بان كي مون يدعو إسرائيل إلى البحث عن تسوية سياسية بدل الحلول العسكرية

كيري سيلتقي نتنياهو في الشرق الأوسط ويطرح اتفاقًا مكتوبًا حول الأقصى

الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين يتحدث خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (أ.ف.ب)
الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين يتحدث خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (أ.ف.ب)
TT

بان كي مون يدعو إسرائيل إلى البحث عن تسوية سياسية بدل الحلول العسكرية

الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين يتحدث خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (أ.ف.ب)
الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين يتحدث خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (أ.ف.ب)

في زيارة مفاجئة، لم يعلن عنها مسبقا، وصل الأمين العام للأمم المتحدة إلى إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية، في محاولة لوقف التدهور الأمني وتحفيز الفرقاء على العودة إلى طاولة المفاوضات، سعيا إلى اتفاق سلام على أساس مبدأ دولتين للشعبين. وفي الوقت نفسه، وبعد أن ألغى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، زيارته لألمانيا، قرر وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، المجيء إلى الشرق الأوسط للقاء كل من نتنياهو والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال مسؤولون إسرائيليون، أمس، إن الوزير كيري أبدى رغبته في أحاديث هاتفية عدة، بتحديد التفاهمات التي تم التوصل إليها بين نتنياهو والملك الأردني عبد الله في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بشأن الوضع الراهن في الحرم القدسي، وذلك في إطار محاولة لتهدئة العنف الحالي. ومن بين الأفكار التي يجري فحصها، توثيق هذه التفاهمات خطيا بين نتنياهو والملك عبد الله. وقال كيري خلال مؤتمر صحافي عقده في مدريد، أمس، إن نتنياهو وعبد الله أعربا خلال محادثات أجراها معهما، عن رغبتهما بالعمل على خطوة «تضمن فهم الجميع لما يحدث في الحرم القدسي». وقال إنه معني بأن توضح الأطراف المعنية – إسرائيل والأردن، وربما السلطة الفلسطينية، أيضا – معنى الوضع الراهن في الحرم. وذكر كيري: «لا نسعى إلى تغيير جديد أو لدخول أطراف خارجية. لا أعتقد أن إسرائيل والأردن يريدان ذلك ونحن لا نقترحه. ما نريده هو الوضوح». وأشار إلى أن «إسرائيل لها الحق في حماية نفسها من أعمال العنف العشوائية»، لافتًا إلى أنه «خلال محادثاته مع نتنياهو، قال الزعيم الإسرائيلي إنه ملتزم بالحفاظ على الوضع الحالي للحرم القدسي». وأوضح للصحافيين عن الاجتماعات المقبلة: «ليس لدي توقعات محددة باستثناء محاولة دفع الأمور قدمًا. سيعتمد هذا على المحادثات نفسها، وما يمكننا تعريفه في سياق الخطوات التي يمكن اتخاذها حتى يفهم الناس أن الزعماء بالفعل يقودون مساعي جادة لحل الصراع الراهن». وصرح بعض المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، بأن «الوقت الراهن ليس مناسبًا للمساعي الدبلوماسية». لكن كيري شدد على أن «الأمن والدبلوماسية ينبغي أن يسيرا يدًا بيد». وتابع: «لا يوجد وقت لهذا ثم لذاك.. الأمران مهمان».
أما بان كي مون، فقد أعلن أنه قلق من التدهور الحالي، وقرر المجيء بنفسه إلى المنطقة لكي يسعى إلى تهدئة الأوضاع. لكنه رأى أن التهدئة ينبغي أن تكون جذرية وليست سطحية. لذلك طالب زعماء الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، بالعمل بإخلاص من أجل تحقيق السلام على أساس الدولتين. وحرص بان كي مون على توجيه رسالة إلى الطرفين، شعبا وحكومة، عبر شريط فيديو استهله بالتحية بالعبرية والعربية «شالوم» و«السلام عليكم».
ووجه بان كي مون رسالة إلى الإسرائيليين، حثهم فيها على أن يبحثوا عن حلول سياسية للأزمة الراهنة، باعتبار أن الحلول العسكرية غير مجدية. ودعاهم إلى وقف الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة. وقال: «تحملوا مسؤولية البناء الاستيطاني فهو غير شرعي». وأضاف: «أنا أفهم وأتفهم خوف المواطنين الإسرائيليين من العنف ولدي تقدير لحرصكم على الأمن والسلام. أفهم وأتفهم خوف أولادكم من التوجه إلى المدارس حيث بات كل إنسان عندكم مشروع قتل. لكن بالمقابل، فإن بناء الجدران والمزيد من الحواجز العسكرية وهدم البيوت الفلسطينية وغيرها من الردود القاسية، لن تأتي بالسلام ولا بالأمن».
وتوجه بان كي مون أيضا إلى الفلسطينيين قائلا: «لديكم طاقات هائلة وأرجو أن تصبوها نحو التسوية السلمية وليس نحو العنف. إنني أرتعد خوفا وأنا أرى الفتية الفلسطينيين يحملون الآلات الحادة والأسلحة بهدف القتل. العنف فقط يمس بشرعية الطموحات الفلسطينية لدولة. أنا أفهم وأتفهم الإحباط الذي يسود لديكم. وأعرف أن سبب هذا هو خيبة أملكم، المرة تلو المرة، من تحقيق حلم الحرية والاستقلال في دولتكم. أفهم وأتفهم غضبكم من الاحتلال وتوسيع الاستيطان. والكثيرون منكم محبطون وخائبو الأمل من قيادتكم ومنا في قيادة المجتمع الدولي، بسبب عجزنا عن إنهاء الاحتلال، لكن العنف لا يحل المشكلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.