حملت دعوة زعيم تنظيم «جبهة النصرة» المتشددين في القوقاز لاستهداف المصالح الروسية أمس، مؤشرات على نقطة تحوّل تخضع لها تجربة تنظيم القاعدة بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا، إذ باتت روسيا تحتل موقع العدو الأول على أجندة تلك التنظيمات في الاستهداف، وهي دعوة، يرى فيها مطلعون على شؤون التنظيمات المتشددة، أنها «موجهة لتنظيم القاعدة»، بالنظر إلى أن نطاق عمليات «النصرة» محصور في سوريا.
وخرجت تلك الدعوة لضرب المصالح الروسية خارج سوريا، بموازاة استهداف السفارة الروسية في دمشق أمس، ما حمّل الهجوم مؤشرات على ضلوع «النصرة» به، بعد أن نفت الفصائل الفاعلة في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية، مسؤوليتها عنه.
وفيما نفى مصدر في «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» مسؤولية الاتحاد عن استهداف السفارة الروسية، أكد عضو المكتب السياسي والعلاقات في «جيش الإسلام» محمد علوش لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا علاقة لجيش الإسلام به. وقال: «منذ بداية العدوان الروسي، كان هناك إطلاق قذائف على السفارة الروسية في دمشق، فأصدرنا بيانًا نفينا فيه أن يكون جيش الإسلام يقف وراءه، ذلك أن استهداف السفارة هو عمل غير صائب، لأن السفارات تبقى مؤسسات دولية، ويقيم فيها دبلوماسيون مدنيون، وليس من أخلاقنا مهاجمة السفارات». وجدد تأكيده أنه «لا علاقة لنا بما حدث اليوم (أمس)».
ويعد «جيش الإسلام» أبرز الفصائل الموجودة في الغوطة الشرقية، التي يُشتبه بأن تكون مصدر القذائف باتجاه دمشق أمس، كما يوجد في المنطقة «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» و«جبهة النصرة».
وسقطت قذيفتان الثلاثاء داخل حرم السفارة الروسية في حي المزرعة في دمشق، أثناء تجمع قرابة 300 شخص أمامها في تظاهرة شكر لروسيا على تدخلها العسكري. ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاعتداء بأنه «إرهابي واضح ويهدف إلى ترهيب مناصري محاربة الإرهاب ومنعهم من تحقيق نصر على المتطرفين».
كما سقطت عدة قذائف على أماكن في ساحة العباسيين ومنطقي الزبلطاني والشيخ رسلان، ما أدى لسقوط عدد من الجرحى، كما أفاد ناشطون.
وتعرضت سفارة موسكو أكثر من مرة لسقوط قذائف مماثلة مصدرها مواقع الفصائل الإسلامية المتحصنة على أطراف العاصمة. وجاء استهداف السفارة، بُعيد دعوة أطلقها زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني إلى تكثيف الهجمات ضد روسيا على خلفية الضربات الجوية التي تشنها منذ أسبوعين في سوريا.
وفي تعليق هو الأول منذ بدء موسكو شن ضربات جوية في سوريا في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا الجولاني «المجاهدين الأبطال في بلاد القوقاز» إلى شن هجمات ضد أهداف مدنية وعسكرية في روسيا.
وخاطبهم في تسجيل صوتي بعنوان «التدخل الروسي السهم الأخير»، بثّ في وقت متأخر أول من أمس: «إذا قتل الجيش الروسي من عامة أهل الشام، فاقتلوا من عامتهم، وإن قتلوا من جنودنا فاقتلوا من جنودهم»، مضيفا: «المثل بالمثل ولا نعتدي». وتوعد الجولاني بإلحاق الهزيمة بالروس محذرا من أن «الحرب في الشام ستنسي الروس أهوال ما لاقوه في أفغانستان»، مضيفا: «سيكسرون بإذن الله على عتبات الشام».
وانتقد الجولاني البداية «المتعثرة» لضربات موسكو في سوريا التي استهدفت «فصائل جيش الفتح والفصائل الموجودة على تماس مباشر مع قوات النظام»، معتبرا أنها تدرك أن «الأماكن التي تسيطر عليها جماعة الدولة (الإسلامية) ليست على تماس مع عمق النظام».
وناشد الجولاني الفصائل المقاتلة في سوريا تخطي خلافاتها الداخلية مع «دخول الحرب مرحلتها الأخيرة»، داعيا إياها «إلى جمع أكبر عدد ممكن من القذائف والصواريخ ورشق القرى النصيرية في كل يوم (...) فنذيقهم شيئا من عذابات أهلنا».
ويحمل تصريح الجولاني مؤشرات على تقديم نفسه كفصيل محلي سوري، يقاتل ضمن «جيش الفتح» في الشمال، ويجدد التأكيد بأنه جزء من تنظيم القاعدة. وقال الخبير في الجماعات المتشددة محمد أبو رمان لـ«الشرق الأوسط»: «أراد الجولاني نقض الدعاية الروسية بأنهم استهدفوا الإرهاب في سوريا، ذلك أن معظم الضربات تركزت ضد جيش الفتح وقوات المعارضة المعتدلة، حيث تتركز العمليات البرية ضد النظام»، فضلاً عن أنه «يريد التأكيد على أنه جزء من نسيج الفصائل السورية المحلية، رغم انتمائه للقاعدة، وأنه جزء من الفتح، وبالتالي، يريد أن ينزع حجة الروس بأنهم يحاربون الإرهاب بالقول إننا لسنا (داعش)، بل تنظيم محلي».
ورأى أبو رمان أن «قرار المواجهة في داخل سوريا، هو تحصيل حاصل بالنسبة للنصرة، لكن التركيز على مناطق خارج سوريا، فهو محاولة إرسال رسائل تهدد الروس، وتنذرهم بأن المعركة ستنتقل إلى خارج سوريا، من خلال تنظيم القاعدة».
وأوضح أبو رمان أن الجولاني «أعلن منذ البداية أن زعيم القاعدة أيمن الظواهري طلب من النصرة أن تلتزم العمل داخل سوريا، وأنهم غير معنيين بالعمليات خارجها. ما يعني أن الدعوة الجديدة، موجهة حكمًا لأنصار تنظيم القاعدة لاستهداف مصالح الروس عبر شبكتها في العالم». ورأى أن هذا التهديد «يعتبر نقطة تحول في تجربة تنظيم القاعدة، ذلك أن روسيا لم تكن العدو رقم 1 بالنسبة له، بل كانت الولايات المتحدة الأميركية، بينما اليوم يحدث التحول لدى القاعدة، حتى باتت روسيا العدو رقم 1».
من جهة أخرى، عرض الجولاني مكافأة مالية بقيمة ثلاثة ملايين يورو لمن يتمكن من قتل الرئيس السوري بشار الأسد، ومليوني يورو لمن يتمكن من قتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، متعهدا بضمان سلامة الفاعلين. ويعد حزب الله اللبناني المدعوم من إيران من أبرز المجموعات المسلحة غير السورية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام، ومكنه من تحقيق تقدم ميداني في مناطق عدة.
استهداف السفارة الروسية في دمشق.. وترجيحات بمسؤولية «النصرة»
مؤشرات على تصدر موسكو قائمة أهداف «القاعدة» بعد مطالبة القوقازيين بمهاجمة روسيا
استهداف السفارة الروسية في دمشق.. وترجيحات بمسؤولية «النصرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة