حديث عن تباينات في الموقفين الروسي والإيراني من مصير الأسد

«فيينا 2» يبقى محط اهتمام واسع.. والخطيب يوجه رسالة مفتوحة إلى بوتين

حديث عن تباينات في الموقفين الروسي والإيراني من مصير الأسد
TT

حديث عن تباينات في الموقفين الروسي والإيراني من مصير الأسد

حديث عن تباينات في الموقفين الروسي والإيراني من مصير الأسد

بعد مضي أيام على لقاء «فيينا - 2» حول الأزمة السورية، ما زالت مختلف الأوساط الروسية تولي اهتمامًا كبيرًا بذلك اللقاء ونتائجه، وما قد تم بحثه خلاله من مواضيع. وما بين أوساط متفائلة بأن اللقاء شكل خطوة أولى طال انتظارها على درب توصل القوى العالمية والإقليمية المعنية بالأزمة السورية إلى صيغة لإطلاق الحل السياسي، وأوساط أخرى متشائمة تقول إن ما جرى ليس أكثر من تأكيد لكن بصورة أكثر رسمية على استمرار الخلافات الجذرية حول آليات التعاطي مع إطلاق الحل السياسي للأزمة في سوريا، ترى أصوات في روسيا، وهي الأغلبية، أن لقاء فيينا، وبغض النظر عن نتائجه، يشكل بحد ذاته خطوة هامة حيث اجتمعت لأول مرة كل القوى المعنية بالأزمة السورية، والتي تؤثر التناقضات بينها على الوضع في سوريا، اجتمعت في قاعة واحدة، ويجب المضي في العملية على أمل أن تخرج هذه القوى في نهاية المطاف بصيغة للحل تناسب جميع الأطراف، وتلبي تطلعات السوريين.
وخلال نقاشات حول «فيينا - 2»، قالت أوساط مقربة من أجواء اللقاء إنه كان هناك تباين أخذ يتبلور بوضوح بين الموقفين الروسي والإيراني من الملف الأكثر حساسية، أي مصير الرئيس السوري. وأوضحت هذه الأوساط أن روسيا تتعامل مع مصير الرئاسة في سوريا من منطلق «شرعية السلطة»، وهي ليست متمسكة بأشخاص في واقع الأمر، لكنها تصر على ضرورة أن يراعي أي انتقال أو تغيير لهذه السلطة المعايير والقوانين الدولية، بما في ذلك مبدأ عدم التدخل وفرض إملاءات خارجية على السوريين وتركهم لأنفسهم يقررون مصير المنظومة السياسية لبلادهم. وتريد روسيا من هذا تثبيت «عرف» حصانة السلطات المنتخبة وإنهاء ظاهرة «تغيير الأنظمة» عبر الاحتجاجات أو العنف. أما إيران فهي متمسكة بالأسد ونظام حكمه لأنها تخشى من أن تفقد كل مصالحها في سوريا مع تغيير النظام الحالي، وما سيعنيه ذلك من تراجع ملموس للنفوذ الإيراني، إن خسرت طبيعة علاقاتها الحالية مع دمشق، ممثلة بالرئيس الأسد ونظام حكمه.
وفي الحديث عن دور مجلس الأمن الدولي في تسوية الأزمة السورية، والأدوات المتاحة له والتي قد يستخدمها للمساعدة على الحل السياسي، تقول هذه الأوساط إن كل شيء ممكن، وقد يتراوح الدور الدولي، أي ما سيجري بقرار عن مجلس الأمن، من إرسال مراقبين يمهدون للعملية السياسية، مرورا بإرسال قوة حفظ سلام لمدة زمنية محدودة، وصولاً إلى صدور قرار عن مجلس الأمن بتشكيل قوة عسكرية دولية تقوم بالتصدي للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق على حد سواء. لكن يبدو أن روسيا ما زالت تحاول تجنب خطوات كهذه، وتعول على نجاحها في التقريب بين مجموعات المعارضة السورية المسلحة وبعض قطع الجيش السوري ليقوما معا بتنفيذ عمليات ضد الجماعات الإرهابية، وهو الأمر الذي يرى الروس أنه ممكن في حال تم التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار بين الأطراف السورية المتقاتلة. ونجاح هذه الخطوة سيحمل أهمية مميزة، حسب ما يرى البعض في موسكو، ذلك أن توحيد سلاح السوريين ولو ضمن فترات العمليات ضد الإرهابيين سيساهم تدريجيا في إعادة اللحمة وتشكيل أطر فاعلة يمكن البناء عليها لاحقا في عملية إعادة بناء مؤسسات الجيش والأمن، بعيدًا عن أسلوب تفكيك هذه المؤسسات وخلق فراغ في الدولة يهدد بعودة الأمور إلى أسوأ مما كانت عليه. ويبدو أن الجهود في هذا الاتجاه هي أحد الأسباب التي فرضت الحاجة إلى وضع قائمة للتنظيمات الإرهابية وغير الإرهابية في سوريا.
وبينما يتواصل الحديث في روسيا حول لقاء جنيف، وجه معاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف الوطني المعارض رئيس حركة «سوريا الأم»، رسالة مفتوحة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشار له في سياقها إلى أن أن «12 مشفى ومئات المدنيين قتلوا من دون أي ذنب بسبب القصف الروسي في كل أنحاء سوريا»، وأن «هناك استهدافا واضحا لكثير من مجموعات الثوار الوطنيين من الجيش الحر، وتم توثيق استشهاد المئات من المدنيين نتيجة القصف الروسي». ويدعو الخطيب بوتين في رسالته إلى الحل على أساس «تسليم رئيس النظام لكامل صلاحياته إلى هيئة انتقالية مؤقتة أولية شريطة أن يُعلن عن موعد محدد لرحيله». ويرى الخطيب أن انتخابات عامة لن تحل المشكلة، واصفًا الحديث عن أن «الشعب السوري يقرر مصير النظام» بأنه «التفاف على الشعب السوري». من ثم يشكك رئيس حركة «سوريا الأم» بجدوى كل العمليات الجوية في القضاء على «داعش»، ويقول بعد ذلك مخاطبًا بوتين: «نطالب وبشكل حازم بأن تقوم جمهورية روسيا الاتحادية بإيقاف قصفها للأبرياء، والتعاون مع الدول المعنية ضمن خطوات واضحة لإنقاذ الشعب السوري من توحش النظام ومن تطرف المجموعات المتشددة التي تتقاطع مع النظام في نقاط كثيرة».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.