الحكومة المغربية تستثمر 2.3 مليار دولار لتنمية مناطق الواحات

تقدم دعمًا مباشرًا يصل إلى 80 % للمشاريع الخاصة فيها

الحكومة المغربية تستثمر 2.3 مليار دولار لتنمية مناطق الواحات
TT

الحكومة المغربية تستثمر 2.3 مليار دولار لتنمية مناطق الواحات

الحكومة المغربية تستثمر 2.3 مليار دولار لتنمية مناطق الواحات

على طول 90 كيلومترا بمحاذاة الطريق الرابطة بين مدينتين بودنيب والمسكي (شرق المغرب) تصطف ضيعات فسيحة من نوع جديد مغروسة بالنخيل، ومتخصصة في إنتاج التمور تستعمل فيها أحدث الوسائل والتقنيات.
قبل سنوات كانت هذه الأراضي عارية وغير مزروعة، يقول محمد الحامدي، رئيس جمعية المستثمرين في النخيل المثمر بالمغرب لـ«الشرق الأوسط» «اليوم الضيعات الأولى التي غرست عند انطلاق المخطط المغربي لتوسيع الواحات في 2009 بدأت تعطي أكلها، لكن أغلبية هذه الضيعات الجديدة أنشأت بعد 2013، وبالتالي ستظهر نتائجها بعد أربع أو خمس سنوات».
ويهدف المخطط التنموي للواحات إلى إعادة تشجير الواحات القديمة عبر غرس ثلاثة ملايين نخلة، إضافة إلى التوسع على أراض جديدة تبلغ مساحتها 17 ألف هكتار في منطقة بودنيب وحدها، والتي قررت الحكومة تفويتها للمستثمرين عن طريق الإيجار.
ويقول مصطفى الدرقاوي، الأمين العام للاتحاد البين - مهني لقطاع النخيل «تنفيذ المخطط يسير بشكل جيد منذ 2013، وحتى الآن تمكننا من غرس 1.5 مليون نخلة جديدة، أي إننا حققنا 30 في المائة من الأهداف التي حددناها في أفق 2020، وبالموازاة مع ذلك استثمرت الحكومة نحو 23 مليار درهم (2.3 مليار دولار) خلال العامين الماضيين في البنيات الأساسية في إطار مشروع التنمية الشاملة لمناطق الواحات والرفع من جاذبيتها». وأضاف الدرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «ما يثلج قلبنا نحن أبناء المنطقة هو أن نرى السكان يعودون إليها بعد أن كانوا يهاجرون منها إلى مناطق أخرى بعيدة. ونشعر بالفخر لأن منطقتنا أصبحت اليوم تستقطب اليد العاملة القادمة من جهات أخرى، ومستثمرين من مختلف مناطق المغرب ومن خارجه أيضا».
وأوضح الدرقاوي أن هذا المخطط بدأ يعطي نتائجه على مستوى حجم إنتاج التمور الذي ارتفع هذه السنة بنسبة 30 في المائة مقارنة مع العام الماضي وبلغ مستوى غير مسبوق في تاريخ المغرب بنحو 117 ألف طن.
وتمنح الحكومة الكثير من الامتيازات والدعم للراغبين في الاستثمار في هذا القطاع، وعلى رأسها منح استثمارية تعادل 80 في المائة من التكلفة الإجمالية للمشروع بالنسبة للمستثمرين الكبار، وتصل إلى 100 في المائة بالنسبة لصغار المزارعين، وتغطي تكاليف تجهيز الضيعات بتقنيات الري بالتقطير وحفر الآبار وشراء الفسائل. ويهدف المخطط إلى رفع إنتاج المغرب من التمور إلى 600 ألف طن في 2020، بعد أن كان يقل عن 100 ألف طن. وتبلغ المساحة الإجمالية التي تغطيها الواحات في المغرب نحو 500 ألف هكتار، وتتميز بالتنوع الكبير لنخيلها، الذي يقدر بنحو 450 ألف صنف، غير أن بعض الأصناف فقط تعرف طريقها إلى الأسواق نظرا لجودتها التجارية وحجم إنتاجها، أشهرها صنف «بوفقوس» الذي يمثل 12 في المائة من الإنتاج المغربي، وصنف «الجيهل» الذي يمثل بدوره 12 في المائة. ومن أغلى أنواع التمور في المغرب صنف «المجهول» الذي لا تتجاوز حصته 0.3 في المائة، ويلقب بسلطان التمور نظرا لحجمه الكبير ومذاقه المميز. وتقاربه في السعر تمور عزيزة بوزيد، التي تختلف عنه بصغر حجمها غير أن مذاقها لا يضاهيه، ويمثل 0.2 في المائة من الإنتاج المغربي.
