«إصبع الحوسبة»: فئة جديدة من كومبيوترات الجيب المحمولة

تحتوي على جميع الدارات الإلكترونية المهمة.. وتتصل لاسلكيًا بالملحقات والإنترنت

تطور الكومبيوترات مع تصغير حجمها  -  «كومبيوت ستيك»
تطور الكومبيوترات مع تصغير حجمها - «كومبيوت ستيك»
TT

«إصبع الحوسبة»: فئة جديدة من كومبيوترات الجيب المحمولة

تطور الكومبيوترات مع تصغير حجمها  -  «كومبيوت ستيك»
تطور الكومبيوترات مع تصغير حجمها - «كومبيوت ستيك»

قدمت كثير من شركات صناعة الكومبيوتر أجهزة مختلفة الأشكال والأحجام، ولكنها بقيت في النهاية تعتمد على وضع الدارات في شكل مستطيل ودمج الشاشة ولوحة المفاتيح والفأرة بطريقة ما، ليصبح الكومبيوتر محمولا. إلا أن جهاز «إنتل كومبيوت ستيك» Intel Compute Stick يعيد تعريف مصطلح الكومبيوتر المحمول، إذ إنه وضع جميع الدارات في قطعة صغيرة لا يزيد حجمها عن لوح حلوى صغير، يسمح للمستخدم نقل جهازه معه في جيبه أينما كان. واختبرت «الشرق الأوسط» الوحدة، ونذكر ملخص التجربة.
* استخدامات مختلفة
تقدم الوحدة جميع الدارات الأساسية للكومبيوتر، ويجب وصلها من خلال مخرج «إتش دي إم آي» HDMI بأي تلفزيون أو شاشة (بدءا من الشاشات الصغيرة وصولا إلى الشاشات الضخمة بقطر 80 أو 100 بوصة، مثلا)، مع القدرة على وصلها بالفأرة ولوحة المفاتيح لاسلكيا أو عبر منفذ «يو إس بي» المدمج في الجهاز. وتحتوي الوحدة على نظام التشغيل «ويندوز 8.1» بشكل كامل (يمكن ترقية النظام إلى «ويندوز 10» مجانا)، بالإضافة إلى دعمها للاتصال بالأجهزة الأخرى والإنترنت باستخدام تقنيتي «واي فاي» و«بلوتوث» اللاسلكيتين.
ويمكن استخدام هذه الوحدة لتحويل التلفزيون إلى شاشة ذكية بالكامل يمكن مشاهدة عروض الفيديو عالية الدقة 1080 عليه من دون أي تقطع، أو تصفح الإنترنت بسلاسة كبيرة أو معاينة عروض الفيديو وصور الإجازات مع الأهل والأصدقاء، بالإضافة إلى القدرة على العمل على الشاشات الكبيرة من دون الحاجة إلى نقل الكومبيوتر ليكون قريبا من التلفزيون. وعلى الرغم من أن هذه الوحدة لن تصبح بديلا كاملا للكومبيوترات المكتبية أو المحمولة المتقدمة، إلا أنها توفر فئة جديدة مريحة جدا للاستخدام المحمول، وتعتبر ابتكارا مبهرا من ناحية التصميم والوظائف العملية للأجهزة المحمولة.
ويمكن استخدام الوحدة كذلك كأداة تعليمية داخل المدارس في المناطق النائية لتعليم الطلاب أسس الكومبيوتر والإنترنت، ذلك أن سعرها لا يتعدى 150 دولارا، مقارنة بالأسعار الأعلى للكومبيوترات الشخصية المكتبية أو المحمولة. ويمكن استخدامها كذلك في الشركات الجديدة لتوفير النفقات (يمكن توفير 15 ألف دولار في حال شراء 20 وحدة عوضا عن 20 كومبيوتر بسعر لا يقل عن 900 دولار للكومبيوتر الواحد، واستثمار هذا المبلغ في نواحي أخرى في الشركة). وتسمح الوحدة للمستخدم حمل ملفاته وبرامجه في جيبه، الأمر المهم بالنسبة للمستخدمين الذين يحتاجون إلى توافر الكثير من البرامج لإتمام أعمالهم ولكن تنقلهم كثير، بحيث يمكن وضع الوحدة في الجيب من دون أن يشعروا بها، ومن دون الحاجة لحمل الكومبيوتر معهم.
وعلى الرغم من أن الوحدة لا تحتوي على منفذ للسماعات، إلا أن منفذ «إتش دي إم آي» الذي تتصل من خلاله بالتلفزيون ينقل الصوت والصورة إلى التلفزيون، ويمكن من خلاله الاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة عروض الفيديو عبر نظام المسرح المنزلي المتصل بالتلفزيون، ومن دون الحاجة إلى أي وصلات خاصة.
* مواصفات تقنية
وتستخدم الوحدة معالج «إنتل أتوم زيد 3735 إف» Atom Z3735F، الأمر الذي يعني أنها مناسبة لأداء الأعمال اليومية وليس اللعب بالألعاب الإلكترونية المتقدمة أو بهدف توفير بيئة كاملة لتطبيقات تحرير الفيديو فائق الدقة. ويقدم المعالج سرعات أداء تتراوح بين 1.3 و1.8 غيغاهرتز، وفقا للحاجة، من خلال 4 أنوية مدمجة.
وبالنسبة للسعة التخزينية، تقدم الوحدة 32 غيغابايت على شكل ذاكرة تخزين مدمجة مع القدرة على رفعها بـ128 غيغابايت إضافية من خلال بطاقات «مايكرو إس دي» المحمولة، يمكن استبدالها في أي وقت أثناء عمل الوحدة بكل سهولة. ويمكن كذلك وصل قرص صلب خارجي، أو وحدات «يو إس بي» كبيرة السعة بالوحدة عبر منفذ «يو إس بي» أو تخزين الملفات سحابيا عبر خدمات «وان درايف» و«دروب بوكس» و«غوغل درايف»، مثلا للحصول على مزيد من السعة من دون حمل ملحقات إضافية. وتستخدم الوحدة 2 غيغابايت من الذاكرة للعمل.
وتقدم علبة الوحدة كابل «إتش دي إم آي» يمكن وصله بالتلفزيون من جهة وبالوحدة من جهة أخرى، وذلك لتسهيل وصل ملحقات «يو إس بي» المختلفة بالوحدة من دون الحاجة إلى البحث عنها خلف التلفزيون في كل مرة. وتقدم الوحدة منفذ «يو إس بي»، ولكن يمكن وصل الملحقات الكثيرة به لاسلكيا من خلال تقنية «بلوتوث» (مثل الفأرة ولوحة المفاتيح والطابعة والماسحة الضوئية) أو يمكن استخدام موزع «يو إس بي» خارجي يتصل بالمنفذ بجهة لتقديم عدة منافذ إضافية في الجهة الأخرى. وتجدر الإشارة إلى أن الوحدة تحتاج إلى الطاقة الكهربائية للعمل، وتحصل عليها من خلال منفذ «مايكرو يو إس بي» عبر الشاحن، تماما وكأنها جوال ذكي أو جهاز لوحي، ولا توجد داخلها مراوح، الأمر الذي يجعلها تعمل بصمت تام، مع استخدام فتحات جانبية لتبريد الدارات الداخلية. هذا، ويمكن وصل سواقة أقراص ليزرية خارجية بالوحدة عبر منفذ «يو إس بي» لنقل البيانات بين الذاكرة المدمجة والقرص الليزري بكل سلاسة.
وتم اختبار فأرة لاسلكية تستخدم وحدة استقبال لاسلكية تعمل بتقنية «بلوتوث» تتصل بأي كومبيوتر عبر منفذ «يو إس بي»، بحيث اتصلت وحدة الاستقبال اللاسلكية بالجهاز عبر منفذ «يو إس بي» لتعمل الفأرة فورا. وتم العمل من دون استخدام لوحة مفاتيح، بحيث استخدمت لوحة المفاتيح الرقمية التي تظهر على الشاشة ليتم الضغط على الأزرار بالفأرة لتسجيل الدخول إلى النظام واختيار شبكة الإنترنت اللاسلكية، وتصفح الإنترنت ومشاهدة عروض الفيديو المختلفة. وإن كان المستخدم يحتاج إلى الكتابة كثيرا، فينصح باستخدام لوحة مفاتيح لاسلكية منفصلة تعمل بتقنية «بلوتوث»، ذلك أنها ستقدم سرعة كتابة أعلى مقارنة بالنقر على أزرار لوحة المفاتيح الرقمية على الشاشة.
* منافسة مع الأفضل
وتتنافس هذه الوحدة من حيث القدرات والسعر مع أجهزة «كرومبوك» المحمولة، ولكنها تتفوق على تلك الأجهزة في عدة مجالات، منها التوافق مع تطبيقات «ويندوز» وتوفير نظام تشغيل كامل الوظائف حتى في حالات عدم توافر اتصال بالإنترنت، بالإضافة إلى سهولة حملها في جيب المستخدم عوضا عن حملها في حقيبة خاصة. وتبلغ أبعاد الوحدة 12 × 37 × 103 ملم ويبلغ وزنها نحو 54 غراما فقط!
ويتوقع أن تشهد هذه الوحدة نجاحا في الأسواق، وأن تطلق «إنتل» إصدارات مختلفة منها بسرعات وذاكرة أعلى، مع دمج دارات وحدة معالجة متقدمة للرسومات، وجعل الوحدة تحصل على الطاقة اللازمة للعمل من خلال تقنية «إم إتش إل» MHL التي تمدها بالطاقة بمجرد وصلها بمنفذ «إتش دي إم آي»، وذلك بهدف إزالة محول الطاقة الخارجي.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».