ما سر شهرة وتميز الفلافل الإسكندراني

فلافل شهية من مطعم جاد الشهير بالإسكندرية
فلافل شهية من مطعم جاد الشهير بالإسكندرية
TT

ما سر شهرة وتميز الفلافل الإسكندراني

فلافل شهية من مطعم جاد الشهير بالإسكندرية
فلافل شهية من مطعم جاد الشهير بالإسكندرية

لا شيء يضاهي وجبة ساخنة على مائدة الإفطار أو العشاء، خاصة لو كان ذلك القرص المقرمش بلونه البني ومذاقه الغني بالتوابل مع الخضرة، إنها الفلافل أشهر الوجبات الشعبية في مصر والعالم العربي، وتحديدا في لبنان وفلسطين والأردن، وهي سيدة مائدة إفطار صباح الجمعة في كثير من البيوت العربية وبجوارها طبق الفول الساخن، فهناك دوما متلازمة «الفول والفلافل» والمخللات والطحينة والسلطة الخضراء.
وقد اخترقت الفلافل كل الموائد والمطاعم في العالم كله بسبب مذاقها الذي لا يقاوم، كما أنها تعد وجبة مثالية للنباتيين. ففي الصباح الباكر يمكن أن تشم رائحة الفلافل المقلية تعبق بشوارع مصر، حيث تبدأ المطاعم في تجهيزها أحيانا في الساعة الثالثة فجرا لإعداد العجين الكافي للزبائن.

فوائد وقيمة غذائية

ويعد الحصول على ساندوتش الفلافل وجبة خفيفة وغنية، وتعطي إحساسا قويا بالشبع في الآن ذاته، سواء في بداية يوم العمل أو أثناء التسوق أو في العشاء. ورغم بساطة شكل الفلافل فإنها وجبة غنية بالفوائد الصحية وبها ما قيمة غذائية لا يمكن تخيلها. فكل مكون من مكوناتها يحتوي على فوائد جمة، فمثلا الفول من البروتينات اللازمة لبناء خلايا الجسم كافة والخلايا المناعية أيضا، كما أنه يحتوي على المعادن اللازمة للجسم ك المغنيسيوم والبوتاسيوم وفيتامين «ب» الضروري للجهاز العصبي. كما أنه يساعد على الوقاية من سرطان القولون ويعطي الجسم الطاقة اللازمة له. أما الكرات فهو غني بالألياف الغذائية، وحمض الفوليك، والكالسيوم والبوتاسيوم وفيتامين C، كما أنه محفز قوي للأمعاء لتسهيل عملية الهضم. كما أن البقدونس هو «ملك الخضراوات» ويحتوي على قيمة غذائية عالية؛ لأنه يحتوي على كميات وفيرة من الكالسيوم، بمقدار يفوق ما يحتويه اللبن، ويتفوق على الليمون والبرتقال والجوافة فيما يحتويه من فيتامين C، ويساعد على تخفيض الكوليسترول ويساعد الجسم على بناء الكولاجين المفيد للبشرة والشعر، فضلا عن كثير من الفوائد للكلى والكبد والوقاية من السرطان. أما الشبت فهو مفيد للعظام ويساعد على التخلص من الشوارد الحرة التي تتراكم في خلايا الجسم بسبب التلوث، ويقي من أمراض القلب والسرطان، وبإضافة السمسم إلى قرص الفلافل فإنه يضمن لك مواد مضادة للأورام السرطانية، ومضادة للجراثيم، ومواد مضادة للأكسدة. وعليك أن تعدد الفوائد اللانهاية من تشكيلة البهارات التي تضاف لهذا القرص اللذيذ.

