تناقلت بعض وسائل الإعلام من روسيا ومن الشرق الاوسط الأسبوع الماضي، تقارير إخبارية، تفيد بأنّ الصين تعتزم إرسال سفن حربية إلى سوريا للقتال إلى جانب روسيا، وأن حاملة الطائرات الصينية لياونينغ يمكن أن تشارك أيضا. ولكنّ وسائل الإعلام الصينية ردّت بأنّ هذه التقارير ليست سوى تكهّنات لا قيمة لها.
وردًا على سؤال ما إذا كانت بكين سترسل قواتها للمشاركة في سوريا، قالت هوا تشون ينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "يمكنني القول فيما يتعلق بالسفن الحربية الصينية -لياونينغ على سبيل المثال- وما إذا كانت ذهبت لتشارك.. فيما يخص هذا وعلى حد علمي لا توجد مثل هذه الخطط. في ذلك الوقت توجهت حاملة الطائرات لياونينغ في الآونة الأخيرة لإجراء اختبارات فنية ومناورات عسكرية". فيما لم تعط وزارة الدفاع الصينية أي تصريحات إضافية على ينغ.
وأشارت صحيفة "غلوبال تايمز" التي تديرها صحيفة "الشعب" الرسمية التابعة للحزب الشيوعي في افتتاحيتها الاربعاء الماضي، إلى أن تدخل الصين عسكريا في سوريا "شائعة لا أساس لها". وكتبت انّ الصين ليست هي من جلبت الفوضى إلى سوريا، ولا يوجد سبب يجعلها تندفع صوب جبهات القتال وتقوم بدور صدامي.
وفي مطلع الشهر الحالي صرّح فانغ تشي وزير الخارجية الصيني، خلال اجتماع مجلس الأمن قائلًا «لا يمكن للعالم أن يسمح لنفسه بأن يبقى متفرجاً ومكتوف الأيدي تجاه ما يجري في سوريا، ويجب عليه ألا يتصرف بطريقة غير منطقية تجاه ما يجري من أحداث تضرب الإنسانية في الصميم».
وعلى الرغم من أنّ الصين قد ظلت حذرة من الانخراط الفعلي في أي مواجهة عسكرية على المستوى الدولي، منذ تبنيها في سبعينات القرن الماضي، المبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي أطلقها الزعيم الصيني الراحل شو أن لاي، إلا أنّ تصريح وزير خارجيتها يُنبئ بأنّ الدولة الشيوعية قد تغيّر من تعاملها مع السياسات الخارجية، وقد تتدخل حماية لمصالحها الاستراتيجية ولأمنها الدّاخلي، خصوصًا بعد ظهور أنشطة لجماعات متطرفة بدأت تهدّد أمنها الداخلي. وفي ظلّ تزايد أعداد المتطرفين الصينيين الوافدين إلى سوريا للانضمام الى تنظيم "داعش"، وخوفها من الاصوات المطالبة بالانفصال في عدد من الأقاليم الصينية.
يذكر أنّه طالما سعت الصين الدولة الأكبر من حيث التعداد السكاني في العالم وصاحبة أعلى نسبة نمو اقتصادي خلال السنوات الأخيرة، لتجنب أي حل للمشاكل الدولية على أساس العنف. وربما كان هذا هو السبب الذي جعلها مترددة دومًا في حضور دبلوماسي وسياسي تجاه الملفات الساخنة على الساحة الدولية لما يزيد على ثلاثة عقود من الزمن. وبقيت الصين تتطلع إلى نظامها الدّاخلي وتهتم في الدرجة الأولى بنمو اقتصادها.
ومن الملاحظ انّ الصين لم ترسل قواتها إلى خارج حدودها للمشاركة في أي حروب وتحت أي مسميات.
ولطالما أكّد زعماؤها على إنشاء علاقات ايجابية مع دول وحكومات الخارج، متمسكين بضرورة الحوار لحل أي خلافات مع الجوار.
