انتقد تقرير أعده المجلس المغربي لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية مستقلة)، حول موضوع المساواة بين الجنسين والمناصفة في المغرب، استمرار مظاهر التمييز ضد النساء وغياب المناصفة في التشريعات والسياسات الحكومية.
وتطرق التقرير، وهو الأول من نوعه، الذي عرضت مضامينه أمس إلى عدد من القضايا المثيرة للجدل في المجتمع، ومنها قضية الإجهاض والعلاقات الجنسية خارج الزواج، والمساواة في الإرث.
ويتوقع أن يثير التقرير الذي جاء بمناسبة مرور عشر سنوات على إصلاح قانون الأسرة، وبعد أربع سنوات من اعتماد دستور 2011، حفيظة التيار المحافظ في المجتمع، ناهيك من تضمنه انتقادات لقرارات حسمت فيها الحكومة التي يرأسها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية.
ورغم أن المغرب حسم موقفه بشأن قضية الإجهاض وقرر الاحتفاظ بتجريم الإجهاض في القانون الجنائي وترخيصه في حالات محدودة، وذلك بعد مشاورات موسعة أمر بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لوضع حد للجدل الكبير الذي أثير حول الموضوع، فإن ذلك لم يمنع المجلس الذي شارك رئيسه إدريس اليزمي في تلك المشاورات من الإشارة في تقريره إلى أن «تقييد الحق في الإجهاض يشكل مسا بحرية النساء، ويضع النساء حيال وضعية عدم مساواة اجتماعية بينة»، لافتا إلى أن «تجريم الإجهاض وعدم الاعتراف بعلاقة القرابة مع الأطفال المولودين نتيجة حمل غير مرغوب فيه وقع خارج الزواج، يضع الشابات العازبات أمام مأزق حقيقي».
وكان المغرب قد رخص بالإجهاض في ثلاث حالات فقط هي «عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم أو على صحتها»، وفي «حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم»، و«في حالات التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين».
وانتقد التقرير أيضا احتفاظ مسودة مشروع القانون الجنائي بتجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج التي كانت قد أثارت بدورها جدلا واسعا بسبب مطالبة بعض الجمعيات بإلغاء هذا التجريم، لكن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، أكد أنه لن يسمح برفع التجريم عن العلاقة الجنسية بين رجل وامرأة خارج الزواج لأن من شأن ذلك ضرب إسلامية الدولة.
وعبر المجلس عن موقف مثير من الإرث وطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة في الإرث، حيث أفاد أن «المقتضيات القانونية غير المتكافئة المنظمة للإرث تساهم في الرفع من هشاشة وفقر الفتيات والنساء»، وهو موقف يتناغم مع المواقف التي تعبر عنها عدد من المنظمات النسائية، ومن شأنه إثارة جدل كبير لا سيما أن الإرث تنظمه نصوص من القران لا تقبل الاجتهاد، علما بأن هذه القضية طالما شكلت خلافا جوهريا بين التيارين العلماني والإسلامي.
وأخذ المجلس على الحكومة تأخرها في استحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري لأسرة والطفولة؛ وقانون العنف ضد النساء رغم الانتشار الواسع للعنف ضد النساء الذي بلغ نسبة 62.8 في المائة حسب التقرير، مشيرا إلى أن «مسار تطبيق الدستور اتسم بالتبخر التدريجي للوعود التي جاء بها القانون الأسمى».
وكشف التقرير كذلك أنه رغم التقدم المحرز أخيرا، يحتل المغرب ترتيبا متأخر مقارنة مع الكثير من بلدان المنطقة وقياسا إلى المتوسط العالمي من حيث تمثيل المرأة ضمن المناصب الانتخابية، ذلك أن تكريس مبدأ المناصفة في إطار الدستور الجديد فضلا عن النمو المطرد لمعدل النساء في الإدارة العمومية الذي شكل نسبة 38.6 في المائة سنة 2012 لم يساهم في النهوض بمعدلات تعيين النساء في المناصب العليا.
وتضمن تقرير المجلس مجموعة من التوصيات، إذ طالب بـ«تعديل مدونة الأسرة بشكل يمنح للمرأة حقوقا متساوية مع الرجل فيما يتصل بعقد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال وكذا في مجال الإرث»، وذلك وفقا للفصل 19 من الدستور والمادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، كما طالب بالتطبيق الصارم لأحكام مدونة الأسرة المتعلقة بالنفقة، وتوسيع نطاق الدعم المقدم في إطار صندوق التكافل العائلي ليشمل الأطفال المولودين خارج إطار الزواج، ومنح المرأة الحق في نقل جنسيتها لزوجها الأجنبي وفق نفس الشروط المنصوص عليها فيما يتعلق بالزوجات الأجنبيات، وسن قانون خاص لمناهضة جميع أشكال العنف في حق النساء مطابق للمعايير الدولية، وكذا المصادقة على اتفاقية مجلس أوروبا بشأن منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.
مجلس حقوق الإنسان المغربي ينتقد تجريم الإجهاض.. ويطالب بالمساواة في الإرث
دعا الحكومة إلى استحداث هيئة المناصفة ومكافحة التمييز ضد النساء
مجلس حقوق الإنسان المغربي ينتقد تجريم الإجهاض.. ويطالب بالمساواة في الإرث
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة