هاربة من «داعش»: الحياة في ظل التنظيم «ليست كوبًا من الشاي»

فشلت في إقناع زوجها المتشدد بالعودة إلى بريطانيا

شوكي بيجوم هاربة من صفوف «داعش» و جمال الحارث خرج من غوانتانامو والتحق بصفوف «داعش»
شوكي بيجوم هاربة من صفوف «داعش» و جمال الحارث خرج من غوانتانامو والتحق بصفوف «داعش»
TT

هاربة من «داعش»: الحياة في ظل التنظيم «ليست كوبًا من الشاي»

شوكي بيجوم هاربة من صفوف «داعش» و جمال الحارث خرج من غوانتانامو والتحق بصفوف «داعش»
شوكي بيجوم هاربة من صفوف «داعش» و جمال الحارث خرج من غوانتانامو والتحق بصفوف «داعش»

هربت سيدة بريطانية زوجة سجين سابق بغوانتانامو من تنظيم داعش الإرهابي في سوريا إلى الحدود التركية، وكشفت عن أهوال الحياة تحت حكم التنظيم الإرهابي.
وكانت شوكي بيغوم، 33 عامًا، هربت لسوريا مع أطفالها الخمسة، العام الماضي، بحجة إقناع زوجها جمال الحارث للعودة إلى المملكة المتحدة.
وقالت شوكي بيغوم، بعد أن وصلت إلى الحدود التركية في طريق العودة إلى بريطانيا مع أولادها الخمسة بأن الحياة في ظل «داعش» مريعة و«ليست كوبا من الشاي». وكانت بيغوم سافرت إلى سوريا بحثا عن زوجها، سجين غوانتانامو السابق جمال الحارث، في أغسطس (آب) من العام الماضي، بعد انضمامه إلى «داعش» في العراق والشام.
ولكن بعد عشرة أشهر اضطرت الأم الشابة وأطفالها الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة أعوام و11 شهرا، إلى الفرار من أراضي «داعش» قبل أن يحتجزوا كرهائن من قبل عصابات تهريب على الحدود التركية.
وقالت بيغوم بأنها بعد عشرة شهور من دخولها أراضي تسيطر عليها «داعش»، فشلت في إقناع زوجها «المتشدد» الحارث من العودة مرة أخرى إلى بريطانيا، وتتخوف هي الأخرى من توجيه اتهامات إليها بالإرهاب بعد عودتها إلى العاصمة لندن.
وبعد احتجازها لعدة أشهر مع أطفالها لدى متمردين وجماعات متشددة، وصلت لدى مرورها في أراضٍ تسيطر عليها «جبهة النصرة» الموالية لـ«القاعدة»، إلا أنها نجحت بأمان من دخول أراض قريبة من الحدود التركية.
وقالت بيغوم في مقابلة بثتها القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني أول من أمس بأن النساء اللاتي التقت معهن تسيطر عليهن «عقلية العصابات»، وهن أغلب الوقت يتحدثن عن الحرب والقتل ويناقشن مقاطع فيديو يصدرها التنظيم.
وعندما سئلت عن سبب سفرها إلى مثل هذا المكان الخطير، قالت: «كنت أبحث عن زوجي وفجأة لأشعر الآن أنه معي. كنت فقط أرغب في معرفة ما إذا كان لديه مكان في مستقبل أطفالي». وأضافت كنت أريد أن يراه الأطفال، لكن ما كنت أشاهده على شاشة التلفزيون يؤكد لي أن الأمور تسير من أسوأ إلى أسوأ.
وتضيف بيغوم أنه رغم قرار زوجها السفر والقتال في صفوف «داعش»، فإنها كانت تراه «رجل عائلة» محبا أيضا لأطفاله، لكنها في نهاية المطاف لم تتمكن من إقناعه بالمغادرة إلى بريطانيا. وأشارت إلى أنها اتفقت مع زوجها في كثير من وجهات النظر المتبادلة، حول العائلة ومستقبل الأطفال، لكن شيئا واحدا لم تستطع أن تزحزحه وهو أن يغادر صفوف التنظيم، ويبدي استعداده للمغادرة معها إلى مكان آمن.
وبعد وصولها إلى سوريا تتذكر بيغوم أن انتهى بها الأمر إلى أن تعيش في منزل آمن مزدحم في معقل «داعش» في مدينة الرقة، جنبا إلى جنب مع عشرات من النساء الأجنبيات الأخريات كل منهن ينتظرن أزواجهن.
وقالت: «أريد أن أوضح لنساء داعش الأخريات، أنه لا يمكن أن تتوقعي أن تأتي إلى أراضي داعش ثم تغادري بسهوله، لأنه لا توجد أي حصانة لأحد منهن». وتقول في هذا المنزل عاشت عشرات الأسر في قاعة واحدة، ويتقاسمون فيها مرحاضا أو اثنين ومطبخا واحدا، كما تلتف النساء حول حواسبهن الآلية المحمولة ويناقشن مقاطع فيديو «داعش». وتوضح أن عقلية إجرامية كانت تسيطر على عقلية نساء «داعش»، كل حديثهن منصب على الحرب والقتل، مشيرةً إلى عدم تمتع المرأة في ظل «داعش» بأي استقلالية شخصية على الإطلاق.
النساء كن يجلسن على جهاز كومبيوتر محمول، ويشاهدن طوال الوقت أشرطة الفيديو تصدرها الذراع الإعلامية لـ«داعش». العيش بين هؤلاء النسوة: «ليس مجرد كوبا من الشاي». وعن موقف زوجها من قرارها المفاجئ بالمغادرة تقول بيغوم: «زوجي كان لا يريد منا المغادرة، وكان واضحا تماما في هذا الأمر، لذلك كان لا ينوي مساعدتنا. وعلى إثره كتبت رسالة إلى المحكمة الشرعية التابعة لداعش، التي أجابت بأنه لا يحق لنا المغادرة، لأن النساء والأطفال ينتمون إلى أراضي دولة داعش». وقالت بيغوم بأنه بعد صراع طويل من أجل إيجاد منفذ للهرب، تم احتجازها وكذلك الأطفال تحت سيطرة مجموعة من المهربين على مقربة من الحدود التركية.
وقالت: «حبسنا المهربون في سجن بالطابق السفلي مع عدم وجود ضوء الشمس الطبيعي لمدة 86 يوما، عانى أطفالي كثيرا من هذه الظروف الصعبة، ارتدوا نفس الملابس لمدة أسبوعين ابني كان يتبول على نفسه، لم نكن نرى الشمس لنحو ثلاثة شهور».
وتؤكد بيغوم بعد هذه الرحلة الصعبة والمخاطر التي مرت بها: «إنها ليست داعشية، ولم تكن أبدا داعشية أو تؤمن بفكرهم». وتقول: إنها بريطانية تحب أن تعود إلى بلدها حيث ترعرعت وحيث يعيش باقي أفراد عائلتها، إنها تريد أن تعود وتحصل على العدالة. في أراضي «داعش» لا مكان للنساء والأطفال، إنه مكان خطير جدا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».