سوريا: قائد القوات الجوية الروسية يكشف «أسرار» اختراق مقاتلة أجواء تركيا

موسكو «تنفي علمها» بلقاء قريب مع «الجيش الحر»

سوري يقف بالقرب من أنقاض مبنى مهدم بفعل الغارات الروسية أمس على مدينة خان طوقان جنوب حلب ({غيتي})
سوري يقف بالقرب من أنقاض مبنى مهدم بفعل الغارات الروسية أمس على مدينة خان طوقان جنوب حلب ({غيتي})
TT

سوريا: قائد القوات الجوية الروسية يكشف «أسرار» اختراق مقاتلة أجواء تركيا

سوري يقف بالقرب من أنقاض مبنى مهدم بفعل الغارات الروسية أمس على مدينة خان طوقان جنوب حلب ({غيتي})
سوري يقف بالقرب من أنقاض مبنى مهدم بفعل الغارات الروسية أمس على مدينة خان طوقان جنوب حلب ({غيتي})

تحدثت مصادر القوات الجوية الروسية عن «الأسباب» التي دفعت إحدى المقاتلات الروسية المشاركة في العمليات العسكرية في سوريا إلى دخول الأجواء التركية، إذ قال الجنرال فيكتور بونداريف القائد العام للقوات الجوية الفضائية الروسية في حديث نشرته أمس (الخميس) صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، إن الطائرة الروسية التي تجاوزت الأجواء الإقليمية لتركيا في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «اضطرت إلى دخول المجال الجوي التركي هربًا من مضادات أرضية كانت تستهدفها، وليس بسبب سوء الأحوال الجوية كما قيل آنذاك».
وأوضح القائد العسكري الروسي أن «المقاتلة الروسية كانت مع أخريات تقوم بمهمة قتالية في شمال سوريا في ظروف السحب الكثيفة. وعندما اقتربت المقاتلة من الحدود التركية أشارت الأجهزة إلى أن وسائل دفاع جوي على الأرض تحاول اعتراض الطائرة الحربية، لذلك اضطر طيارنا إلى القيام بمناورة مضادة للصواريخ في غضون ثوان معدودة، واضطر إلى دخول الأجواء التركية لمسافة لا تُذكر، وهو ما اعترفنا صراحة به في وقت لاحق».
وقال بونداريف: «القيادة الروسية لم تقتصر على الدفع بما يقرب من خمسين من المقاتلات الهجومية وقاذفات القنابل والمروحيات، بل وأيضًا أنظمة صواريخ مضادة للطائرات، تحسبًا لصد أي هجوم ضد قواتنا الجوية واحتمالات وقوع حوادث طارئة مختلفة، ومنها احتمالات اختطاف طائرة حربية في أراضي دولة مجاورة لسوريا بهدف مهاجمة قواتنا هناك». وتابع قائد القوات الجوية الروسية أن «الجانب الروسي نجح في خداع الجانب الأميركي»، لكنه رفض أن يميط اللثام عما قامت به القوات الروسية من عمليات «خداع استراتيجية»، وإن أشار إلى تعدد مصادر المعلومات عند القوات الروسية لاكتشاف مواقع تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى. ثم ذكر أن منها ما يعود إلى الاستكشاف الفضائي عبر الأقمار الصناعية، ومنها ما تستقيه القيادة من خلال الطائرات من دون طيار، إلى جانب طائرات الاستطلاع ورجال المخابرات.
كذلك قال الجنرال الروسي إن القوات الجوية الروسية «لم تتعرّض لأي خسائر في سوريا» خلال عملياتها التي دخلت شهرها الثاني، ووصف تقارير بعض وسائل الإعلام الغربية حول «إسقاط طائرات وهليكوبترات روسية في سوريا» بأنها «كاذبة تمامًا» على حد تعبيره. وادعى أن العملية الجوية في سوريا «تجري بشفافية كاملة ويصار إلى إبلاغ المجتمع الدولي بنتائجها أولا بأول»، مذكّرًا في الوقت ذاته بأن «واشنطن، على سبيل المثال، لا تعرض نتائج عمل الطيارين الأميركيين في أفغانستان». وتساءل: «وماذا يمكن لهم أن يعرضوا؟ كيف قصفوا عن طريق (الخطأ) حفل زفاف أفغانية؟!». وادعى قائد القوات الجوية الفضائية الروسية «عدم استهداف أي منشآت مدنية بالضربات الروسية في سوريا»، وتحدث عن استعداد قيادة مجموعة الطائرات الروسية للكشف عن «إحداثيات أي هدف وأي منشأة ضربناها»، مضيفًا أن «مجرمين من (داعش) يجمعون الأطفال وينقلونهم إلى معسكر للانتحاريين والمخربين لبدء تدريبهم. إنهم يستخدمون الأطفال دروعًا» كما ورد في تصريحاته لصحيفة «كومسومولسكايا برافدا». ومن ثم شن بوندرايف هجومًا على وسائل الإعلام الغربية وخصوصًا الأميركية قائلاً إن «الكذب هو السلاح الإعلامي للأميركيين ومعاونيهم، لأنهم يريدون تشويه ما يقال حول نجاح العملية الروسية في سوريا بأي وسائل ممكنة». وكان بونداريف قد قال إن ظهور القوات الروسية وبدء العملية الجوية العسكرية في سوريا «كانا مفاجأة للأميركيين، وأربكا خططهم من الناحية الاستراتيجية». وأضاف أن القوات المسلحة الروسية «تغيرت كثيرا في غضون السنوات الثلاث الأخيرة»، وكشف أن القوات الجوية كانت تتسلم سنويا ما يقرب من 250 طائرة، بينما تغير نظام الإعداد القتالي والتفتيش المفاجئ اعتبارا من عام 2012، وهو ما أسفر عن تدرب هذه القوات واستيعابها كل فنون وظروف القتال «غدت معهما على استعداد تام لمواجهة كل الظروف في حال تعرض البلاد لأي طارئ مفاجئ وفي أقل فترة من الزمن».
أما على الصعيد السياسي، فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو لم تعتبر أبدًا كل المعارضين للحكومة في سوريا «إرهابيين»، وتحدثت عن تكثيف الاتصالات مع مختلف جماعات المعارضة السورية بعد لقاء فيينا. ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن ماريا زاخاروفا، الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية، ما قالته أمس في مؤتمرها الصحافي الدوري حول أن موسكو «تتعامل مع طائفة واسعة من جماعات المعارضة السورية»، كما أشارت إلى «محاولات إجراء اتصالات مع الجيش السوري الحر». ولم تستبعد زاخاروفا إجراء «اتصالات ما» مع ممثلين عن «الجيش الحر» في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أنها نفت علمها بشأن تحضير أي «لقاء خاص» على مستوى مسؤولين كبار، وذلك تعليقًا على ما ورد على لسان ممثل «حركة الدبلوماسية الشعبية» حول إعداد لقاء بين ممثلين عن «الجيش الحر» ووزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين في أبوظبي خلال الأسبوع المقبل.
وأضافت زاخاروفا أن اتصالات دائمة تجري هناك مع المعارضة السورية «على مستوى سفاراتنا وممثلياتنا لدى المنظمات الدولية. لذلك فإن الحديث قد يدور حول أحد الاتصالات من هذا النوع». وكانت وكالة أنباء «سبوتنيك» نقلت عن محمود الأفندي، أمين سر مبادرة «حركة الدبلوماسية الشعبية» الذي وصف بأنه «أحد منسقي التواصل بين الجانبين» أنه «تم الاتفاق المبدئي على لقاء بين 28 قائدًا من (الجيش الحر) في ريف دمشق والقنيطرة وريف حماه وريف حمص الغربي والجبهة الشمالية في ريف حلب وإدلب، وممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين». وادعت الوكالة الروسية نقلا عن الأفندي أن اللقاء سينعقد «على الأغلب في أبوظبي، أواخر الأسبوع المقبل، بهدف تفعيل الغرفة العسكرية المشتركة التي كان قد اتفق عليها سابقًا في موسكو لضرب تنظيم داعش وجبهة النصرة، وكذلك إيجاد حل سياسي بعد القضاء عليهما، وأن يقدّم الروس أيضًا ضمانات لحماية ألوية الجيش الحر من قوات وميليشيات النظام، لأنه حتى الآن من المستبعد أن تحصل مصالحة بين الجيش الحر وجيش النظام».
ووفق ادعاءات الأفندي فإن «ألوية الجبهة الجنوبية في درعا وجبهات الجيش الحر في الساحل السوري أبدوا رغبتهم في الحوار مع روسيا ودخولهم الغرفة العسكرية المشتركة». وأعادت سبوتنيك إلى الأذهان ما قاله ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسية، في نهاية أكتوبر الماضي حول «ترحيب» موسكو بمشاركة ممثلي «الجيش السوري الحر» في محادثات التسوية حول مستقبل سوريا، فضلا عما أعلنه الجنرال أندريه كارتابولوف، رئيس إدارة العمليات بهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية يوم الثلاثاء الماضي عن أن «وزارة الدفاع أنشأت مع قادة المعارضة السورية مجموعة عمل مشترك لتنسيق التعاون في مجال محاربة (داعش)، في سوريا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».