قنوات تلفزيونية مصرية تصيب ناخبي البرلمان بالإحباط

خبراء إعلام حمّلوا بعضها مسؤولية إرباك المقترعين

جانب من مقار عدد من القنوات الخاصة بمدينة الإنتاج الإعلامي غرب القاهرة («الشرق الأوسط»)
جانب من مقار عدد من القنوات الخاصة بمدينة الإنتاج الإعلامي غرب القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

قنوات تلفزيونية مصرية تصيب ناخبي البرلمان بالإحباط

جانب من مقار عدد من القنوات الخاصة بمدينة الإنتاج الإعلامي غرب القاهرة («الشرق الأوسط»)
جانب من مقار عدد من القنوات الخاصة بمدينة الإنتاج الإعلامي غرب القاهرة («الشرق الأوسط»)

بعد ظهر أول يوم في الانتخابات البرلمانية المصرية، حيث كانت معظم لجان الاقتراع خاوية على عروشها، بدأ مذيع التلفزيون يصرخ في وجوه المشاهدين «انزلوا.. أدلوا بأصواتكم، وإلا فقد أعذر من أنذر». في قناة أخرى كان الزعيق نفسه قد استمر إلى اليوم الثاني من أيام الانتخاب. ثم قبل حلول المساء تحولت الكثير من الفضائيات المصرية الخاصة لمنصات تتساءل، في دهشة، عن سبب غياب كثير من الناخبين عن مراكز الانتخاب.
يبدو أن غالبية القنوات نسيت أنها كانت من الأسباب الرئيسية في عزوف ملايين الناخبين عن المشاركة في الاقتراع. تقول الدكتورة عزة هيكل، عميد كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، وعضو المجلس الاستشاري للتنمية المجتمعية التابع لرئاسة الجمهورية: «قبل بدء الانتخابات كان هناك حالة من التشكيك في جدوى البرلمان المقبل، أكثر منها حالة من الحشد للناخبين، وبالتالي كان التأثير سلبيا إلى حد كبير».
وحمَّل خبراء إعلام، كثيرا من القنوات الفضائية الخاصة مسؤولية إرباك المقترعين بشأن إجراءات العملية الانتخابية والإيحاء بأن البرلمان المقبل سوف يدخله نوعان من النواب هما الإخوان الذين ثار عليهم المصريون في 2013، وفلول حزب الرئيس الأسبق حسني مبارك الذين أطاحت بهم ثورة 2011. ويوضح الدكتور أحمد كامل، مستشار الإعلام السياسي: الإعلام صدَّر للناس النماذج السيئة، وصور لهم أن البرلمان المقبل هو برلمان «الإخوان والفلول»، أو «الراقصة والطبال»، وشوَّه صورة الأحزاب أيضا.
وبدأت جولات الانتخابات الأسبوع الماضي في 14 محافظة، وتستمر هذا الأسبوع، وتنتهي أواخر الشهر المقبل بإجرائها في 14 محافظة أخرى بينها القاهرة، وتعد هي المرحلة الثالثة والنهائية في خارطة الطريق للتحول الديمقراطي عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي. وكانت المرحلة الأولى الاستفتاء على الدستور الجديد. والمرحلة الثانية انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، العام الماضي، وسط مشاركة واسعة من المقترعين.
ومنذ انتشارها خلال السنوات العشر الأخيرة، لعبت قنوات التلفزيون الخاص دورا كبيرا في توجيه الرأي العام. ويقدر عددها بالعشرات، لكن يوجد من بينها نحو ست أو سبع قنوات لها متابعون منتظمون. وأسهم بعضها في تأجيج الكراهية ضد حكم جماعة الإخوان الذي استمر مدة سنة انتهت في صيف 2013. واستمرت هذه الظاهرة في انتخابات البرلمان الجارية. وتقول يارا خلف، المدير التنفيذي لشركة مختصة بإدارة العلاقات العامة وإدارة الحملات الانتخابية: الظهور التلفزيوني يؤثر على قرار الناخبين بنسبة تصل إلى 45 في المائة.. هذه نسبة كبيرة مقارنة بتأثير الصحف المطبوعة والراديو ومواقع التواصل الاجتماعي والإلكتروني.
قبل موعد الاقتراع بعدة أسابيع انبرت الكثير من قنوات التلفزيون في التركيز على قضايا فرعية لا تمت لجوهر العمل النيابي بصلة، كما يقول الدكتور كامل، حيث جرى تسليط أضواء الكاميرات، مثلا، على رغبة الراقصة سما المصري في خوض الانتخابات، وكذا تخصيص ساعات طويلة للحديث عن حظوظ أحمد عز، رجل الأعمال والسياسي الشهير في عهد مبارك، في البرلمان المقبل، وغيرها من كلام عن تربيطات جماعة الإخوان للعودة إلى مقاعد مجلس النواب.
وفي أول أيام الانتخابات مطلع الأسبوع الماضي، حين تلاحظ ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع سارع الكثير من مذيعي القنوات في حث المواطنين عبر الشاشات على النزول للتصويت، واختلط الكلام الهادئ بالصراخ، وتوعد مذيعون آخرون الناخبين بأن تقاعسهم سيترتب عليه عدم حقهم مستقبلا في المطالبة بالديمقراطية أو بتحقيق أهداف الثورة، كما لن يكون هناك مبررات لأي مظاهرات في الشارع، طالما سيكون هناك برلمان.. «دافعوا عن حقوقكم وانزلوا شاركوا في اختيار نوابكم، وإلا ستندمون». كان صدى صوت إحدى القنوات يتردد فوق رؤوس رواد المقهى.
ويبدو أن «لجنة الأداء الإعلامي» في «اللجنة العليا للانتخابات»، وهي أعلى جهة معنية بالعملية الانتخابية في البلاد، كانت تستشعر منذ وقت مبكر خطر تأثير التلفزيون، فبادرت قبل موعد الاقتراع بإرسال دليل لكي تسترشد به الفضائيات في تغطية عملية الانتخاب، ومنها «الحيدة والمساواة وعدم التعرض للحياة الشخصية للمرشحين، وأن يكون هناك عدم خلط بين الإعلام والإعلان». يقول أمجد فتحي، عضو «لجنة الأداء الإعلامي»، والذي يشغل أيضا موقع المستشار الإعلامي للمجلس القومي لحقوق الإنسان: «نعم.. لقد لاحظنا عدم وجود دعاية كافية لجميع المرشحين.. كانت الدعاية، بشكل كبير، من نصيب رؤساء أحزاب يملكون قنوات فضائية أو ملاك قنوات فضائية يدعمون أحزابا بعينها. كما أن بعض القنوات تعرضت للحياة الشخصية لعدد من المرشحين».
وتوضح الدكتورة هيكل قائلة إن كثيرا من القنوات الخاصة ركزت على تقديم موضوعات مثيرة للجدل والبلبلة مثل دخول راقصة وخروجها من الترشح، ودخول أحد أعضاء الحزب الوطني القدامى. هناك بعض الفضائيات كانت تقوم بعمليات تشويه لصور بعض النواب أو المرشحين. وتضيف أن التأثير لم يكن سلبيا على الإقبال فقط، ولكن على الإقبال وعلى الاختيارات أيضا.
بعض القنوات كانت تدعو جمهور المشاهدين لاختيارات معينة من بين المرشحين ومن بين القوائم الحزبية «وهذا لم يكن من المفترض أبدا أن يحدث»، كما تؤكد هيكل، مشيرة إلى أنه «كان موقفا خاطئا تماما، ولم يكن ينبغي على القنوات الفضائية التي تدعي الحيادية أن ترشح أو تدعم قائمة أو مرشحا بعينه. لا أظن أن هذا من مهنية الإعلام».
واعتمدت نظم الحكم المصرية طوال عقود على الراديو والتلفزيون والصحف التابعة للدولة في توجيه الرأي العام. لكن هذا الأمر تقلص إلى حد كبير في السنوات العشر الأخيرة بسبب الإنترنت وانتشار وسائل الإعلام الخاص عموما، وعلى رأسها قنوات التلفزيون التي تتنافس فيما بينها لكي تستحوذ برامجها على أكبر نسبة من المشاهدين.
وتقول الدكتور هيكل: الإعلام الرسمي لم يقم بالدور كما يجب، بينما أصحاب القنوات الخاصة لهم توازنات وحسابات ولهم مرشحون. وبالتالي لم يكن هناك حيادية.. «في الماضي كان يقال إن التلفزيون الرسمي يساند المرشحين الذين تريدهم الدولة فقط، ولا يقدم جميع الصور والأصوات. لكن الذي حدث هذه المرة هو العكس، حيث لم تكن هناك حيادية في القنوات الخاصة»، مشيرة إلى أن التلفزيون الرسمي «لم يقم هو الآخر بدوره ولم يقدم المرشحين للجمهور كما ينبغي».
وجرت عملية الانتخاب وفقا للنظامين الفردي والقوائم في نفس التوقيت ونفس اللجان. ووفقا لقراءة الدكتور أحمد كامل للمشهد الانتخابي وعلاقته بالقنوات الفضائية، فإن «ما حدث في الانتخابات الحالية هو أن الإعلام الخاص، الذي نجح إلى قدر كبير في أن يستقطب المشاهد والقارئ والمستمع بعيدا عن الإعلام الرسمي للدولة، لم يقم بدوره كما يجب في تغطية الانتخابات.. لم يهيئ المواطن لهذا الحدث المهم، ولم يستعد له بالطريقة التي كان يمكن أن تسهم في نجاح العملية وإقبال الناخبين على لجان الاقتراع».
وعلى سبيل المثال، كما يقول كامل، شهدت المرحلة الأولى من انتخابات هذه الأيام أعلى نسبة أصوات باطلة بمقدار 9.5 في المائة. بينما كانت في أقصى مرة في الانتخابات الخمسة أو الستة الماضية لا تزيد على 1.2 في المائة. ويوضح أن «الناخبين كانوا قد اعتادوا في السابق على انتخاب اثنين من المرشحين، أما الآن فأصبح هناك مناطق مطلوب فيها انتخاب مرشح واحد فقط، وأخرى مطلوب انتخاب ثلاثة، وغيرها مطلوب انتخاب أربعة. الناخبون لم يعتادوا على القوانين الجديدة المنظمة لعملية الاقتراع، والإعلام لم يشرح لهم كيفية التصرف». هذا بالنسبة لنظام الانتخاب الفردي.
أما بالنسبة لنظام الانتخاب بالقائمة، فكان يمكن لقطاع من المقترعين أن يصاب بالارتباك والخلط بين أسماء القوائم الانتخابية التي سيصوت لإحداها، لأن أغلبها يقرن اسمه باسم «مصر» مثلا هناك قائمة «في حب مصر» وأخرى باسم «نداء مصر»، كما كانت قد ظهرت قائمة بعنوان «صحوة مصر». هذا ليس مثل الاستفتاء على الدستور حيث التصويت بـ«نعم» أو «لا». ولا مثل انتخابات الرئاسة حيث الأشخاص محددون ومعروفون. ويقول كامل: «بعض الناخبين لم يكن يعلم أصلا من هو المرشح في هذه الانتخابات. والبعض الآخر ذهب لانتخاب قائمة مصر، بينما كانت غالبية القوائم فيها اسم مصر. الحقيقة أنه لم تتم توعية الناس بالنظام الانتخابي». كما أن أكثر جملة قيلت بين من ذهبوا للاقتراع: «يا جماعة أنا لا أعرف مَنْ انتخب. ولا أعرف المرشحين».



زيد بن كمي نائباً لمدير شبكة «العربية»

الزميل زيد فيصل بن كمي
الزميل زيد فيصل بن كمي
TT

زيد بن كمي نائباً لمدير شبكة «العربية»

الزميل زيد فيصل بن كمي
الزميل زيد فيصل بن كمي

أعلنت شبكة «العربية» الإخبارية عن تعيين الصحافي السعودي زيد فيصل بن كمي نائباً لمدير عام قناتي «العربية» و«الحدث»، بهدف «تعزيز الأداء التحريري وتطوير استراتيجياتها الإعلامية وفق أعلى المعايير المهنية».

ويُعد زيد بن كمي من الصحافيين السعوديين البارزين، إذ بدأ مسيرته قبل 25 عاماً كمراسل وصحافي متنقلاً بين الصحافة المكتوبة والمرئية، ما أكسبه خبرة واسعة في مختلف أشكال العمل الإعلامي.

وشغل مناصب قيادية عدة في مؤسسات إعلامية مرموقة، منذ كان مديراً لتحرير صحيفة «الشرق الأوسط» في السعودية، قبل أن ينتقل إلى لندن عام 2015 لتولي منصب مساعد رئيس التحرير. وفي عام 2024، أصدرت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام قراراً بتعيينه نائباً لرئيس التحرير، ما عزز من دوره في تطوير المحتوى التحريري وإدارة الفرق الصحافية على المستويين الإقليمي والدولي.

إلى جانب عمله الصحافي، عمل زيد بن كمي محاضراً زائراً في جامعات سعودية، ومستشاراً إعلامياً لعدد من المؤسسات. كما شارك في العديد من المؤتمرات والمحافل الدولية والمحلية، مما ساهم في إثراء خبرته الإعلامية. كما تم انتخابه عضواً في مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين.

وقال المدير العام لقناتي «العربية» و«الحدث» ممدوح المهيني إن انضمام زيد بن كمي إلى فريق القيادة في الشبكة «يأتي في إطار استراتيجية تعزيز المحتوى الإخباري وتوسيع نطاق التغطية، مع التركيز على الابتكار الإعلامي والتطور الرقمي، خاصة أن الزميل زيد بن كمي يتمتع بخبرة مهنية كبيرة في إدارة وتطوير المؤسسات الإعلامية، ونتطلع إلى الاستفادة من رؤيته وخبرته في المرحلة القادمة لتعزيز مكانة القناتين كمنصات إخبارية رائدة على المستويين العربي والدولي».

وتتمنى أسرة «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» وصحيفة «الشرق الأوسط» للزميل زيد التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة.