مصريون يسعون لمنح شرم الشيخ «قبلة الحياة» عبر مبادرات محلية لتنشيط السياحة

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: عائدها «محدود».. وعلى الدولة البحث عن بدائل حقيقية

أفواج السياح البريطانيين في طريقهم الى مغادرة مطار شرم الشيخ امس (ا.ف.ب)
أفواج السياح البريطانيين في طريقهم الى مغادرة مطار شرم الشيخ امس (ا.ف.ب)
TT

مصريون يسعون لمنح شرم الشيخ «قبلة الحياة» عبر مبادرات محلية لتنشيط السياحة

أفواج السياح البريطانيين في طريقهم الى مغادرة مطار شرم الشيخ امس (ا.ف.ب)
أفواج السياح البريطانيين في طريقهم الى مغادرة مطار شرم الشيخ امس (ا.ف.ب)

«إننا نروح شرم فهذا واجب وطني حاليا قبل ما يكون استجمام». أحد التعليقات المنشورة ضمن هاشتاغ «رايح_شرم»، والذي بات الأوسع استخدما لدى المغردين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بالإنترنت مؤخرا. فقد دشنت مؤسسات خاصة وجهات حكومية مبادرات محلية، تشمل حفلات غنائية وعروض سفر بأسعار بخسة، لإنقاذ الموسم السياحي في مدينة شرم الشيخ (جنوب سيناء)، والمهدد بشكل كبير عقب حادث الطائرة الروسية المنكوبة.
وقال خبراء سياحيون مصريون لـ«الشرق الأوسط» إن عائد تلك المبادرات «معنوي» أكثر منه مادي، وإنها تخاطب الجانب العاطفي للمصريين لرفع روحهم المعنوية، حيث إن ناتجها الاقتصادي «محدود» على مدخلات الدولة، داعين الحكومة للبحث عن بدائل حقيقة لتنشيط السياحة الأجنبية.
وشكل إعلان عدة دول من بينها بريطانيا وروسيا وتركيا وقف رحلاتها الجوية إلى منتجع شرم الشيخ، عقب تحطم طائرة ركاب روسية ومقتل ركابها الـ224 في سيناء قبل أيام، ضربة قوية للسياحة المصرية، التي تعد أحد أهم مصادر الدخل القومي والعملة الصعبة في البلاد. وأشارت تقارير استخباراتية غربية إلى أن الحادث جاء نتيجة «عمل إرهابي».
وبدأت بريطانيا وروسيا قبل أيام عملية واسعة لإجلاء رعاياهم من هناك. وقالت مصادر في القطاع السياحي الروسي إن 23 ألف سائح روسي تم نقلهم من المنتجعات المصرية منذ يوم (السبت) الماضي، مما أدى إلى تقليص عددهم في مدينتي شرم الشيخ والغردقة وغيرهما من الأماكن السياحية إلى 57 ألفا تقريبا.
وقدرت، جهات غير رسمية، خسائر مصر جراء رحيل السياح الروس والبريطانيين، بنحو 4 ملايين دولار في الوقت الراهن. فيما تشكل عائدات قطاع السياحة في مصر 11.3 في المائة من إجمالي الدخل القومي للبلاد. ونسبة 14.4 في المائة من إيرادات مصر من العملات الأجنبية.
وتلعب روسيا دورا رئيسيا في السياحة الوافدة إلى مصر، حيث تحتل المركز الأول في قائمة الدول المصدرة للسياحة. فقد بلغ عدد السياح الروس العام الماضي نحو 3.16 ملايين سائح، تليها بريطانيا، وتأتي ألمانيا في المرتبة الثالثة.
وردا على استغاثات العاملين المصريين في قطاع السياحة وخشيتهم من تدهور أحوالهم المعيشية، دشن الآلاف من المصريين على موقعي «فيسبوك» و«تويتر» هاشتاغ «أنا مع مصر»، وآخر «رايح_شرم». حيث أعلنوا عزمهم التوجه إلى شرم الشيخ تضامنا لإنقاذ مصر في الأزمة الحالية.
وبدأ مصريون نشر صورهم خلال زيارات سابقة إلى المدينة تبرز معالم شرم الشيخ السياحية الفاتنة، ومحمياتها الطبيعية ومواقع الغوص، حيث تعتبر إحدى أفضل ثلاث مواقع غوص معروفة عالميا.
وقدمت شركات سياحية عروضا للمصريين من أجل السفر وخصومات تصل إلى نصف الثمن، بأسعار تبدأ من (50 دولارًا) لقضاء أربعة أيام في المدينة شاملة الإقامة في الفندق والأطعمة ورحلات للتنزه.
