عاد «قبر يوسف» في نابلس شمال الضفة الغربية، إلى واجهة الأحداث مرة أخرى بعدما أضرم فلسطينيون النار في القبر الذي يعد مقدسا بالنسبة لليهود، وطالما كان مثار خلاف سياسي فلسطيني إسرائيلي، ومكانا للتوتر الشديد.
وهاجم فلسطينيون فجرا القبر وأضرموا النار في أجزاء واسعة منه قبل أن تسيطر القوات الفلسطينية في المكان على القبر، وتخرج المتظاهرين منه. وفورا أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قرارًا بتشكيل لجنة تحقيق في حادثة إحراق «قبر يوسف» وعد أن ما حدث «تصرفات غير مسؤولة»، معطيا الأوامر بالبدء بإصلاح الأضرار التي نجمت عن العمل «المدان والمرفوض».
وأكد عباس «رفضه المطلق لمثل هذه الأعمال وأي أعمال خارجة عن النظام والقانون والتي تسيء إلى ثقافتنا وديننا وأخلاقنا». وطالب الرئيس الجهات المسؤولة بسرعة إنجاز إعادة الترميم ورفع تقرير سريع لمعرفة حقيقة ما جرى. وعادة ما يهاجم الشبان الفلسطينيون المستوطنين الذي يصلون للصلاة في المكان، لكن الجيش الإسرائيلي قال إنه في هذه المرة هاجم نحو 100 شخص قبر يوسف واقتحموه وأضرموا النار فيه قبل أن تصل قوات الأمن الفلسطينية إلى الموقع وتقوم بإبعادهم.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي في بيان «نعتبر هذه الحادثة أمرا خطيرا وندين بشدة أي هجوم على مواقع مقدسة. سنعثر على من أضرموا النار وسنعتقلهم». واستغلت إسرائيل حادثة إحراق القبر لتقول إن الفلسطينيين لا يستحقون التحكم في «الأماكن المقدسة». وقال دوري جولد المدير العام وزارة الخارجية الإسرائيلية «إحراق قبر يوسف يبين بقوة ما سيحدث في الأماكن المقدسة في القدس إذا كانت في أيدي القيادة الفلسطينية».
واتصل منسق العمليات في الأراضي الفلسطينية، من جهة الحكومة الإسرائيلية، مع مسؤولين فلسطينيين بخصوص الحادثة، وأخبرهم بأنه لا يمكن تجاوز إحراق القبر وطلب تأمين حماية له. ويقع «قبر يوسف» شرق مدينة نابلس، وهي منطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية، ويزوره المستوطنون بعد تنسيق يجريه الجيش الإسرائيلي مع السلطة. ويقول اليهود إن هذا القبر يضم بعضا من رفات النبي يوسف، عليه السلام، وهو الأمر الذي ينفيه المؤرخون العرب.
ويقول الفلسطينيون إن قبر يوسف في نابلس هو قبر حديث نسبيا ويدفن فيه رفات يوسف دويكات، وهو رجل صديق من صالحي المسلمين. ويرى الفلسطينيون أن إسرائيل تزعم أنه قبر يوسف لأنها أرادت الاحتفاظ به ضمن أي تسوية واتخاذه موقعا استراتيجيا على مشارف نابلس، رغم كونه أثرا إسلاميا مسجلا لدى دائرة الأوقاف الإسلامية.
وخلال المفاوضات حول اتفاقيات أوسلو، في سنة 1993، تحول هذا القبر إلى موضوع خلاف، حيث أصرت إسرائيل على إبقائه ضمن المناطق المحتلة، وفعلا أصبح بمثابة جيب إسرائيلي داخل مدينة نابلس، لكن مواجهات دامية أدت إلى إحراق جنود إسرائيليين بداخله مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، ومشكلات لاحقة، أدت إلى الانسحاب من هذا القبر، على أن يحافظ الفلسطينيون عليه ويسمحوا لمجموعات يهودية أن تزور الضريح ويؤدوا الصلاة فيه.
ويرفض أغلبية المتشددين اليهود، واقع أن السلطة الفلسطينية هي التي تشرف على القبر ونظموا في مرات كثير اقتحامات متتالية للقبر من دون أي تنسيق مع السلطة، وهو ما أدى إلى حوادث قتل مستوطنين في المكان. ويطالب غلاة اليهود المتشددين باستعادة المكان من السلطة بالقوة وإخضاعه بالكامل للجيش الإسرائيلي. ومع حادثة أمس، عاد مسؤولون وأيدوا مثل هذا الطلب. وقال وزير الزراعة الإسرائيلي أوري ارييل إنه يجب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استعادة السيطرة على القبر.
عباس يأمر بالتحقيق في إحراق «قبر يوسف» وإسرائيل تريد استعادته
المكان الذي يعده اليهود مقدسًا يقول الفلسطينيون إنه ضريح أحد الأولياء
عباس يأمر بالتحقيق في إحراق «قبر يوسف» وإسرائيل تريد استعادته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة