جنوب السودان: سلفا كير يحل الأمانة العامة للحزب الحاكم

«الإيقاد» تدعو وفدي الحكومة والمعارضة المسلحة للاجتماع الأسبوع المقبل

جنوب السودان: سلفا كير يحل الأمانة العامة للحزب الحاكم
TT

جنوب السودان: سلفا كير يحل الأمانة العامة للحزب الحاكم

جنوب السودان: سلفا كير يحل الأمانة العامة للحزب الحاكم

في خطوة غير متوقعة حل سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان ورئيس حزب الحركة الشعبية الحاكم، الأمانة العامة للحزب، التي كان يشغلها باقان أموم، الذي أعيد إلى منصبه بموجب اتفاق أروشا (تنزانيا) المبرم في يونيو (حزيران) الماضي، وتم إعفاؤه من منصبه مرة أخرى بقرار من كير، أول من أمس، إلى جانب عدد من أعضاء المكتب السياسي المعروفين بمجموعة المعتقلين السابقين.
ويتوقع أن يتم إصدار قرار بتعيين أمين عام جديد بشكل مؤقت إلى حين تنظيم مؤتمر عام استثنائي خلال شهر، في وقت وجه فيه وسطاء «الإيقاد» الدعوة لوفدي الحكومة والمعارضة المسلحة للاجتماع في 21 من الشهر الحالي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا لمناقشة بدء تنفيذ اتفاق السلام، الذي تم توقيعه في أغسطس (آب) الماضي، والذي يواجه صعوبات وتحديات كبيرة.
وتعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها منذ تأسيس حزب الحركة الشعبية وجناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان، بزعامة مؤسسه الراحل جون قرنق عام 1983، الذي خاض به التمرد ضد أنظمة الخرطوم المختلفة إلى أن وقع اتفاق السلام الشامل سنة 2005، الذي قاد إلى انفصال جنوب السودان عن الدولة السودانية. وقال عضو الحركة مارتن ماجوت بخصوص حل الأمانة العامة للحزب، وإعفاء الأمين العام باقان أموم ونوابه، وعدد من أعضاء المكتب السياسي، إن القرار «لم يشمل مكتب رئيس الحزب، والمكتب السياسي عقد اجتماعًا استثنائيًا استمر ساعات طويلة قبل أن يتم الاتفاق على هذه القرارات، والأمانة العامة للحزب الحاكم ستصبح غير شاغرة إلى حين تعيين أمين عام ونوابه في وقت يحدده رئيس الحزب».
من جهته، قال مايكل مكواي، عضو المكتب السياسي في الحزب الحاكم ووزير الإعلام في جنوب السودان، إن رئيس الحزب أعفى الأمانة العامة بكل أجهزتها، إلى جانب الأمين العام باقان أموم ومجموعته في المكتب السياسي الذين كانوا يعرفون بمجموعة «المعتقلين السابقين»، مشددا على أن وضع هذه المجموعة أصبح شاذًا، بعد أن تمت إعادتهم إلى مواقعهم في الحزب بموجب مقررات أورشا، ولكنهم وقعوا على اتفاق السلام في أديس أبابا في أغسطس الماضي.
وتابع مكواي موضحا أن «الرئيس سلفا كير سيصدر قرارًا بتعيين أمين عام جديد مؤقت ليعمل على تنظيم مؤتمر عام فوق العادة خلال شهر من تعيينه بهدف انتخاب مكتب سياسي، وإجازة دستور الحركة، والتوجه لعقد مؤتمرات قاعدية إلى حين انعقاد المؤتمر العام لانتخاب الرئيس وأجهزة الحزب من جديد»، مؤكدا أن إجراءات عقد المؤتمر العام كانت مبرمجة من قبل، وجرى تأجيله منذ العام 2013، كما شدد على أن حزبه متمسك باسم «الحركة الشعبية»، وأنه لن يغير أو يضيف حرفًا واحدًا إليه، مؤكدًا التزام الحزب الحاكم باتفاق السلام ومقررات أروشا لتوحيد الحزب، لكنه استدرك قائلا إن «باقان أموم وقع اتفاق السلام في أغسطس الماضي إلى جانب رياك مشار، وهما الآن يقودان مجموعاتهما، ولذلك لن يكون مقبولاً أن يجلسا معنا في الحزب.. لقد أصبحنا ثلاث فصائل وليس حزبًا واحدًا».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.