ومع انطلاق موسم جني التمور بالمغرب نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، احتضنت مدينة أرفود أخيرًا أكبر سوق للتمور في المغرب على هامش المعرض الدولي للتمور الذي شارك فيه 200 عارض من 15 دولة.
وشكل رواق شركة فينكس الأميركية إحدى أبرز نقاط الجاذبية في المعرض الذي تتواصلت فعالياته، كونها تعرض تمورا وفسائل نخيل من صنف المجهول المغربي متحدرة من أغراس نقلت إلى الولايات المتحدة قبل 100 عام، وتكاثرت في كاليفورنيا ليصل عددها اليوم إلى 1.5 مليون نخلة. وأنشأت الشركة قبل أسبوعين فرعا مغربيا متخصصا في بيع فسائل «المجهول» المنتجة في أميركا للمستثمرين الجدد في بساتين النخيل بالمغرب. وعلى مدى يومين من مشاركتها في المعرض تلقت الشركة طلبيات بلغت 300 ألف فسيلة.
ويقول مصطفى الشطايني، ممثل شركة فينيكس بالمغرب، «جئنا لنستفيد من الفرص الهائلة التي يوفرها المخطط المغربي لتنمية الواحات». وأشار الشطايني إلى أن شركة فينيكس طورت نشاطها في مجال إكثار فسائل «المجهول» المغربي في مختبراتها في سياق إعادة إعمار العراق وإعادة تشجير واحاته التي دمرتها الحرب، غير أن الأوضاع الأمنية غير المستقرة جعلتها تتراجع، لتجد في المخطط المغربي فرصة لم تكن متوقعة لتطوير نشاطها.
وتوجد في المغرب أزيد من ثماني شركات متخصصة في تكثير فسائل النخيل في المختبر، والبحث عن أصناف جديدة مقاومة لمرض «بايوض» قاتل النخل بالمغرب، والذي قضى على نحو 6 ملايين نخلة من صنف «المجهول»، الذي يعتبر ملك التمور بالمغرب نظرا لحجمه الكبير ومذاقه المميز.
وعلى هامش المعرض الدولي للتمور، سلم عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، عقود الاستفادة من أراض زراعية لإقامة ضيعات صغيرة للنخيل لفائدة 42 شابا حاصلين على شهادات جامعية من أبناء المنطقة. وسيستفيد الشباب في إطار هذه العقود من دعم حكومي مهم في مجال الاستثمار، وتأطير من طرف فنيي وزارة الفلاحة من أجل إنشاء ضيعات نموذجية صغيرة على مساحة 5 هكتارات لكل ضيعة، تخصص منها 3 هكتارات للنخيل وهكتاران لزراعة الخضراوات والكلأ.
كما جرى التوقيع على هامش المعرض على اتفاقية بين وكالة تنمية الواحات وصندوق التنمية الفلاحية وبرنامج الأمم المتحدية للتكيف مع التقلبات المناخية، والتي تلقت الوكالة برسمها مساعدة بقيمة 10 ملايين درهم (الدولار يساوي 9 دراهم) من أجل بناء منشآت مائية تحت أرضية وفق النموذج التقليدي للسدود تحت أرضية وشبكات الري تحت أرضية المعروفة باسم «الخطارات»، التي تدخل ضمن الموروث الثقافي والفني لهذه المنطقة منذ آلاف السنين، وبدأت تضمحل وتنقرض مع التحولات الاجتماعية التي عرفتها مناطق الواحات. ويعتبر هذا النوع من المنشآت المائية التقليدية الأكثر ملاءمة لطبيعة المناخ الصحراوي والقاحل لهذه المناطق.
ومن جانب آخر، أشار مسؤول في إدارة الحوض المائي للمنطقة إلى أن أمطار فصل الشتاء الماضي الغزيرة كان لها وقع جيد على مستوى مخزون الماء في الفرشات الجوفية تحت الأرض بالإضافة إلى السدود الكبرى التي تروي مناطق الواحات، خاصة سد المنصور الذهبي قرب ورزازات الذي بلغ مستوى امتلائه 95 في المائة وسد الحسن الداخل الذي بلغ مستوى امتلائه 80 في المائة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن إدارة الحوض المائي مطمئنة بوجود هذا المخزون إزاء وفرة الماء الضروري لسقي الواحات خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».