وبثت عدة قنوات فضائية برامجها من داخل استوديوهات خاصة أقامتها بشوارع المدنية الساهرة. كما أطلق المغني الشهير محمد مُنير مبادرة بإقامة حفل غنائي كبير، ودعا جموع الشعب المصري والعربي للحضور والتكاتف خلف البلاد لدعم السياحة، حتى تعبر مصر من هذه المحنة.
وبدوره يستعد الفنان هاني شاكر (نقيب الموسيقيين) ومعه المغنيان سامو زين ونادية مصطفى لإحياء حفلات غنائية في شرم الشيخ قريبا. وناشد منظمو الحفل مصر للطيران بضرورة عمل جسر جوي بين القاهرة وشرم لضمان وصول أكبر عدد من الجمهور.
وقال الفنان سامح الصريطي عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية، إن «المجلس قرر صياغة بيان موجه من فناني مصر إلى فناني العالم أجمع، يشرح ويوضح الموقف في مصر، وقدرة مصر على تأمين أي وفود سياحية قادمة إليها، بدليل نجاح زيارة الموسيقار العالمي ياني للقاهرة مؤخرا».
وشارك فنانون عرب في تلك المبادرات، حيث أطلق عدد من الفنانين التونسيين حملة «زوروا مصر» لدعم السياحة المصرية. وقالت الفنانة التونسية درة، إن الحملة تعبر عن الروح التونسية المحبة لمصر.
كما دشن مواطنون كويتيون حملة إلكترونية لزيارة شرم الشيخ تحت عنوان «معًا ضد مؤامرة ضرب اقتصاد مصر»، أشادوا خلالها بالجو الرائع في المدينة خاصة خلال فصل الشتاء.
وبدوره وجه رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس، مؤسس حزب «المصريين الأحرار»، رسالة للسياح حول العالم بزيارة مصر قائلاً: «زوروا مصر، تحدوا الإرهاب، أمن مطاراتنا جيد وتطور عما قبل، نحن نحتاج للدعم، مصر جميلة».
وطالب الحزب بوقف حملات الإعلان السياحي المباشر في الدول التي منعت السفر إلى مصر واستبدالها بحملات إعلامية من خلال وكالة علاقات عامة متخصصة في كل دولة يهدف التعاقد معها إلى العمل على إحداث التوازن المطلوب لدرء الآثار السيئة الناجمة عن الأخبار السلبية المنتشرة عن مصر، وتكثيف الحملات الإعلانية في الأسواق العربية مع إعداد خطة لزيادة الفعاليات الفنية والثقافية الجاذبة للسائح العربي وذلك في المدن السياحية المتضررة.
رسميا، قال هشام زعزوع وزير السياحة المصري أمس إن الوزارة لديها خطة تسعى لتطبيقها خلال الفترة المقبلة لدعم السياحة. وأضاف: «في إطار تلك الخطة سيتم جدولة المستحقات التأمينية للمنشآت السياحية دون المساس بحق العاملين وبما يستهدف مؤازرة المنشآت السياحية والفندقية».
وأكد الوزير أنه «ستتم مخاطبة اتحاد بنوك مصر والجامعات المصرية الخاصة وقطاع البترول وكذلك النقابات وجمعيات رجال الأعمال لتنظيم رحلات إلى شرم الشيخ والتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة بشأن دعوة النوادي للمشاركة في مبادرة لدعم شرم الشيخ سياحيا».
وقال زعزوع إنه سيتم أيضًا دعم السفر داخليًا عن طريق صندوق التمويل الأهلي لمشروعات الشباب، مشيرا إلى أنه سيعقد اجتماعات مع المستثمرين السياحيين والقطاع المصرفي لبحث المشكلات التي يواجهونها مع البنوك والحلول المقترحة لجدولة المديونيات، لمساندة القطاع السياحي في الأزمة الحالية.
ونوه زعزوع إلى أنه سيعلن عن برنامج جديد للسياحة الداخلية تحت عنوان «شرم في قلوبنا» لتنشيط السياحة الداخلية، ليقول المصريون إن شرم الشيخ في قلوبنا، وقال: «مافيش لمبة هتطفي في شرم الشيخ».
من جهتها، دعت نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة ورعاية شؤون المصريين في الخارج، أبناء الوطن خارج مصر، بأن تكون مدن شرم الشيخ وطابا ورأس محمد والإسكندرية والغردقة والأقصر وأسوان، هي وجهتهم الوحيدة لقضاء عطلة نهاية العام، تحت عنوان «خلوا شتانا السنة دي مصري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».