سر الفلافل الإسكندراني

وتشتهر الفلافل المصرية وتحديدا «الإسكندراني» بأنها الأشهى والألذ بين الفلافل التي تقدم في محافظات مصر الأخرى أو في الدول العربية، ولها عشاقها من مختلف دول العالم، فما هو سر شهرة وتميز الفلافل الإسكندراني؟ السر يكمن في مذاقها الذي يجمع بين نكهات متنوعة مثل التوابل والخضراوات مثل البصل والثوم، والبقوليات: «الفول المدشوش» وهو فول أزيلت قشرته الخارجية، والنباتات العشبية مثل: الشبت والكرات والكسبرة الخضراء، ما يكسبها اللون البني الفاتح من الخارج واللون الأخضر الداكن من الداخل.
التقت «الشرق الأوسط» الشيف ناصر الشهير بـ«المعجزة» من سلسلة مطاعم جاد الشهيرة بفرع محطة الرمل بالإسكندرية، الذي يقول: «الفلافل لها أسرار كثيرة للحصول عليها بالشكل المثالي أهمها استخدام كثير من الخضرة، مثل: الكرات والشبت والكسبرة الخضراء والبقدونس، إلى جانب البصل والثوم والكسبرة الجافة»، وعن أسرار الفلافل الإسكندراني يكشف «المعجزة» أن «الشبت والكسبرة هما السر في اللون الأخضر الغامق للفلافل من داخلها، أما البهارات التي تعطي طعما ومذاقا مميزا للفلافل في مطاعم جاد فهي: الكسبرة والينسون والشمر وجوزة الطيب والقرفة وورق اللوري والحبهان الناعم».
أما عن اختلاف الفلافل الإسكندراني عن الفلافل القاهرية أو «الطعمية» كما يطلق عليها القاهريون، فيقول: «المطاعم في القاهرة تضيف فتات الخبز إلى الفول المدشوش والبصل والثوم فقط، ولا تضيف الخضراوات والبهارات التي نضيفها فتخرج باهتة اللون وغير مقرمشة، ومن الداخل تفتقر للون الأخضر الغني، لأنهم لا يحصلون على الخضراوات الطازجة مثل التي في الإسكندرية لقربها من الأراضي الزراعية في منطقة أبيس».
أدخلت على وجبة الفلافل بعض النكهات والمكونات التي لم تكن تستخدم من قبل على سبيل الابتكار والتجديد، بعض المطاعم في مدينة الإسكندرية تضيف إليها البسطرمة، والبعض يضيف إليها البيض أو الجبن أو الفلافل المحشية «حارة» التي تكون مرضية جدا لعشاق المذاق الحريف. وعن مكونات تلك الخلطة الحارة يقول ناصر: «هي خليط مكون من الشطة والبهارات كالقرفة وجوزة الطيب والينسون والحبهان الناعم والفلفل الحار، ويتم خلطها معا وحشو الفلافل بها».
وسط ضجيج آلة العجين التي تطحن جميع مكونات الفلافل، يعمل الشيف ناصر (27 سنة) في مهنة طهي وتصنيع الفلافل منذ 13 عاما، وعن الوقت الذي يستغرقه في تجهيز الفلافل، يقول: «يبدأ يومي مبكرا في ساعات الفجر الأولى، بوضع الفول المدشوش في ماء بارد، حتى يمكن طحنه وهو في الشتاء يستغرق ساعة، أما في الصيف يستغرق نصف ساعة، ثم أقوم بتقطيع الخضرة ويتم وضع الكرات أولا، ثم البصل والثوم والشبت والكسبرة والفلفل الأسود الناعم، ثم الفول المدشوش ثم الملح، وتستمر عملية خلطها لمدة تقارب الساعة وفقا للكمية التي أعدها». أما عن سر القرمشة التي تمتاز بها فلافل مطاعم جاد، يكشف ناصر «وتصبح العجينة جيدة إذا ظهر ما يشبه الفقاعات على سطحها، ونسميها (عجينة فايرة) لذا تخرج بعد قليها مقرمشة ولا تمتص كثيرا من الزيت، لذا عندما يشتري بعض الناس عجين الفلافل لقليها في المنزل لا تعطيهم النتيجة نفسها لأن هذه الفقاعات تختفي» ولأجل فلافل مقرمشة ولينة من الداخل ينصح ناصر «إذا كان لديك عجين فلافل جاهزة لا بد من إعادة ضربها في خلاط أو بمضرب يدوي مرة أخرى، قبل قليها».



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».