النظام يقصف حي جوبر والغوطة الشرقية بالطائرات والصواريخ ويحشد لهجوم على سهل الغاب

توتر في القرداحة مسقط رأس الأسد

النظام يقصف حي جوبر والغوطة الشرقية بالطائرات والصواريخ ويحشد لهجوم على سهل الغاب
TT

النظام يقصف حي جوبر والغوطة الشرقية بالطائرات والصواريخ ويحشد لهجوم على سهل الغاب

النظام يقصف حي جوبر والغوطة الشرقية بالطائرات والصواريخ ويحشد لهجوم على سهل الغاب

كانت العاصمة دمشق وريفها، يوم أمس، هدفًا لقصف الطيران الحربي النظامي السوري، الذي نفّذ غارتين على المناطق الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في حي جوبر واستهدف مناطق في الغوطتين الشرقية والغربية، بينما سجّل حشد النظام لقواته وآلياته في مدينتي السقيلبية وسلحب في ريف محافظة حماه الغربي، ما رأت فيه المعارضة تحضيرًا لتوجّه إلى سهل الغاب بشمال غربي البلاد.
في غضون ذلك، أعلن مسؤول أميركي أن «الجيش الأميركي مستعد لإلقاء المزيد من الذخائر للمقاتلين السوريين الذين يحاربون تنظيم داعش في شمال سوريا، شرط أن يثبت المقاتلون أنهم يستخدمونها ضد تنظيم داعش»، بينما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن وصول عدد القتلى والجرحى إلى مليون ونصف المليون شخص، منذ بدء الأزمة في سوريا بحيث سجّل كذلك نزوح 11 مليون شخص و20 ألف مفقود.
«المرصد» أعلن، أمس، أن بلدات مديرا وكفربطنا ومسرابا في الغوطة الشرقية، تعرضت لقصف صاروخي من قبل قوات النظام، كما أغار الطيران الحربي على قريتي حرستا القنطرة وبالاً في الغوطة الشرقية، وألقى الطيران الحربي المروحي ما لا يقل عن 8 براميل متفجرة على مناطق في مدينة داريا بالغوطة الغربية.
أما في الشمال السوري، فقد حشد جيش النظام، قواته من آليات وعناصر في مدينتي السقيلبية وسلحب. وقال الناشط الإعلامي المعارض محمد العلي من حماه: «إنّ القوات النظامية عززت قواتها في المدينتين بأكثر من 30 آلية عسكرية من دبابات وناقلات جند»، مرجّحًا أن تكون «وجهتهم إلى منطقة سهل الغاب في ريف حماه الغربي من أجل السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، كبلدتي الزيارة وقلعة المضيق وقرى المنصورة وتل واسط والقاهرة وغيرها». ولفت إلى أن هذه الحشود «سبقتها حركة نزوح كثيفة من بلدة قلعة المضيق، إلى قرى ريف إدلب الجنوبي، خوفًا من اقتحام القوات النظامية للقرية والسيطرة عليها». وفي سهل الغاب أيضًا، استهدف الطيران المروحي التابع للجيش للنظام، مساء أمس، بالبراميل المتفجرة، بلدتي الزيارة وتل واسط في منطقة سهل الغاب بريف حماه الغربي، أسفرت عن دمار بالأبنية السكنية.
ومن جهة أخرى، أشار المرصد إلى توتر يسود مدينة القرداحة، مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، على خلفية مقتل ما وصفه بـ«الشبيح علي إسماعيل ومرافقه على يد عناصر الشرطة لدى محاولتهم اعتقاله يوم الأربعاء الماضي». كذلك دارت يوم أمس، اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى في محيط قرية كفر دلبة بريف محافظة اللاذقية الشمالي، وسط أنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، بحسب ما ذكر «المرصد».
وفي سياق متصل بوقائع الحرب السورية، أكد مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته، أن «الجيش الأميركي مستعد لإلقاء المزيد من الذخائر للمقاتلين السوريين الذين يحاربون تنظيم داعش في شمال سوريا». وتابع المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب): «إن الولايات المتحدة مستعدة لإلقاء أسلحة شرط أن يثبت المقاتلون أنهم يستخدمونها ضد تنظيم داعش». وأردف: «سنقوم بعمليات أخرى لإلقاء ذخائر بالمظلات فقط في حال أثبتوا أنهم يستخدمونها بشكل فعال ضد «داعش»، وبقدر ما يثبتون ذلك، بقدر ما سيتلقون كميات أكبر من الذخائر، كما أن المقاتلات الأميركية ستنفذ غارات جوية في مواقع بحيث تساعد عملياتهم على الأرض».
وربط المسؤول الأميركي التزام بلاده ببرنامج تسليح المقاتلين السوريين، بـ«أدائهم القائم»، مضيفًا: «سنترك الباب مفتوحًا لإلقاء بعض الأسلحة، لكن إذا فشلوا أو وقعت الذخائر بأيدي المعسكر الخطأ فإننا سنستبعد المجموعات التي كانت وراء ذلك».
هذا، وكانت قوات الائتلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ألقت الأحد 50 طنًا من الذخائر من أعيرة خفيفة وقنابل يدوية لـ«مجموعات عربية سوريا» تقاتل تنظيم داعش في شمال سوريا. وتعكس هذه العملية التوجه الجديد لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بهدف التصدي للمتطرفين في سوريا بعد فشل برنامجها لتدريب المعارضين السوريين المعتدلين.
من جهة أخرى، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن حصيلة قتلى النزاع السوري بلغت في العام الخامس أكثر من ربع مليون شخص، مشيرًا إلى توثيقه مقتل 250124 شخصًا بين مارس (آذار) عام 2011 و15 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، بينهم 74426 مدنيًا ويتضمن هؤلاء 12517 طفلاً و8062 امرأة. وبحسب «المرصد» قتل 43752 عنصرًا من الفصائل المعارضة و37010 من المسلحين المتطرفين من جنسيات أجنبية، كما قتل 91678 من قوات النظام السوري والمجموعات الموالية، بينهم 52077 جنديًا و971 من «حزب الله» اللبناني. بالإضافة إلى 3258 قتيلاً مجهولي الهوية. ولا تشمل الحصيلة «أكثر من عشرين ألف مفقود داخل معتقلات قوات النظام»، فضلاً عن «نحو ألفي مختطف لدى الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وتنظيم داعش وجبهة النصرة، بتهمة موالاة النظام». كذلك، لا تتضمن الحصيلة المئات من المقاتلين الأكراد من جنسيات غير سوريا، الذين قضوا خلال قتالهم إلى جانب ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.