المالكي يقود محادثات سرية للإطاحة بالعبادي عبر البرلمان

بعد تعيين الخرسان أمينًا عامًا لمجلس الوزراء

حيدر العبادي  ...نوري المالكي
حيدر العبادي ...نوري المالكي
TT

المالكي يقود محادثات سرية للإطاحة بالعبادي عبر البرلمان

حيدر العبادي  ...نوري المالكي
حيدر العبادي ...نوري المالكي

كشف قيادي في التحالف الوطني العراقي، عن أن «أعضاء في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية المقال، بحث مع بعض الكتل السياسية العراقية التصويت على سحب الثقة داخل مجلس النواب من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي»، مشيرا إلى أن «الأعضاء الذين بحثوا هذا المقترح لم يتطرقوا في الوقت الحالي إلى أن يكون البديل عن العبادي رئيس ائتلافهم المالكي، بل لم يتطرقوا إلى الأسماء المقترحة، مع تشديدهم على أن يكون البديل من كتلتهم».
وقال القيادي في التحالف الوطني، الذي فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» في بغداد أمس إن «ائتلاف دولة القانون بحث موضوع التصويت البرلماني لسحب الثقة من العبادي كرئيس للوزراء، مع كل من المجلس الأعلى وائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي واتحاد القوى بزعامة أسامة النجيفي نائبي رئيس الجمهورية المقالين من قبل العبادي».
وأضاف القيادي في التحالف الوطني الذي يضم الكتل الشيعية الرئيسة: دولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، و التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وحزب الفضيلة وأحمد الجلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي وحركة الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري، وزير الخارجية العراقي.
وأشار المصدر إلى أن كلا من المجلس الأعلى وائتلاف الوطنية أبدى موافقته على المقترح، مضيفا أن ذلك يعني ضمنا أن منظمة بدر هي الأخرى ستوافق بحكم علاقتها القوية بالمجلس الأعلى من جهة، ولوجود اعتراضات من قبل زعيمها هادي العامري على سياسات العبادي.
وقال: «لا علم عندي فيما إذا تمت مفاتحة التيار الصدري بهذا الخصوص، وأعتقد أن السيد مقتدى الصدر لن يوافق على مثل هذا المقترح، وكذلك الأكراد المنشغلون بمشكلاتهم في إقليم كردستان على خلفية قضية التمديد لرئاسة مسعود بارزاني لإقليم كردستان العراق».
وأشار المصدر إلى أنه في الوقت الذي بدأت فيه بعض الكتل والشخصيات من داخل التحالف الوطني ترشح أسماء بديلة عن العبادي لرئاسة الوزراء، وكان من بينها عماد الخرسان، فإن العبادي استبق الأحداث وبنصيحة من الحكومة الأميركية وبصورة فاجأت جميع الكتل السياسية، خصوصا التحالف الوطني وحزبه (الدعوة) بتعيين عماد الخرسان أمينا عاما لرئاسة لمجلس الوزراء بدلا عن حامد خلف الموسوي الذي كان المالكي قد عينه بهذا المنصب قبيل رحيله عن السلطة.
وعماد الخرسان، المهندس، وسليل عائلة دينية معروفة في مدينة النجف، كان قد شغل منصب مدير مجلس إعمار العراق في عهد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر. وكان قد هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وعاد منها رئيسا لمجلس إعمار العراق، أو ما يُعتبر الرجل الأقوى في العراق بعد بريمر آنذاك، وكان يعتبر همزة الوصل بين إدارة بريمر والمرجعية الدينية في النجف، حيث كان مبعوث الحاكم المدني الأميركي لمعرفة آراء المرجعية في المراحل المتعددة التي أعقبت إسقاط نظام صدام حسين، وعمل مديرا لمكتب إبراهيم الجعفري رئيس وزراء العراق الأسبق.
وأوضح المصدر القيادي في التحالف الوطني أن «اسم الخرسان كان متداولا كأبرز المرشحين بديلا عن العبادي باعتباره شيعيا معتدلا وغير طائفي ومستقلا وغير منحاز لأي حزب إسلامي سواء كان شيعيا أو سنيا، وتربطه علاقات وطيدة بالإدارة الأميركية، وهو بالفعل وصل إلى رئاسة الوزراء أمينا عاما وليس رئيس وزراء، وسيكون وجوده دعما للعبادي وقراراته الإصلاحية»، مشيرا إلى أن «حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون كانوا أول المعترضين على قرار تعيين الخرسان في هذا المنصب الذي بقي لسنوات طويلة حكرا على حزب المالكي، وأشهر من شغل هذا المنصب هو علي العلاق المقرب من المالكي، الذي عُيّن محافظا للبنك المركزي بالوكالة».
وقال المصدر إن «أعضاء في التحالف الوطني، خصوصا كتلة دولة القانون وكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري اعترضا على تعيين الخرسان أمينا عاما لرئاسة مجلس الوزراء، ملوحين بطرح المسألة تحت قبة البرلمان باعتبار أن هذا المنصب يحتاج إلى التشاور بين الكتل والتوافق على المرشحين له كونه منصبا حساسا»، منبها إلى أن «الكتلة التي ينتمي إليها العبادي، دولة القانون، هي أشد المعترضين والأكثر استغرابا كون رئيس الوزراء لم يفاتحهم أو يتشاور معهم في موضوع تعيين الخرسان»، مضيفا أن «هذه المسألة ستكون مشكلة إضافية لتزيد بين الخلافات داخل التحالف الوطني الذي لم يتفق أعضاؤه حتى الآن على رئاسته».
من جهتها، قالت النائبة ميسون الدملوجي، المتحدثة الرسمية باسم كتلتها (ائتلاف الوطنية) إن «موضوع التصويت على سحب الثقة من رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتم تداوله أو بحثه داخل كتلتنا، أو في الأقل أنا لا أعرف عن هذه المباحثات ولا أدري إن كانت قد تمت بصورة سرية أم لا مع قيادات في الائتلاف»، وأوضحت: «إننا في ائتلاف الوطنية نرحب بمساءلة العبادي في مجلس النواب عن الإصلاحات التي يطالب بها الشعب العراقي، والتي تحدث عنها (العبادي) ولم يحققها، وباعتقادي أنه إذا تم التصويت على سحب الثقة من رئيس الوزراء حول موضوع الإصلاحات فستكون حظوظه بسيطة في البقاء بمنصبه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».