبكي طالبا تحويله إلى طبيب، مؤكدا أنه لا يتذكر شيئا مما يسألونه عنه. وتعتقد أوساط إسرائيلية أمنية، أن تسريب الفيديو وانتشاره كان وراء عمليات الطعن التي وقعت في القدس أمس، وعدتها انتقاما.
وقال عم الطفل الفلسطيني معقبا بمرارة: «نعرف ما يدور في التحقيق، لقد جربنا ذلك، لكن أن تشاهد ابنك الصغير يتعرض لكل هذه الإهانة والذل وهو مرعوب، فهو أمر لا يحتمل». وأضاف: «عمره 13 عاما فقط، فماذا يتوقعون منه (...) كان يفترض أن يكون على مقاعد الدراسة وليس على مقعد التحقيق». ومضى يقول: «لم يكن أحمد يطمح بأكثر من حياة كريمة، واليوم يعرضونه لكل هذه المهانة».
واتهم مناصرة العم، المحققين الإسرائيليين، بمحاولة انتزاع اعتراف من ابن شقيقه بالإكراه. وقال إن أحمد لم يعترف في نهاية الأمر بشيء. وقال للمحققين أنه لم يطعن أي إسرائيلي، وكان ينوي فقط تخويفهم حتى يتوقفوا عن اقتحامات المسجد الأقصى.
وطبقا لمشاهد الفيديو، لم يعترف مناصرة خلال التحقيق أنه طعن إسرائيليين، وقال لمحققيه وهو يبكي مرارا، إنه لا يتذكر شيئا.
وأضاف بعد ضغوط هائلة عليه، وتكذيبه، وتخويفه، والصراخ في وجهه بشدة، بدا معها في حالة انهيار عصبي: «اللي بتحكوه صحيح.. انتو ضربتوني ع راسي.. كل إلى بتحكوه صح.. هذا أنا وهذا الفيديو صح..بس كيف وليش ومين ما بعرف.. مش متذكر». وتابع «ابعتوني على الدكتور».
وفورا أطلق ناشطون هاشتاغ «# مش_متذكر» لدعم الطفل مناصرة.
وقالت الناشطة رانه دعنا، «بهمش أحمد.. أنت أحمد العربي، دموعك تحيي أرواحنا التي نسيت معنى الحرية، وتنفض غبار الصمت لتعيد معنى الوطن الكامل.. أنت الحر فينا وفيهم». وكتبت جومانا، «يا ريتني ما شفتو لفيديو أحمد مناصرة.. حسبي الله ونعم الوكيل». وقال بهاء الدين أسمر: «حكاية طفل فلسطيني 13 عامًا تبدو كحكاية وطن اغتصب منذ 67 عامًا». وعلق لؤي أبو عكر، «جواب نهائي: مش متذكر.. يا عِز الشامخ فوق جبين المجد».
وأثار الفيديو الذي لم يعرف كيف جرى تسريبه وأسباب ذلك، إلى حالة جدل وغضب فلسطيني واسعة. وقال فلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي، إنه ما كان يجب نشر الفيديو الذي يستهدف تخويف الشبان الفلسطينيين وإحباطهم، وبث الرعب فيهم. وقال آخرون، إن نشره كان مهما لأنه يكشف علنا آليات التحقيق الفظة التي يقوم بها الإسرائيليون حتى مع الأطفال.
ولم يعقب أي طرف إسرائيلي على مسألة التسريب. وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها مناصرة الجدل والتلاسن الكلامي الفلسطيني الإسرائيلي. فقد استخدم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في إحدى خطبه، صورة للطفل مناصرة عندما أصيب في رأسه بالقرب من مستوطنة بسغات زئيف في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وترك ممدا على الأرض نازفا يركله جمهور من الإسرائيليين ويشتمه، متهما إسرائيل بإعدامه. ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في حينها، بنشر فيديو آخر للطفل، يظهر فيه في مستشفى إسرائيلي حيث يتلقى العلاج، واتهمت نتنياهو عباس بالتحريض ونشر «الأكاذيب». كما استخدمت السلطة الفلسطينية شريط مناصرة وهو ملقى على الأرض، لكشف طرق تعامل إسرائيل مع الجرحى والمعتقلين الفلسطينيين، ومحاولاتها إعدام فلسطينيين.
وأمس، طلبت وزارة الخارجية الفلسطينية من جميع سفارات دولة فلسطين وبعثاتها، نشر «المشاهد المؤلمة والهمجية» التي تعرض لها الأسير المصاب الطفل أحمد مناصرة خلال التحقيق، وتعميمها.
وأكدت الوزارة على ضرورة توزيع الفيديو وتوضيحه لمراكز صنع القرار والرأي العام في الدول كافة، وكذلك لمنظمات المجتمع المدني الحقوقية والإنسانية وذات الصلة، بما يعكسه من «مشاهد رعب وإرهاب نفسي وجسدي، تمارسه قوات الاحتلال وأجهزتها المختلفة ضد الأسرى الفلسطينيين والعرب عامة، وضد الأطفال خاصة. وبما يمثله من انتهاك صارخ وخرق فاضح للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وللمعاهدات والمواثيق الدولية، ولأبسط المبادئ السامية الخاصة بحقوق الإنسان وحقوق الطفل، تلك الانتهاكات ترتقي لمستوى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية».
ومددت المحكمة الإسرائيلية أمس اعتقال الفتى المناصرة حتى السادس من يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، إلى حين بلوغه سن الرابعة عشرة، الذي يسمح لها، وفقا للقانون الإسرائيلي، بمحاكمته وتوجيه التهم إليه.
عم الطفل مناصرة لـ {الشرق الأوسط}: مشاهدته مؤلمة ولا تحتمل
إسرائيل تبقيه حتى سن 14 لتحاكمه.. والخارجية الفلسطينية تدعو لتوسيع نشر الفيديو
عم الطفل مناصرة لـ {الشرق الأوسط}: مشاهدته مؤلمة ولا تحتمل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة