الموسيقار السعودي سراج عمر.. حزن في عينيه وابتسامة تخفي خلفها جفاء رفقاء الفن

صاحب عمل «بلادي منار الهدى» زارت («الشرق الأوسط») منزله المتواضع واستقبلنا «بكرسيه المتحرك»

الموسيقار سراج عمر في منزله بجدة

صناع الأغنية السعودية ومن ساهموا في بناء القاعدة الأساسية للفن السعودي ونقلوا الأغنية عربيا، هناك من رحل وفقدناه وآخرون موجودون بيننا ولكنهم غائبون عن المشهد الفني والجيل الجديد لا يعرفهم ولا يعرف دورهم في الحركة الثقافية والفنية في السعودية.
الموسيقار السعودي سراج عمر، صاحب الأغنية الوطنية الأشهر التي تحمل كلماتها العمق الوطني الكبير حيث تقول منها «بلادي بلادي منار الهدى... ومهد البطولة عبر المدى.. عليها ومنها السلام ابتدا... وفيها تألق فجر الندى.. حياتي لمجدِ بلادي فدِا.. بلادي بلاد الإبا والشمم... ومغنى المروءة منذ القدم.. يعانق فيها السماح الهمم... وفيها تصون العهود الذمم.. ستبقى بلادي منار الأمم... لتمنع عنها دياجي الظلم.. باسم المهيمن حامي العلم... وعزم السيوف وهدي القلم» وكتبها الشاعر سعيد فياض ولحنها وغناها سراج عمر منذ أكثر من 40 عاما وحصل سراج على قصيدة «بلادي منار الهدى» في عهد الملك فيصل رحمه الله حيث وضع سراج جل إحساسه بعد وفاة المغفور له وحقق العمل نجاحا وطنيا كبيرا على مستوى الوطن العربي، ولا يزال هذا العمل يردد حتى الآن والمعروف أن سراج عمر طور النشيد الوطني وأعاد توزيعه بالآلات النحاسية العسكرية، ودخل عالم الفن في الستينات الميلادية ويعتبر من أهم وأكبر الموسيقيين السعوديين. «الشرق الأوسط» زارت الموسيقار سراج عمر قبل أيام في منزله بجدة. الواقع في أحد الأحياء الشعبية ذهبنا في ذلك الشارع الضيق حيث يسكن، لحظة دخولنا كان في استقبالنا وهو جالس على كرسيه المتحرك، عيناه تمتلئان بحزن كبير حاول إخفاء دمعته بكبريائه، يقول في رده عن حاله: «أنا بأفضل الحال والحمد لله لا ينقصني شيء» واصل كبرياءه ثانيا محاولا الوقوف من كرسيه ليوهمنا أنه «بخير» ولم تمضِ ثانية حتى عاد وجلس في مجلسه «البسيط»، سألناه عن رفقائه أخذ يبرر عنهم قائلا: «نلتمس لهم العذر كل منهم مشغول في أموره» ويبدو أن ذلك الجفاء أصبح أمرا اعتياديا ولم يعط سراج عمر له بالا، لذلك اكتفى بالقول الحمد لله على كل شي موزعا ابتسامته التي كانت تخفي أشياء كثيرة، صحته بدا عليها التدهور ليس سراج عمر قبل عشرة أعوام حيث كان يملأ مكتبه في جمعية الثقافة والفنون بجدة بصوته العالي ومزحه الدائم مع الجميع وكان مكتبه آنذاك مليئا برفقاء الشعر والفن والإعلام ولا يخلو أبدا حيث كان سراج ناصحا وموجها وداعما لهم جميعا. أثناء جلوسنا بجانبه كان يتحدث عن مكتبه الصغير الذي بجواره حيث قال هذا المكتب خرجت منه أجمل أعمالي الفنية كنا نجلس هنا سويا بجانب الراحل الأمير الشاعر محمد العبد الله الفيصل والأمير الصديق الشاعر بدر بن عبد المحسن.
سراج عمر كان عضوا مؤسسا في اتحاد الفنانين العرب وعضو جمعية المؤلفين والملحنين في باريس وعضوا في المجمع العربي للموسيقى.
قدم للساحة الفنية أعمالا خالدة مع كبار نجوم الأغنية العربية منهم طلال مداح ومحمد عبده وعبادي الجوهر وعبد المجيد عبد الله وسميرة سعيد وعلي عبد الكريم وابتسام لطفي. ومن أهم أعماله «مقادير» و«ما تقول لنا صاحب» و«أغراب» و«أنادي» و«الموعد الثاني» و«الله يرد خطاك» وتلك الأعمال غناها الراحل طلال مداح. و«ومرتني الدنيا» و«يا حبيبي انستنا» و«حدثينا يا روابي نجد» مع الفنان محمد عبده، فيما قدم مع الفنان عبد المجيد عبد الله واحدة من روائعه وهي أغنيه «تخيل» كتبها الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن حيث شكل ثنائيا جميلا بينه وبين الأمير بدر وقدما سويا أهم الأعمال السعودية.