ولكنّ الأمر اختلف اليوم، وأسئلة كثيرة بدأت تُطرح. أين هي الصين من النزاع الدائر في سوريا؟ وما هو موقفها من التدخل الروسي، لا بل تدخلات دول عدّة في المنطقة والعالم مثل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ؟ وهل من الممكن ان ترسل اسطولها لمساندة روسيا في ضرباتها؟
ويرى باحثون أنّ تدخل الصين غير مستبعد في النزاع السوري، وعلى الرّغم من أنّها تقف موقف المتفرج اليوم؛ ولكّنها ليست بعيدة في مواقفها ومصالحها من التقارب الإيراني - الروسي في دعمهما لنظام الرئيس بشار الأسد. كما يعتقدون أنّها ربما ستشنّ في القريب الهاجل هجمات إلى جانب روسيا لضرب التنظيمات المتطرفة التي لم توفر المعارضة السورية أيضًا، وقد تكسر بذلك حيادها وتتدخّل لأول مرة في عملية عسكرية في الشرق الوسط.
بدورها، ذكرت صحف ووسائل إعلام بريطانية، أن ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، سيستغل زيارة الرئيس الصيني لبلاده ليطلب منه الدعم لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا. كما أفادت هذه الوسائل بأنّ كاميرون سيطلب من الرئيس الصيني إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتسهيل مهمات التحالف الدولي في سوريا لا عرقلتها.
يذكر أنّه في مايو (آيار) المنصرم، طلب كاميرون من روسيا والصين الانضمام الى الاسرة الدولية "لتضييق الخناق" على النظام السوري الذي "أفشل عمدًا" خطة الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.
وكان كاميرون قد قال خلال جولته في آسيا آنذاك، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) "اعتقد أنّه حان الوقت الآن لنقول للروس والصينيين: انظروا إلى ما نتعامل معه. أنظروا إلى الطريقة المقيتة التي يتصرف بها (الرئيس الاسد)". وأضاف حينها "علينا أن نعود إلى الأمم المتحدة لتعزيز الضغط وتضييق الخناق أكثر" على النظام. مستطردًا: "أشعر بخيبة أمل كبيرة لأن الاسرة الدولية وقفت وراء خطة كوفي أنان". وتابع "انّها خطة ويجب أن نتذكر أنّها لم تلق دعم الذين دفعونا للتحرك ضد سوريا فقط، بل لقيت دعم الصين وروسيا أيضا. لكن الاسد يعرقلها عمدّا".
الجدير بالذكر، أنّ موقع "يابادا" الصيني ومقره الرئيس في نيويورك أفاد في تقرير نشر أمس الثلاثاء، بأنّ الصين زوّدت النظام السوري بمعدات عسكرية لمحاربة "داعش"، ولكنها أكدت أن تلك المعدات ومنها مركبات عسكرية كبيرة جرى إزالة الرقع اللاصقة لعلامات التصنيع الصينية عنها.
كما أكد الموقع ذاته أنّها ليست المرة الأولى التي تتدخل الصين فيها في النزاع ضدّ "داعش".
وحسب التقرير، عاين وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي في العاشر من الشهر الحالي أسلحة "درون" صينية وصلت لقاعدة عسكرية عراقية ومن المقرر استخدامها في المستقبل القريب.
ولا بدّ من التنويه أنّ النزاع السوري استقطب لاعبين كثرا على أرضه وأصبح الملف الأهم عالميًا، وفي كل ّ يوم تظهر تطورات ولاعبون جدد، وقد تتجلى في الاشهر القليلة المقبلة الصورة التي تنبئ بتغيرات جذرية على الارض بين ظهور قوة جديدة وانكفاء أخرى.
وقد أشار ليونيد كروتاكوف الخبير الروسي، في مقابلة له مع الموقع الروسي "برافادا" الى أن النزاع الأكثر خطورة في الوقت الراهن يحدث بين الصين وأميركا، ويعتقد الخبير أن موسكو قد تدعم أحد الطرفين وهذا سيؤدي إلى تغيير النظام العالمي لسنوات عدة.
هل تتدخّل الصين في الصراع السوري دعمًا لروسيا؟
هل تتدخّل الصين في الصراع السوري دعمًا لروسيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة