بوادر عودة الحزبين الرئيسيين في كردستان إلى اتفاقهما الإستراتيجي

إجماع سياسي علىضرورة تقريب المواقف وتجاوز الخلافات

بوادر عودة الحزبين الرئيسيين في كردستان إلى اتفاقهما الإستراتيجي
TT

بوادر عودة الحزبين الرئيسيين في كردستان إلى اتفاقهما الإستراتيجي

بوادر عودة الحزبين الرئيسيين في كردستان إلى اتفاقهما الإستراتيجي

باتت ملامح تجديد الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة سابقا بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني) تلوح في الأفق، خاصة بعد الاضطرابات الأخيرة التي شهدها الإقليم، بينما يرى نواب من الحزبين الرئيسيين أن الوضع بات بأمس الحاجة إلى تعديل هذه الاتفاقية أو عقد اتفاقية جديدة بينهما لتوحيد المواقف على المستوى الداخلي والخارجي.
وقال النائب في برلمان الإقليم عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، فرحان جوهر، لـ«الشرق الأوسط»: «الاتفاقية الاستراتيجية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ما زالت موجودة وحية حتى الآن، لكن يجب تعديلها بشكل يتلاءم مع الأوضاع الراهنة والمرحلة الجديدة». وأضاف أن «هناك مطلبا جماهيريا بضرورة وجود اتفاق قوي واستراتيجي بين الحزبين للحفاظ على أمن الإقليم، لأن المسؤولية كبيرة في الظروف الراهنة، خصوصا في الحرب ضد إرهابيي (داعش)، والتي تستوجب الحفاظ على العلاقات بينهما، وتعديل الاتفاقية الاستراتيجية من جديد». وأشار إلى أن «هناك رغبة مشتركة في هذا الصدد بين جماهير وكوادر الجانبين، لكن لم يتم الحديث عن هذه الاتفاقية بشكل رسمي من قبل المكتب السياسي للحزبين حتى الآن»، ملمحا إلى أن مرحلة جديدة من المفاوضات بين الجانبين ستبدأ بهذا الشأن، وأن الجانبين سيجددان هذه الاتفاقية بشكل آخر، داعيا إلى توسيعها لتكون ملائمة بشكل جيد للوضع الحالي.
من جهته، قال النائب في برلمان الإقليم عن الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، دلير مصطفى، إن «الحزبين يحتاجان إلى التقارب وتوحيد المواقف في ما بينهما في المرحلة الراهنة على مستوى العراق والدول الإقليمية والعالم، لتأمين مستقبل أكثر ازدهارا للإقليم وتنمية العملية الديمقراطية فيه، لذا فإن تعديل الاتفاقية الاستراتيجية وإعادة النظر فيها أو إبرام اتفاقية جديدة بين الجانبين مسألة ضرورية جدا للمنطقة وللشعب الكردي بالدرجة الأولى»، مؤكدا أن حل المشاكل يستدعى وحدة هاتين القوتين الرئيسيتين في الإقليم.
وعقد الحزبان الرئيسيان في 27 يوليو (تموز) عام 2007 اتفاقية استراتيجية بينهما، نصت على مشاركتهما في الانتخابات البرلمانية في الإقليم بقائمة موحدة، وتوزيع المناصب الرئيسية في الإقليم والحكومة الاتحادية، إلا أنهما وبعد دخول الأحزاب الأخرى إلى البرلمان والحكومة ابتعدا إلى حد ما عن العمل بالاتفاقية المبرمة بينهما، لكنهما وبعد ما شهده الإقليم أخيرا من اضطرابات شرعا في تفكير جدي، حسب مصادر مطلعة، بالعودة إلى الاتفاقية وإعادة صياغتها مرة أخرى.
وفي هذا السياق، يرى المراقب السياسي جرجيس كوليزاد أن الاتفاقية تشكل بادرة سلام وإدارة مشتركة للإقليم، وشدد على أن «الأمان والاستقرار الذي تحقق في الإقليم كان بفعل هذه الاتفاقية التي وزعت المناصب والامتيازات على المستويات الحزبية وعلى مستوى الشراكة السياسية مع الحكومة الاتحادية في بغداد. كل هذه الإيجابيات أسهمت في إرساء السلام، لكن الابتعاد عن تنفيذ فقراتها خاصة خلال السنوات الأخيرة، وبعد دخول أحزاب أخرى في برلمان إقليم كردستان، تسبب في ابتعاد الحزبين قليلا عن مضامين الاتفاقية، لكن الأحداث الأخيرة والأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يعاني منها الإقليم، دفعت بالحزبين إلى إعادة النظر في الاتفاقية الاستراتيجية والعودة إليها، لأنها أرست قاعدة للسلام والتعايش الحزبي والسياسي على مستوى الإقليم». وأضاف أن «التقارب الذي حدث أخيرا بينهما لإعادة محتويات الاتفاقية يشكل بادرة سياسية جيدة لإبعاد الإقليم عن بعض الأزمات السياسية التي يعاني منها، ونأمل نجاح المساعي الجارية لإعادة صياغتها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».