البرلمان يناقش تداعيات العملية الأميركية وصمت حكومة العبادي بشأنها

«إنزال الحويجة» وتعيين الخرسان يسرقان الأضواء من أزمة المظاهرات والرواتب

البرلمان يناقش تداعيات العملية الأميركية وصمت حكومة العبادي بشأنها
TT

البرلمان يناقش تداعيات العملية الأميركية وصمت حكومة العبادي بشأنها

البرلمان يناقش تداعيات العملية الأميركية وصمت حكومة العبادي بشأنها

رغم تأجيل المظاهرات الشعبية في عدد من مدن العراق ومحافظاته الوسطى والجنوبية يوم الجمعة الماضي لتزامنها مع إحياء مراسم عاشوراء، فإن المظاهرات والاعتصامات الخاصة بسلم الرواتب الجديد، لا سيما في عدد من الجامعات والكليات، لم تتوقف.
ومنذ نحو أسبوع، تبدو الأوساط السياسية في البلاد منشغلة بقضيتين طغتا على المشهد السياسي، المتعايش منذ 12 عاما مع حالة نمطية من أزمات ومشكلات وخلافات غالبياتها ذات صبغة طائفية (سنية - شيعية) أو عرقية (الحكومة الاتحادية في بغداد مع حكومة إقليم كردستان في أربيل). اقترح الأميركيون، في مرات كثيرة، حلولاً لكثير منها حتى في ظل الوجود الإيراني الذي كان مستوى تأثيره لا يتعدى التحالف الوطني الشيعي. أما القضيتان الطارئتان فهما «عملية الحويجة» التي قامت بها قوات أميركية خاصة، بالتعاون مع قوات البيشمركة الكردية من دون علم بغداد، والتي ترتب عليها إنقاذ 70 رهينة من المواطنين العراقيين من غير الأكراد، كان تنظيم داعش يخطط لتنفيذ حكم الإعدام بهم خلال ساعات. والثانية هي تعيين عماد الخرسان أمينا عاما لمجلس الوزراء العراقي.
المفارقة أن العبادي هو من وقع على قرار تعيينه، رغم تداول اسمه خلال الفترة الماضية بوصفه رئيسا للوزراء خلفا للعبادي، وليس موظفا لدى مكتبه بدرجة أمين عام لمجلس الوزراء. وفجر التعيين خلافا داخليا ليس شيعيا - شيعيا فقط، بل حتى داخل «حزب الدعوة» الذي لا يزال يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وينتمي إليه العبادي. فالخرسان أميركي الجنسية، عراقي الأصل، كان من بين التكنوقراط الذين جاءوا مع الاحتلال الأميركي، كما كان من مساعدي الحاكم المدني بول بريمر.
وفي هذا السياق، يقول قيادي شيعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه إن «الحزب، ولأول مرة، تتضامن معه كتل شيعية مهمة، مثل (المجلس الأعلى) و(التيار الصدري)، في رفض تعيينه الخرسان بمنصبه لكن ليس بسبب جنسيته الأميركية، إذ إن كثيرا من القيادات البارزة بمن فيها العبادي نفسه يحملون جنسيات أجنبية، لكن لأسباب أخرى أهمها أن هذا التعيين يبدو كما لو كان قد جاء بصفقة سياسية يقف وراءها الأميركيون».
وأضاف القيادي الشيعي أن «بعض الاعتراضات طبيعية، مثل عدم إخبار العبادي لشركائه بهذا الأمر، علما بأن التعيين تم بالوكالة أيضا، وهو ما يعترض عليه دائما الصدريون و(المجلس الأعلى)، من منطلق أن التعيينات بالوكالة أمر أضر بالعملية السياسية. الأهم من ذلك أن التعيين هذا لم يكن بإرادة العبادي نفسه، وهو ما يعيد الكلام الذي يشبه نظرية المؤامرة والقائل إن الخرسان يجري تهيئته الآن لكي يكون في مرحلة لاحقة بديلا مقبولا للعبادي».
وحيث إن العراق منشغل منذ أكثر من شهرين بمظاهرات جماهيرية كبرى، أجبرت الحكومة على القيام بسلسلة من الإصلاحات التي تزامنت مع أزمة مالية حادة، فإن كثيرا من الأصوات ارتفعت هنا أو هناك بشأن أهمية الالتفات إلى التحدي الأكبر الذي يمثله «داعش» على البلاد، حتى جاء الإعلان عن «التحالف الرباعي» بين العراق وروسيا وسوريا وإيران، خالطًا الأوراق على صعيد التحالفات، ومفجرًا لخلافات داخلية عميقة. كان التقدم الذي سجلته القوات العراقية المدعومة من ميليشيات «الحشد الشعبي» الذي تدعمه إيران في بيجي بمحافظة صلاح الدين، قابله تقدم في الرمادي مدعوم أميركيا، بيد أن «إنزال الحويجة» بدا المتغير الأكبر الذي قلب الموازين. وقال عضو البرلمان العراقي عن «دولة القانون» موفق الربيعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلاف بشأن عملية الحويجة سياسي وليس فنيا، إذ إن من يعترض على وجود قوات قتالية برية أميركية في العراق (في إشارة إلى الكتل الشيعية) اعترض على هذه العملية، بينما من يؤيد التدخل الأميركي البري (في إشارة إلى السنة والأكراد) هو من أيدها». وأضاف أن «الجانب الأميركي يقول إنه أخبر الحكومة العراقية، لكن الحكومة العراقية التزمت الصمت حتى اللحظة». وأشار إلى أن «جلسة البرلمان التي تعقد اليوم سوف تشهد إثارة مثل هذه المسألة، إذ إننا في البرلمان سوف نوجه سؤالاً رسميًا للحكومة، حول هل تم إخبارها أم لا، كما نسعى إلى معرفة ما إذا كان هناك محققون عراقيون يساهمون في التحقيقات التي يجريها الأميركيون مع الـ70 شخصا ممن تم إنقاذهم». وكشف أن «من بين المفرج عنهم عناصر من (داعش) تمت معاقبتهم من قبل تنظيمهم لارتكابهم جرائم من وجهة نظرهم، إذ إن عدد المنتمين إلى القوات العراقية هم 20 فردا فقط، وهو أمر يحتاج إلى إجابة واضحة، نظرًا لمصادرة أجهزة حواسيب وهواتف جوالة تحتوي على معلومات هامة». وردًا على سؤال بشأن ما إذا كانت العملية خرقا للسيادة العراقية، قال الربيعي: «من الناحية الفنية لا يوجد خرق، لأنها جاءت جزءًا من خطة أميركية خاصة بأسلوب (أعطِ المشورة وادعم)، وهو ما قامت به القوات الأميركية، وبالتالي فإن العملية على المستوى الفني سليمة، لكنها أثارت خلافًا سياسيًا بسبب أن الأميركيين لم يعلموا الحكومة العراقية بشكل واضح، ما أدى إلى صمتها، علما بأن هذا الصمت هو الذي شجع القوى الرافضة للوجود الأميركي في العراق لأي سبب كان أن ترفع أصواتها بالرفض واعتبار الإنزال خرقًا للسيادة العراقية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».