أوباما يؤكد حق إسرائيل في حماية نفسها وأهمية تحقيق تطلعات الفلسطينين

نتنياهو التقى الرئيس الأميركي وسعى لإزالة الخلافات وزيادة المساعدات العسكرية

الرئيس الأميركي باراك أوباما يمد يده لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصافحا خلال لقائهما أمس في البيت الأبيض (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يمد يده لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصافحا خلال لقائهما أمس في البيت الأبيض (رويترز)
TT

أوباما يؤكد حق إسرائيل في حماية نفسها وأهمية تحقيق تطلعات الفلسطينين

الرئيس الأميركي باراك أوباما يمد يده لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصافحا خلال لقائهما أمس في البيت الأبيض (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يمد يده لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مصافحا خلال لقائهما أمس في البيت الأبيض (رويترز)

اجتهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أول لقاء له بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، منذ 13 شهرا، في محاولة إصلاح العلاقات المتوترة بين واشنطن وتل أبيب. فأشاد بالتعاون العسكري بين البلدين، في مواجهة «وحشية داعش، وأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة»، كما قال. وأشار رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى استمرار التزامه إقامة دولة فلسطينية، اشترط أن تكون منزوعة السلاح، وتعترف بالدولة اليهودية، وقال: إنه يحمل معه للرئيس أوباما مقترحات لتخفيف التوتر في الأراضي الفلسطينية.
ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال زيارته إلى واشنطن، إلى توقيع مذكرة تفاهم لزيادة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، إلى 5 مليارات دولار سنويا (المساعدات الحالية 3.1 مليار دولار) على مدى عشر سنوات، وضمان قدرات عسكرية متقدمة لها، والحصول على مقاتلات أميركية وأنظمة دفاعية وهجومية حديثة. فيما اعترف مسؤول أميركي رفيع المستوى، بعدم إمكانية التوصل إلى اتفاق حول الوضع النهائي لحل الدولتين، خلال الفترة المتبقية من ولاية أوباما.
وقال أوباما في بداية لقائه بنتنياهو: «هذه فرصة للدخول في مناقشة واسعة النطاق حول بعض القضايا الأمنية الأكثر إلحاحا التي تواجه بلدينا. وليس سرا أن البيئة الأمنية في الشرق الأوسط قد تدهورت في الكثير من المجالات». وأضاف: «لدينا تعاون عسكري واستخباراتي وثيق، والمساعدات العسكرية التي نقدمها تعد ليس فقط جزءا هاما من التزامنا بأمن دولة إسرائيل، وإنما أيضا، جزءا هاما من البنية التحتية الأمنية الأميركية في المنطقة، ولكي نتأكد أن أقرب حلفائنا قادر على حماية نفسه، ويمكن أن يلعب (دوره) معنا في ردع الإرهاب والتهديدات الأمنية الأخرى». وأوضح الرئيس الأميركي، أنه سيناقش الوضع في سوريا وكيفية مكافحة «داعش» وحزب الله ومنظمات أخرى في المنطقة، تقوم بتنفيذ هجمات إرهابية. وأشار إلى أن جانبا كبيرا من النقاش سيتركز على التفاوض حول مذكرة التفاهم، للمضي حول المضي في التخطيطات الدفاعية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأشار أوباما إلى الخلافات بينه وبين نتنياهو حول الاتفاق النووي الإيراني، مشيرا إلى أنه يستهدف الوصول إلى أرضية مشتركة، اعتمادا على الاتفاق بين البلدين في منع إيران من الحصول على سلاح نووي، والاتفاق على التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
وفيما يتعلق بالتوترات وأعمال العنف في الأراضي الفلسطينية، قال أوباما «أريد أن أكون واضحا جدا، إننا ندين بأشد العبارات العنف الفلسطيني ضد (..) الإسرائيليين. وأريد أن أكرر اعتقادي الراسخ، بأن إسرائيل لديها، ليس فقط الحق بل المسؤولية لحماية نفسها». وأضاف: «سأبحث مع رئيس الوزراء كيفية تقليل التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والمضي على الطريق نحو السلام وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني، من خلال عملية سياسية، فيما نتأكد من قدرة إسرائيل على حماية نفسها».
من جانبه، أشار نتنياهو إلى وحشية «داعش» وتهديدات إيران، وانعدام الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مبديا رغبته في السلام، وقال: «أريد أن أوضح أننا لم نتخل عن أملنا في السلام ولا زلنا ملتزمين برؤية السلام لدولتين وشعبين، وقيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح تعترف بالدولة اليهودية». وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على عزم إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب والتدمير مع سعيه للسلام. وقال: «لا ينبغي لأحد أن يشكك في رغبة إسرائيل في تحقيق السلام مع أي من جيرانها الذين يريدون حقا السلام معنا». وأشار إلى أنه سيعرض على الرئيس أوباما الطرق التي يمكن معها خفض التوتر وزيادة الاستقرار والتحرك نحو السلام.
وقد شارك في الاجتماعات من الجانب الأميركي، وزير الخارجية جون كيري، ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس، ومن الجانب الإسرائيلي مستشار الأمن القومي يوسي كوهين.
وكان نتنياهو قد أثار غضب البيت الأبيض بعد خطابه أمام الكونغرس في مارس (آذار) الماضي، بدعوة من قادة الحزب الجمهوري، حين انتقد الاتفاق النووي مع إيران باعتباره خطوة تهدد السلام على مستوى العالم.
ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تأمين حزمة من المساعدات العسكرية لبلاده لمدة عشر سنوات. وتقول إسرائيل إن تخفيف العقوبات على إيران بموجب الاتفاق النووي مع القوى العالمية، سيسمح لطهران بالاستثمار بشكل أكبر في تطوير الصواريخ ومضاعفة التمويل لحزب الله وحماس.
وقال دان شابيرو، سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل: «إن هناك مذكرة تفاهم حول مساعدات عسكرية أميركية بمبلغ 30 مليار دولار على مدى عشر سنوات». وأشار في لقاء مع الصحافيين، إلى «أن الاجتماع بين أوباما ونتنياهو سيكون فرصة للنظر في الخطوات الواجب اتخاذها، ونوع المساعدات لضمان أمن إسرائيل، ومناقشة نشر القوات العسكرية الأجنبية في سوريا ومصلحتنا في ضمان الاستمرار في ملاحقة تنظيم داعش، ومصلحة إسرائيل في ضمان ألا تكون سوريا منطلقا لهجمات ضد إسرائيل، وألا تكون طريقا لوصول الأسلحة إلى أيدي حزب الله في لبنان».
ويأتي اجتماع أوباما - نتنياهو في أعقاب مشاورات أمنية مكثفة بين مسؤولي البلدين، حيث زار وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون واشنطن الأسبوع الماضي، وأجرى مشاورات مع نظيره الأميركي، وشارك في لقاءات عدة مع بعض المسؤولين في الجامعات الأميركية ومراكز الأبحاث، فيما قام رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية جوزيف دانفورد بزيارة إسرائيل. واجتمعت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي مع نظيرها الإسرائيلي يوسي كوهين.
فيما أشار مسؤولون أميركيون أن الرئيس أوباما يحاول الضغط على نتنياهو للحفاظ على إمكانيات مناقشة إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل خاصة. ويقول البيت الأبيض إن انهيار محادثات السلام التي رعتها الولايات المتحدة بين إسرائيل والفلسطينيين عام 2014، واندلاع موجة من العنف يجعل الحاجة إلى مناقشة حل الدولتين أكثر إلحاحا.
لكن روب مالي منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج، استبعد التوصل إلى اتفاق حول الوضع النهائي حول حل الدولتين خلال الفترة المتبقية من ولاية أوباما. وقال مالي للصحافيين: «لقد توصلنا إلى تقييم واقعي، لكن لن يكون هناك اتفاق الوضع النهائي الشامل خلال الفترة المتبقية من ولاية الرئيس أوباما، وعلى الأرجح قد لا يكون هناك حتى مفاوضات ذات مغزى بين الجانبين. ولذا فإن واشنطن تتطلع لسماع أفكار نتنياهو حول كيفية تحقيق الاستقرار في غياب المفاوضات بين الطرفين، وإعلان الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أنهما ما يزالان ملتزمين بالتحرك نحو حل الدولتين حتى لو لم نكن في وضع يسمح اليوم بإجراء محادثات بينهما حول هذا الموضوع».
واعترف بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي للاتصالات الاستراتيجية، بعدم إمكانية تحقيق حل الدولتين حتى نهاية إدارة أوباما. وقال: «حاولت عدة إدارات دفع المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، وفي نهاية المطاف، لم تتخذ الأطراف نفسها الخطوات الكافية على طريق التوصل إلى حل الدولتين وفي ظل التوتر العالي حاليا، ما نبحثه في المدى القريب هو نوع من تدابير بناء الثقة التي يمكن اتباعها للحد من التوترات وترك الباب مفتوحا أمام وعد لحل الدولتين. وجزء من هذا ينطوي على نبذ العنف ورفض التحريض. وقد دعونا القيادة الفلسطينية للقيام بذلك، ونريد أن نسمع آراء الحكومة الإسرائيلية حول الخطوات اللازمة لبناء بعض الثقة، والتأكيد أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لضمان الأمن والكرامة للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».