«العفو الدولية» تطالب السلطات المغربية والفرنسية بكشف الحقيقة في ملف اختفاء المهدي بن بركة

بمناسبة الذكرى الـ50 لاختطاف المعارض اليساري في باريس

«العفو الدولية» تطالب السلطات المغربية والفرنسية بكشف الحقيقة في ملف اختفاء المهدي بن بركة
TT

«العفو الدولية» تطالب السلطات المغربية والفرنسية بكشف الحقيقة في ملف اختفاء المهدي بن بركة

«العفو الدولية» تطالب السلطات المغربية والفرنسية بكشف الحقيقة في ملف اختفاء المهدي بن بركة

طالبت منظمة العفو الدولية السلطات المغربية والفرنسية بكشف الحقيقة في ملف اختطاف واختفاء المعارض اليساري المغربي المهدي بن بركة، وذلك بمناسبة مرور 50 عامًا على ذكرى اختطافه في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1965 في باريس.
ودعت المنظمة في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، السلطات المغربية والفرنسية إلى «التحقيق بشكل شامل ومحايد في واقعة اختفاء بن بركة في ضوء ظهور تفاصيل جديدة أخيرًا». كما ناشدت السلطات الفرنسية كي ترفع السرية عن المعلومات المتوفرة التي بحوزتها عن قضية بن بركة، بهدف كشف الحقيقة ووضع حد لإفلات الجناة من العقاب. ونظمت، أمس، هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والمشكلة من سبع جمعيات حقوقية مغربية، وقفة رمزية في الرباط تخليدًا لذكرى يوم المختطف الذي يصادف الذكرى 50 لاختطاف بن بركة، والذكرى 43 لاختطاف المناضل الحسين المانوزي.
في غضون ذلك، نظم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي المعارض، مجموعة من الأنشطة تخليدًا لذكرى وفاة زعيمه السياسي. كما قدم الحزب مذكرة للمجلس المغربي لحقوق الإنسان، يطالبه فيها بالكشف عن الحقيقة في هذا الملف، وتعهد المجلس بنشر تقريره حول ملفات الاختفاء القسري العالقة نهاية العام الحالي.
وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة، التي شكلها المغرب عام 2004 للنظر في ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي عرفها المغرب منذ الاستقلال عام 1956 إلى 1999، قد كشفت في تقريرها النهائي أن 66 حالة اختفاء قسري ظلت مجهولة المصير، وقد عالجها فيما بعد المجلس المغربي لحقوق الإنسان، الذي عجز عن الكشف عن مصير سبع حالات، من بينها حالة بن بركة.
وكشف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، أمام البرلمان، الثلاثاء الماضي، أن القضاء لا يتوفر على ملف مفتوح لقضية بن بركة لأن هيئة الإنصاف والمصالحة هي التي أوكلت لها مهمة النظر في القضية، مشيرًا إلى أن هذه القضية لا يمكن حلها من خلال العدالة القضائية، بل من خلال العدالة الانتقالية، وانتقد الرميد «حشر الحكومة ووزارة العدل في هذا الملف».
وذكرت منظمة العفو الدولية في بيانها أنه في 29 أكتوبر 1965، اختُطف بن بركة من أمام أحد مطاعم باريس، وتعرض للاختفاء القسري منذ ذلك الحين، وسبق ذلك قيام السلطات المغربية بإصدار حكم غيابي بإعدام بن بركة في السنة السابقة لاختفائه قسرًا، بزعم ضلوعه في التآمر على الملك الراحل الحسن الثاني.
وفي يونيو (حزيران) 1967 أدانت إحدى المحاكم الفرنسية عددًا من الأشخاص، بينهم وزير الداخلية المغربي آنذاك الجنرال محمد أوفقير، بتهمة اختطاف بن بركة، وحكمت عليه غيابيًا بالسجن المؤبد، ولكن من دون أن تكشف عن مصير بن بركة. وفتحت فرنسا تحقيقًا آخر عام 1975، ما زال قائمًا بعد مضي أربعين عامًا من دون أن يتوصل إلى نتيجة نهائية، ليصبح بذلك أطول التحقيقات المستمرة التي تشهدها فرنسا على مر تاريخها.
وأوضحت المنظمة أن العراقيل الرئيسية التي تواجه التحقيق في هذه القضية تتجسد في الولوج إلى المعلومات السرية الموجودة بحوزة السلطات الفرنسية، ناهيك عن عدم إمكانية التواصل مع الشهود والمشتبه بهم داخل المغرب، والدخول إلى المعتقل السري السابق «ب ف 3» الموجود في العاصمة الرباط، الذي يُعتقد أنه يأوي بعض رفات بن بركة، وذلك وفق ما جاء في مذكرات قاضي التحقيق المتقاعد باتريك راماييل المنشورة أخيرًا.
وأفادت المنظمة أنه في يوليو (تموز) الماضي، حرر أحد قضاة التحقيق في فرنسا طلبًا جديدًا لتفتيش الموقع دون أن ينجح في ذلك، كما ورد أنه حرر طلبًا لاستجواب أحد الشهود في إسرائيل كشف عن تفاصيل جديدة في وقت سابق من العام الحالي، تتعلق بتورط المخابرات الإسرائيلية «الموساد» في اختفاء المعارض المغربي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».