تجارة السلاح تزدهر في إسرائيل نتيجة الهلع من أحداث الطعن بالسكين

تقارير تفيد بأن العرب يخافون أيضًا من اعتداءات يهودية

إسرائيلي يضع مسدسًا سريع الطلقات على وسطه خلال تسوقه في القدس (إ.ب.أ)
إسرائيلي يضع مسدسًا سريع الطلقات على وسطه خلال تسوقه في القدس (إ.ب.أ)
TT

تجارة السلاح تزدهر في إسرائيل نتيجة الهلع من أحداث الطعن بالسكين

إسرائيلي يضع مسدسًا سريع الطلقات على وسطه خلال تسوقه في القدس (إ.ب.أ)
إسرائيلي يضع مسدسًا سريع الطلقات على وسطه خلال تسوقه في القدس (إ.ب.أ)

مع استمرار أعمال الطعن بالسكاكين في القدس وفي مناطق أخرى في إسرائيل، ودعوة وزراء إسرائيليين إلى حمل السلاح الشخصي في الشوارع، تحولت تجارة السلاح والأدوات القتالية إلى أكبر تجارة رابحة في الدولة العبرية. وبدأ أصحاب متاجر السلاح بالضغوط على مصانع الأسلحة لتزويدهم بكميات مضاعفة، بينما أخذ كبار التجار في استيراد مختلف الأنواع وطلب نقلها بالطائرات، رغم التكلفة العالية، لسد الاحتياجات الناتجة عن تزايد الطلب الذي جاء من قبل حراس في المؤسسات العامة، والمدارس والأماكن الخاصة. وبعد مشاورات مع الشرطة بدأت المصارف، التي تخلت عن الحراس قبل سنة ونصف السنة، في وضع حراس على مداخل فروعها المتواجدة في مناطق «عالية الخطر». كما أن المطاعم الكبرى بدأت هي الأخرى بحث إمكانية استخدام الحراس الذين كانوا جزءًا لا يتجزأ من المنظر العام في سنوات الانتفاضة الثانية. من الجدير بالذكر أنه في أماكن عدة مثل الفنادق، والمراكز التجارية، والنوادي الليلية والجامعات، لم يتوقف استخدام الحراس طيلة 15 سنة. واليوم يجري تعزيز الأمن في هذه المؤسسات.
ويخشى الإسرائيليون من العدد المتصاعد لهجمات السكين وغيرها التي ينفذها فلسطينيون، وتلجأ أعداد متزايدة منهم إلى الأسلحة من أجل أمنهم الشخصي. أحد الأشخاص في متجر لبيع الأسلحة في مدينة تل أبيب يصر على ارتداء الخوذة الواقية التي يستخدمها عند قيادة دراجته النارية، فلا يخلعها وهو داخل حانوته طيلة النهار. ويقول مالك المتجر، ايفتاح بن يهودا، لصحيفة «هآرتس» بأن «المرة الأخيرة التي كان يتردد على المتجر هذه الكمية من الأشخاص، كانت على الأغلب في سنوات السبعين. لم أر من قبل هذا المستوى من التوتر والخوف». ويضطر بن يهودا لوضع تقييدات على شراء بعض أغراضه، وذلك بسبب مستوى الطلب عليها، حيث يتوقع أن يصل إلى 4 أضعاف الوقت العادي. ويقول: «هنالك نقص في قنابل الغاز المسيلة للدموع في البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، لذلك أقوم بتحديد بيعها لقنبلتين للشخص الواحد وأعطي الأولوية للنساء»، يقول صاحب المتجر البالغ من العمر 37 عامًا لوكالة الصحافة الفرنسية. ويضيف أن طراز المسدسات الأكثر شعبية هو Smith & Wesson، Glock وطراز Jericho الإسرائيلي، وتتراوح أسعارها ما بين 500 وحتى 1000 دولار.
وكان وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، قد أعلن عن تسهيل حصول المواطنين على تراخيص لحيازة أسلحة شخصية في ظل الوضع الأمني، وسمح للسلطات المحلية التي تشملها «قائمة البلدات المناسبة» (اليهودية) بمنح تراخيص أسلحة للسكان وللمستخدمين. ومنذ نشر التسهيلات تلقت وزارة الأمن الداخلي كما هائلا من الاتصالات الهاتفية ما أدى إلى انهيار شبكة الاتصال. وقال أردان بأن هذا القرار اتخذ بسبب الوضع الأمني، مبررا خطوته بأن «الكثير من المواطنين ساعدوا الشرطة في الأيام الأخيرة على تحييد المخربين وإحباطهم، والمدنيون المتدربون على استخدام السلاح يشكلون عاملا مساعدا يضاعف قوة محاربة الإرهاب».
ولكن النتيجة المباشرة لهذا التوجه من الحكومة كانت بانتشار خطير لمظاهر الهلع. وانعكست هذه المظاهر على تنامي العنصرية بين الإسرائيليين والاعتداءات على العرب. لقد أدت تصريحات أطلقها والد أحد الأطفال في إحدى الروضات في مدينة بئر السبع الواقعة في جنوب إسرائيل، إلى ضجة بعد مطالبته بطرد طفلة عربية من الروضة التي يرتادها ابنه. وحسب موقع «واي نت» فإن الأقوال جاءت خلال نقاش حول الوضع الأمني الحالي في مجموعة خاصة في تطبيق «واتسآب» لأولياء أمور الأطفال في الروضة، عندما قال الوالد: «في حال كان هنالك طفل عربي في الروضة فقد حان الوقت لطرده». وتابع الوالد «لا يوجد لها مكان في الدولة اليهودية، يجب عليها أن تتعلم في قريتها. اذهبي إلى سوريا؛ ستكونين محبوبة هناك، الأسد بانتظارك». ويدور الحديث هنا عن طفلة بدوية تبلغ من العمر 3 أعوام وتدعى نورة ترتاد تلك الحضانة. وقال والد الطفلة، يدعى حامد، بأنه ينوي سحب ابنته من الروضة ونقلها إلى روضة أخرى. وقالت طالبة جامعية من الناصرة: «يكفي أن يصيح أحد الأشخاص هناك مخرب، حتى يهاجمني عشرة أشخاص يحملون السلاح أو أي أدوات قتالية، ويقومون بإعدامي لأنهم يعرفون أن السلطة تساير اليهودي الذي يقتل عربيا وتصدق روايته باستمرار».
وفي تقرير صحافي لموقع «واللا»، روت امرأة جامعية عربية: «عندما يشاهد اليهود امرأة مثلي تضع الحجاب يصرخون (مخربة، مخربة)، وعندها ينقضون عليها، ويطلقون النار أو يستدعون الشرطة لتفعل ذلك». وقالت والدتها، المحجبة أيضا، بأنها تخاف على سلامة ابنها، أيضا، الذي يفترض أن يبدأ دراساته الأكاديمية في معهد التخنيون في حيفا. وقالت: «هذا مخيف، لا أعرف ماذا أفعل الآن. لقد تولد هنا واقع جنوني، القادة اليهود يدعون المواطنين إلى التجوال مع أسلحتهم، وهم يستغلون هذا كيفما شاءوا. لا قاض ولا محكمة. لقد ألغيت في الأسبوع الماضي زيارة للعلاج في أحد مستشفيات بيتح تكفا بسبب تخوفي من دخول المدينة». وأكدت والدة فاطمة أن الخوف يسود الرجال العرب أيضا: «أنا أعرف الكثير من الرجال الذين يقولون: إنهم يتخوفون من الحديث باللغة العربية عندما يدخلون إلى المدن اليهودية». ولم تتخوف حمدة هيب من وادي الحمام من كشف هويتها مثل فاطمة وأمها، وقالت: إن «الناس يتخوفون حتى من مغادرة القرية».
وقد نشرت هيب وهي أم لأربعة أطفال، ملاحظة على مدونتها في «فيسبوك»، توجهت من خلالها إلى الجمهور اليهودي ودعته إلى الامتناع عن العنصرية، وكتبت: «أنا أكتب بالعبرية لأنني أريد لليهود أيضا أن يعرفوا إلى أين وصلنا. أنا أعمل في السوبر ماركت، و90 في المائة من الزبائن هم يهود، لكن الشعور الذي عايشته في فرع مغدال خلف لدي مشاعر قاسية». وكتبت هيب أنها وصلت إلى المكان مع طفلتها ابنة الشهرين، ووقفت خلفها امرأة يهودية وكانت تحثها هي وعاملة الصندوق طوال الوقت على الإسراع. واقترحت عليها هيب وعاملة الصندوق أن تنتقل إلى أحد صناديق الحساب الأخرى التي كانت شاغرة، لكن اليهودية قالت: «إنها لا تريد الذهاب إلى الصناديق الأخرى لأن العاملات عليها عربيات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.