منهج «مونتيسوري» التعليمي يغزو العالم العربي

ارتبط اسمه بالجودة العالية في تعليم الأطفال وتنميتهم

منهج «مونتيسوري» التعليمي يغزو العالم العربي
منهج «مونتيسوري» التعليمي يغزو العالم العربي
TT

منهج «مونتيسوري» التعليمي يغزو العالم العربي

منهج «مونتيسوري» التعليمي يغزو العالم العربي
منهج «مونتيسوري» التعليمي يغزو العالم العربي

إيمانا بأن التعليم الأفضل يمهد الطريق لعالم أفضل، انتشر في مصر والعالم العربي في الفترة الأخيرة استخدام منهج «مونتيسوري» التعليمي، في الكثير من المؤسسات التعليمية ورياض الأطفال، وارتبط اسم مونتيسوري بالجودة العالية في تعليم الأطفال وتنميتهم روحيًا وفكريًا وحركيًا.
ويعتبر منهج مونتيسوري أحد الأنظمة التعليمية العالمية التي تنتهج تطوير قدرات الأطفال عن طريق أنشطة تجمع بين التفاعل مع البيئة والتعلم، حيث يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، ومن ثم فينبغي إعارة اهتمام كبير لبناء وتطوير هذا الطفل. وقد أرست دعائم منهج مونتيسوري الدكتورة الإيطالية ماريا مونتيسوري، ويوجد هذا النظام بجميع أنحاء العالم، ويخدم الأطفال من عمر 3 إلى 18 سنة.
وماريا مونتيسوري هي مربية وفيلسوفه وطبيبة إيطالية، ولدت في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا عام 1870م، وبعد معاناة مبكرة أصبحت أول امرأة في إيطاليا تتأهل كطبيبة. وكان أول أعمالها المهمة مع الأطفال المعاقين عقليًا، وقد درست أعمال الطبيبين جان إيتارد وإدوارد سيغوان اللذين اشتهرا بأعمالهما عن الأطفال المعاقين.
أسست ماريا مدرسة للمعاقين عام 1907 تحت اسم «أورتو فرينكا»، وعملت مديرة لها ومكثت سنتين في إدارة المدرسة وقد طبقت مبادئ «سيغوان» في تربية ذوي الإعاقات العقلية، نجحت نجاحًا باهرًا أدى بها إلى الاعتقاد بأن هناك أخطاء كبيرة في طرق وأساليب التربية المتبعة في تعليم الأطفال العاديين، فتعجبت قائلة: «بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي المعاقين كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء العاديين من الأطفال في ذلك المستوى الضعيف من التعليم، لذلك فإن الطرق التي نجحت مع المعاقين لو استعملت مع الأطفال العاديين لنجحت نجاحًا باهرًا» لهذا صممت أن تبحث الأمر وتدرسه من جميع الوجوه.
ولقد ضمت تجاربها ومعرفتها هذه بخلفيتها كطبيبة وتأثرها بالتربويين المجدين، لتشكل نظرية منفردة في التعليم أصبحت تعرف فيما بعد بـ«منهج مونتيسوري».
واتبعت مونتيسوري الطريقة العلمية لمراقبة النظام البيولوجي لنمو الأطفال بهدف تصميم منهج تعليمي يراعي الإمكانيات والخصوصيات الفردية لكل طفل، ويتجلى أساس هذه الطريقة في توفير وسائل التربية الذاتية في بيئة الطفل، ويشترط فيها أن تكون طبيعية قادرة على إثارة اهتمام الطفل.
بالإضافة إلى ذلك، فالتعليم حسب منهج مونتيسوري يجب أن يقوم باستخدام نظام بسيط من التعليم والابتعاد عن تراكم المعلومات والتلقين والحفظ، لأن الطفل يجب أن يتعرف على العالم من حوله من خلال حواسه.
وقد قسمت ماريا مونتيسوري عملية التنمية البشرية للإنسان إلى أربع مراحل أساسية، تمتد من عمر الولادة وحتى عمر أربعة وعشرين عامًا، ولكل مرحلة وضعت رؤية خاصة لكل من الخصائص، وطرق التعلم، والأنشطة الضرورية. كما طورت بيئة الفصول، والمواد الدراسية، والمواد الطبيعية، بما يتناسب مع تغيرات كل مرحلة.
ففي المرحلة الأولى التي تمتد من عمر الولادة حتى 6 سنوات، لاحظت دكتور مونتيسوري أن الأطفال بشكل أساسي يميلون للاكتشاف وتنمية قدراتهم النفسية والجسدية، وأهم هذه القدرات هي مهارات اللغة والنظام وصقل الحواس.
أما في المرحلة الثانية، التي تمتد من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة، لاحظت مونتيسوري الكثير من التغيرات النفسية والجسدية على الأطفال، أهمها الميل إلى العمل في مجموعات، وتطور الخيال والقدرات الإبداعية، والحس الأخلاقي، وتشكيل الاستقلال الفكري.
وفي المرحلة الثالثة التي تمتد من عمر 12 حتى 18 سنة، لاحظت مونتيسوري أن التغيرات في هذه المرحلة تكون تلك التغيرات الجسدية المرتبطة بعمر البلوغ وما يصحبها من تغيرات نفسية، وركزت أنشطتها على عدم الاستقرار النفسي بالإضافة إلى الاتجاهات الإبداعية ونمو شعور الكرامة والاعتزاز بالنفس.
أما المرحلة الرابعة من عمر 18 حتى 24 سنة، فهي مرحلة النضوج، ولم تطور مونتيسوري أنشطة تعليمية لهذه المرحلة، لكنها اعتمدت منهجا للتنمية الذاتية لأشخاص نضجوا في ظل فلسفة مونتيسوري.
جدير بالذكر أن غرف التدريس في نظام مونتيسوري تقوم على ستة مبادئ وهي: الحرية الهيكلية والنظام والواقعية (الطبيعة) والجمال والجو العام وحياة المجتمع، وجميع محتوياتها تناسب المرحلة العمرية للطفل، فلا وجود لسبورة ولا كتب، فالمتعلم هو المحور وليس المعلم، وله حرية التعبير وممارسة كل نشاطاته.
وقد قامت ماريا مونتيسوري بتأليف الكثير من المؤلفات، منها: اكتشاف الطفل (The Discovery of the child)، سر الطفولة (The Secret of Childhood 1936)، طريقه مونتيسوري المتقدمة (Method 1917 - 18 The Advanced Montessori)، التربية من أجل عالم جديد (Education for a New World 1946)، منهج مونتيسوري (The Montessori Method، 1912)
رشحت ماريا مونتيسوري لجائزة نوبل للسلام ثلاث مرات، وتوفيت في هولندا عام 1952م، ومن المؤسسات التي تهتم بفلسفة منهج مونتيسوري وأدواته داخل الوطن العربي مؤسسة نانانيس التعليمية nananees edu.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.