اشتباكات بين الشرطة وناشطين مؤيدين لاستقبال مهاجري «كاليه» في لندن

الداخلية الفرنسية تعهدت بتجهيز مخيم «كاليه» بالتدفئة وتعزز الوجود الأمني

اشتباكات بين الشرطة وناشطين مؤيدين لاستقبال مهاجري «كاليه» في لندن
TT

اشتباكات بين الشرطة وناشطين مؤيدين لاستقبال مهاجري «كاليه» في لندن

اشتباكات بين الشرطة وناشطين مؤيدين لاستقبال مهاجري «كاليه» في لندن

أكّد مصدر في شرطة النقل البريطانية لـ«الشرق الأوسط» اعتقال شخصين شاركا في مظاهرة مؤيدة لاستضافة المهاجرين في العاصمة لندن، مساء أول من أمس، عقب اشتباكات عنيفة نسبيا بين ناشطين وقوات الأمن.
وألقى بعض المتظاهرين الحجارة وقنابل دخان على قوات الأمن التي اصطفت أمام محطة قطارات «سانت بانكراس» وسط لندن، حيث يصل قطار «اليورو ستار»، وفق ما أكّده شهود عيان. وأفادت شرطة النقل البريطانية في بيان نشرته أمس أن مقذوفات، من بينها قنابل دخان، أُلقيت على الشرطة السبت بعد الساعة السادسة مساء أمام محطة للقطارات بلندن، حيث نُظم احتجاج لتسليط الضوء على معاناة المهاجرين الساعين للجوء إلى بريطانيا. وأوضح البيان أن موظفي المحطّة حاولوا التعاون مع المتظاهرين لتسهيل «احتجاج سلمي»، إلا أن أفرادا انضموا إلى المظاهرة عند تمام الساعة السادسة مساء، وألقوا قنابل غاز على عناصر من الشرطة، ما تسبب في فوضى. وعليه، ألقي القبض على امرأة بتهمة الاعتداء على شرطيين، فيما قبض على رجل لتسببه في اضطراب النظام العام.
وتعليقا على الحادث، أفاد موقع «التضامن مع مهاجري كاليه» أن المتظاهرين تجمعوا احتجاجا على اعتقال مهاجرين كانوا يسيرون عبر القنال الأوروبي إلى بريطانيا، وعلى وفاة عدد منهم في ميناء كاليه الفرنسي. ويضم مخيم في منطقة كاليه الفرنسية نحو ستة آلاف مهاجر فارين من الحرب والاضطراب السياسي والفقر خارج أوروبا.
ويعاني المهاجرون المقيمون في مخيم «كاليه»، الراغبون في العبور إلى بريطانيا، من تردّي ظروف العيش خاصة بعد انخفاض درجات الحرارة الأسابيع الماضية. ولم يكن الناشطون البريطانيون أول من احتج على أوضاع هؤلاء، حيث ندّدت عريضة وقع عليها 800 باحث وأكاديمي وكاتب وناشط وفنان، نشرت في عدد الثلاثاء لصحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، بالوضع المأساوي للمخيم، المعروف كذلك بـ«غابة كاليه». وقالت إنه يضم نساء وأطفالا وشبابا أنهكوا خلال رحلاتهم.
ويفتقر هؤلاء الذين ينامون في خيام، أو في دور من صفيح في أحسن الأحوال، إلى الطعام والرعاية الصحية والمرافق العامة، ما يسهل انتشار الأمراض المعدية بين الأطفال خاصة.
في سياق متصل، أكّد وزير الداخلية الفرنسي، بيرنار كازنوف، أن الحكومة ستتخذ إجراءات لحماية نحو 6000 مهاجر في مخيم «كاليه» من البرد، أبرزها توفير خيم مجهّزة بتدفئة. إلى ذلك، أعلن كازنوف عقب زيارته السابعة إلى المخيم هذه السنة عن تعزيز الوجود الأمني من خلال نشر 460 شرطيا إضافيا في المنطقة، ليصل عددهم الإجمالي إلى 1125.
وينحدر معظم المهاجرين غير الشرعيين في مخيم «كاليه» من أفريقيا، وسوريا وأفغانستان.
من جانبه، كرّر الرئيس التنفيذي لخدمات «اليورو تانل» الذي حاول مهاجرون اقتحامه مرات كثيرة لعبور الحدود الفرنسية - البريطانية، انتقاداته للسلطات الفرنسية، معتبرا أنها لا تبذل ما يكفي لتعزيز الأمن.
من جهة أخرى، أعلنت إدارة منطقة «كاليه» الجمعة الماضي أن السلطات عثرت على 14 مهاجرا من سوريا والعراق وإيران، من بينهم ثلاثة أطفال ورضيع، أحياء داخل شاحنة تبريد كانت في طريقها إلى كاليه بشمال فرنسا.
وأعلن متحدث باسم إدارة المنطقة لوكالة الصحافة الفرنسية أن «خمسة رجال وخمس نساء وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات ورضيع عمره 15 شهرا» كانوا داخل شاحنة تحمل لوحة تسجيل بولندية أخضعت للتفتيش في وقت سابق من صباح الجمعة.
وأوضح المتحدث أن المهاجرين كانوا يعانون من تسمم طفيف بأحادي أكسيد الكربون ونقلوا إلى عدة مستشفيات قريبة من المكان للخضوع للعلاج، إلا أن حياتهم ليست في خطر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».