بوعلام صنصال.. حرب روائية متواصلة على التطرف

الكاتب الجزائري مرشح بقوة لجائزة «غونكور» الفرنسية

بوعلام صنصال .. وفي الإطار غلاف الرواية
بوعلام صنصال .. وفي الإطار غلاف الرواية
TT

بوعلام صنصال.. حرب روائية متواصلة على التطرف

بوعلام صنصال .. وفي الإطار غلاف الرواية
بوعلام صنصال .. وفي الإطار غلاف الرواية

لم يحدث أن شكلت رواية فرنسية من توقيع كاتب جزائري ضجة إعلامية كما هو حال رواية «2084» التي تجاوزت بصداها وأبعادها حدود بلد موليير وفولتير وبودلير. وخلافا لما حدث العام الماضي مع رواية «ميرسو تحقيق مضاد» لصاحبها كمال داود الذي استلهم ألبير كامو بمنطلق فكري وأسلوب روائي متميز، لكن لم يمكناه من نيل جائزة «غونكور» العريقة، المرشح لها بقوة بوعلام صنصال عن روايته الجديدة «2084». رواية صنصال الصادرة في شهر أغسطس (آب) عن دار «غاليمار»، تطبخ إعلاميا على نار هادئة لأسباب كثيرة بطريقة حولت صاحبها إلى سلمان رشدي جزائري يعيش في بلده عكس رشدي. فهولا يزال يعيش في ضاحية بومرداس في بيت شعبي تعلوه أسلاك شائكة شوهت الشرفة التي يطل منها دون خشية من مصير يتمناه له أعداؤه من الإسلاميين المتطرفين. إنهم الأعداء الذين يهاجمهم من جديد في روايته الأخيرة. هم نتاج «الحكم الوطني الإقصائي»، على حد تعبير عدد من الأدباء والمثقفين الجزائريين وعلى رأسهم رشيد بوجدرة الذي قال إن «الفيس (الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالفرنسية) هي ابنة حكم جبهة التحرير الوطني». وكان صلصال قد هاجمهم من قبل في رواية «قرية الألماني أو قصة الإخوة شيلر» التي ترجمت إلى الألمانية وفتحت باب الشهرة والنجومية له في بلد نيتشه وغوته. القارئ لروايته هذه وخصوصا «قرية الألماني» و«وعد البرابرة» يعرف أن روايته الأخيرة المرشحة لجائزة «غونكور» هي بمثابة تتويج لمسار طبيعي كان لا بد أن يوصله إلى شاطئ الجائزة التي قال عنها لإحدى القنوات التلفزيونية إنها ستعينه ماليا ومعنويا، وتعمق حقد كثير من البعثيين والإسلاميين في الجزائر ضد المبدع الذي ناهض التعريب. وخلافا لما قيل في بعض وسائل الإعلام الفرنسية، فإن تنبؤ صنصال بحكم الإسلاميين الجهاديين والراديكاليين على طريقة جورج أورويل الاستباقية لم يولد مع كتابة روايته الجديدة، بل من قبل ذلك بكثير، وخصوصا مع رواية «قرية الألماني» التي صدرت عام 2008، وربط فيها بين المحرقة اليهودية والحرب الإرهابية في جزائر التسعينات، والوضعية المزرية في الضواحي الفرنسية التي دفعته للقول إن فرنسا بصدد تحولها إلى بلد إسلامي، وخصوصا بعد حادثة الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» التي غذت قناعته أكثر من أي وقت مضى. يعود صنصال إلى خطر الإسلاميين الراديكاليين في روايته الجديدة «2084» متصورا عالما إسلاميا شموليا يتجاوز كل أشكال الشمولية التي عرفها من قبل، تلغى فيه كل أصوات المعارضة، وتغيب فيه كل مظاهر الحياة الفكرية والفنية والأدبية، بشكل يذكرنا بالروائي ميشال ولبيك في روايته الأخيرة «خضوع» التي أسالت كثيرا من الحبر داخل وخارج فرنسا.
تقع أحداث رواية صنصال في إمبراطورية مغلقة على الخارج، يسيرها حكم شمولي يطارد فيها من سماهم بمحافظي الشرطة غير المتدينين، ويراقبون كل تحركاتهم ويفرضون عليهم تسع صلوات في اليوم. ونتيجة لذلك، تتحول شخصية عاتي المركزية إلى شخصية متمردة على حكم مفروض على الناس. ويقول بعض نقاد صلصال إنه «يقصد بذلك (داعش)».
الروائي الذي زار إسرائيل متحججا بقول: «لا هوية وطنية ولا جنسية للأدب»، يستعد لنيل أشهر الجوائز الفرنسية بعد حذف اسمه من قوائم الأسماء المرشحة للجوائز الأقل أهمية من «غونكور» (رونودو وميدسيس وفمينا)، وإقصاء الروائيتين كريستين أنغو ودلفين دو فيغو من قائمة الأسماء التي كانت مرشحة في البداية بقوة لجائزة «غونكور»، ويبقى الاسم الأكثر ترجيحا للوقوف أمام مصوري العالم بمطعم «دروو» بباريس في السابع عشر من الشهر المقبل إثر اجتماع لجنة التحكيم في آخر دورة لها بقيادة الناقد الشهير برنار بيفو في متحف «باردو» بتونس يوم السابع والعشرين من الشهر الحالي، حين سيعلن اسم الفائز. رمزية اختيار مكان اجتماع لجنة التحكيم غنية عن كل تعليق، إذ تعرض هذا المتحف لهجوم إرهابي في الشهر الثالث من هذا العام.
* سيرة
ولد بوعلام صنصال عام 1949 بثنية الأحد بنواحي جبال الونشريس شرق الجزائر، وقبل أن يصبح روائيا عمل مدرسا ومستشارا ومقاولا وموظفا ساميا في وزارة الصناعة، وتخرج مهندسًا من المدرسة الوطنية المتعددة التقنيات بالجزائر ومن المدرسة العليا للاتصالات بباريس، وهو حائز على دكتوراه في الاقتصاد. بدأ في الكتابة بتشجيع من صديقه الراحل رشيد ميموني عام 1997 في عز الإرهاب الذي ضرب الجزائر، ونشر روايته الأولى «وعد البرابرة» عام 1999 والثانية «طفل الشجرة الفارغة المجنون» والثالثة «قل لي الجنة» عام 2003 والرابعة «حراقة» عام 2005 والخامسة «قرية الألماني» عام 2008 والسادسة «شارع داروين» عام 2011. عالج في الروايات المذكورة وفق تسلسلها الزمني صعود التطرف الإسلامي في الجزائر، التي ما زال مقيما فيها بضاحية بومرداس الواقعة شرق العاصمة، وفساد الحكم الجزائري، ومأساة الشبان الجزائريين، وعلاقة الإسلاميين الراديكاليين بالفكر النازي. له كثير من الكتب العلمية والتقنية والدراسات والأبحاث عن تاريخ الجزائر، والمسألة اللغوية، والذاكرة، والفن المعاصر. وقد حصل على عدة جوائز. طرد من عمله بوزارة الصناعة عام 2003.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.