حذرت سبع منظمات إنسانية دولية من أن عدم الاستثمار في معالجة أزمة اللاجئين السوريين في المنطقة سيدفعهم إلى الهرب إلى خارجها، داعية إلى إيجاد خطة «جديدة وجريئة» لمساعدتهم، فيما وجهت منظمات عاملة في إغاثة الشعب السوري ووحدة تنسيق الدعم والمجالس المحلية، أمس، نداء استغاثة عاجلا تحت عنوان: «قبل أن تقع الكارثة» لدرء خطر موجات البرد القارس المتوقع حدوثها هذا الشتاء، والتي آلمت النازحين واللاجئين السوريين على مدار أربع سنوات ماضية وراح ضحيتها العشرات، أغلبهم من الأطفال.
وحذر النداء من تكرار الحوادث المأساوية التي وقعت أثناء العواصف السابقة التي ضربت المنطقة في الشتاء الماضي؛ حيث توفي عشرات الأطفال والنساء وكبار السن في المخيمات بسبب التجمد وشدة البرد، ونقص وسائل التدفئة، وضعف الاستجابة، وانقطاع الطرقات الذي تسببت فيه الثلوج والفيضانات، مما أعاق وصول المساعدات الإنسانية؛ سواء الغذائية منها أو الطبية.
وقالت منظمات «أوكسفام» و«لجنة الإنقاذ الدولية» و«المجلس الدنماركي لمساندة اللاجئين» و«المجلس النرويجي للاجئين» و«مؤسسة إنقاذ الطفل» و«كير إنترناشيونال» و«جمعية الرؤية العالمية» إن «حجم الأزمة يعني أن اللاجئين الأكثر ضعفا سيحتاجون إلى اللجوء خارج المنطقة». ودعت المجتمع الدولي إلى «الاتفاق على خطة جديدة وجريئة للاجئين السوريين إذا ما كان هذا المجتمع جادا في معالجة أكبر أزمة إنسانية من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية». وحضت على توفير «مزيد من الاستثمارات في الدول المجاورة لسوريا (...) ووضع حد لقيود تمنع اللاجئين من العمل، وفي بعض الحالات، من العيش بشكل قانوني في هذه البلدان». كما أكدت ضرورة أن «تعزز وتحمي هذه الخطة حق السوريين في طلب اللجوء».
وكانت المفوضية الأوروبية توقعت الخميس الماضي وصول ثلاثة ملايين مهاجر إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2017، يشكل السوريون نسبة كبيرة منهم. وقال آندي بيكر، المدير الإقليمي لمنظمة «أوكسفام»، لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «هناك نقصا في التمويل، وهذه قضية كبيرة، وذلك سبب يفاقم الشعور بفقدان الأمل لدى اللاجئين». وأضاف: «ما لم تقم الدول الغنية بدورها وتخرج بطرق تمنح فيها فرصا جديدة وأملا جديدا للاجئين السوريين في المنطقة، فسيدفعهم اليأس إلى إرسال أطفالهم لسوق العمل، أو تزويج بناتهم القصر، وطبعا الهجرة غير الآمنة إلى أوروبا».
من جهتها، حذرت هيلين كلارك، مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خلال مؤتمر صحافي عقد على هامش «منتدى التنمية لتعزيز الاستجابة للأزمة السورية» في منطقة البحر الميت، من أن «المزيد من اللاجئين والمهجرين السوريين سيغادرون المنطقة إن لم يروا الأمل والكرامة». وعبرت عن خشيتها من عواقب عدم حصول خطط الاستجابة على التمويل اللازم «لأن هؤلاء يئسوا، ويجب أن نبقي الأمل حيا لديهم بأن هناك مستقبلا ينتظرهم لدى عودتهم إلى سوريا عند نهاية الصراع».
وكان نحو 23 مليون شخص يعيشون في سوريا قبل بدء الحرب في مارس (آذار) 2011 التي أجبرت نحو نصف السكان على ترك منازلهم فنزح نحو 7.6 مليون داخل سوريا، و4.2 مليون لجأوا إلى خارج البلاد. وقالت كلارك: «لدينا فرصة لإنقاذ الناس من اليأس والرحلات الخطرة».
من جانبه، قال عماد فاخوري، وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني، إن المملكة تحتاج إلى نحو 8 مليارات دولار للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين حتى عام 2018. وأوضح أن «خطة الاستجابة المقبلة لثلاث سنوات تتضمن احتياجات إنسانية بـ2.5 مليار دولار، واحتياجات مجتمعات مضيفة بنحو 2.5 مليار دولار، واحتياجات تعويض الحكومة والخزينة عن كل ما يتحمله الأردن بنحو 3 مليارات دولار». وأشار فاخوري إلى أن «التكلفة المباشرة وغير المباشرة التي تحملها الأردن وصلت إلى 6.6 مليار دولار أميركي منذ عام 2011».
من جهة أخرى، أكدت ألمانيا أنّه لا يمكن تحقيق مبدأ جمع شمل الأسرة لجميع اللاجئين السوريين حاليا، فيما أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية أنها استقبلت مساء الأحد الماضي مجموعة أولى تتألف من 12 لاجئا؛ هم: 11 إريتريا، وسوري واحد، من أصل أكثر من 17 ألفا تعهدت بقبولهم في إطار البرنامج الأوروبي للتكفل بهم.
وتعهدت الحكومة الإسبانية باستقبال 17 ألفا و670 لاجئا من أصل 160 ألف لاجئ قرر الاتحاد الأوروبي استقبالهم، وإن كان هذا العدد ارتفع أربعة أضعاف منذ الإعلان عنه. إلا أن الحكومة لم توضح المهلة التي سيتم استقبال هؤلاء اللاجئين خلالها.
وأمس، أعلنت الحكومة الألمانية أنه لا يمكن حاليا تحقيق مبدأ جمع شمل الأسرة لجميع اللاجئين السوريين. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في العاصمة برلين إن السلطات في ألمانيا مشغولة تماما بتسجيل العدد الكبير من اللاجئين الوافدين إلى ألمانيا وبتوفير إقامة لهم. وأشار زايبرت إلى أن الائتلاف الحاكم في ألمانيا قرر يوم الخميس الماضي تعليق العمل بمبدأ جمع شمل الأسرة لمدة عامين «لمجموعة صغيرة للغاية» من اللاجئين «تتمتع بحماية فرعية فقط». وأكد أنه لم تكن هناك تغييرات قانونية للمجموعة الأكبر من اللاجئين التي تتمتع «بحماية دائمة» وفقا لاتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين. ووفقا لتصريحات من وزارة الداخلية، فمن المقرر التشاور بهذا الشأن حاليا في مؤتمر لوزراء الداخلية على مستوى الحكومة والولايات.
منظمات دولية تدعو لـ«الاستثمار» في دعم لاجئي سوريا.. وتحذيرات محلية من «كوارث الشتاء»
ضعف التمويل يشجع الهجرة غير الشرعية وتشغيل الأطفال وتزويج القاصرات
منظمات دولية تدعو لـ«الاستثمار» في دعم لاجئي سوريا.. وتحذيرات محلية من «كوارث الشتاء»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة