هجوم انتحاري يستهدف موكبًا لقوات أجنبية في كابل

واشنطن تقدم تعويضات مالية لضحايا الغارة الجوية على مستشفى قندوز

موقع التفجير الانتحاري ضد موكب للقوات الأجنبية في العاصمة كابل أمس (أ.ف.ب)
موقع التفجير الانتحاري ضد موكب للقوات الأجنبية في العاصمة كابل أمس (أ.ف.ب)
TT

هجوم انتحاري يستهدف موكبًا لقوات أجنبية في كابل

موقع التفجير الانتحاري ضد موكب للقوات الأجنبية في العاصمة كابل أمس (أ.ف.ب)
موقع التفجير الانتحاري ضد موكب للقوات الأجنبية في العاصمة كابل أمس (أ.ف.ب)

أقدم انتحاري من حركة طالبان على تفجير سيارته لدى مرور موكب لحلف شمال الأطلسي في كابل أمس، مما يشير إلى استمرار الاضطراب في أفغانستان بعد أسبوعين من استيلاء الحركة على مدينة قندوز.
وأدى هذا الهجوم الانتحاري الذي وقع خلال ساعات الازدحام في وسط العاصمة الأفغانية إلى جرح ثلاثة مدنيين على الأقل، بينهم طفل. وتعتبر الحصيلة ضئيلة نظرا إلى شدة الانفجار الذي نجمت عنه سحابة دخان كثيف في سماء كابل. وتحت تأثير الانفجار، اصطدمت عربة مدرعة بحافة الطريق. وقالت وزارة الداخلية الأفغانية إن «انتحاريا فجر سيارته المليئة بالمتفجرات في منطقة جوي شير في العاصمة كابل». وأضاف أن «الهدف كان موكبا لقوات أجنبية». وتوجه عدد كبير من سيارات الإسعاف التي أطلقت العنان لصفاراتها بعيد الانفجار إلى مكان الاعتداء الذي كان مغطى بالحطام، كما ذكر مصور لوكالة الصحافة الفرنسية. وسارعت قوات الأمن إلى تطويق المنطقة. وأضافت الوزارة أنها «تدين بأشد العبارات الاعتداء الانتحاري الذي أدى إلى جرح ثلاثة مدنيين».
وقال مسؤول في شرطة كابل، إن «بين الجرحى امرأة وطفل». وأكد مسؤول في الحلف الأطلسي في كابل لوكالة الصحافة الفرنسية وقوع الانفجار، لكنه لم يعط مزيدا من التفاصيل. ويأتي الهجوم على خلفية اضطراب شديد على الصعيد العسكري في أفغانستان.
فقد تمكن متمردو طالبان خلال ساعات فقط من السيطرة على مدينة قندوز الاستراتيجية في شمال البلاد في أواخر سبتمبر (أيلول).
وتشكل هذه السيطرة، ولو أنها لم تستمر سوى بضعة أيام، أكبر انتصار لها منذ سقوط نظامها في 2001، ونكسة كبيرة أيضا للرئيس أشرف غني الذي يتولى الحكم منذ سنة. ولم تتصد لهم قوات الأمن الأفغانية إلا بمقاومة ضعيفة تكشف عن الصعوبات الكثيرة التي تواجهها لاحتواء المقاتلين الإسلاميين. من جهتها أكدت حركة طالبان أمس مسؤوليتها عن الهجوم قائلة: إن «التفجير جاء انتقاما (للقصف البربري) الذي شنته القوات الأجنبية والحكومية على قندوز». وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في بيان، إنه «تم استخدام سيارة (تويوتا) محملة بالمتفجرات. في هذا الهجوم تم تدمير مدرعتين وقتل 12 أجنبيا». وقد شن الجيش الأفغاني الذي يستفيد من دعم جوي للحلف الأطلسي هجوما مضادا واسع النطاق لاستعادة قندوز. لكن هذه المدينة لم تكن على ما يبدو الهدف الوحيد لطالبان التي وسعت أيضا عملياتها إلى ولايات بدخشان وبغلان وتخار. ولم يعد في وسع الجيش الأفغاني الذي يواجه صعوبات كثيرة، الاعتماد على دعم الحلف الأطلسي على الأرض. ومنذ انتهاء مهمته القتالية، يكتفي الحلف الأطلسي بمهمات استشارية وتدريبية، إلا أن التحالف يتعرض لانتقادات دولية حادة بسبب القصف الأميركي في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) لمستشفى أطباء بلا حدود في قندوز، وأسفر عن 22 قتيلا على الأقل. وقدم الرئيس الأميركي باراك أوباما تعازيه إلى أطباء بلا حدود الأربعاء، وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أول من أمس أن الولايات المتحدة ستقدم تعويضات إلى جميع ضحايا ذلك القصف.
إلى ذلك، أشارت منظمة أطباء بلا حدود لوكالة الصحافة الفرنسية، الأحد، إلى أنها لم تتلق أي عرض رسمي بالحصول على تعويضات. وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن نهجها الإداري ثابت بعدم قبول أي تمويل حكومي في أفغانستان أو في مناطق نزاع أخرى. وفي واشنطن أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أول من أمس، أن حكومة الولايات المتحدة ستقدم تعويضات مادية للجرحى وعائلات الذين قتلوا في القصف الجوي على أحد المستشفيات في إقليم قندوز بأفغانستان.
وقال بيتر كوك، المتحدث باسم وزارة الدفاع، إنه «من المهم معالجة الآثار الناجمة عن الحادث المأساوي» الذي راح ضحيته 22 مدنيا في مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود كنتيجة للعمليات العسكرية الأميركية. وستساعد الولايات المتحدة أيضا في تمويل إعادة بناء المستشفى، الذي تضرر بشكل كبير جراء الغارة التي وقعت مطلع الشهر الحالي. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش آرنست: «عندما نقوم بخطأ فإننا نتحمل مسؤوليته للنهاية: نحن نعتذر، وسنقوم بتغييرات لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل». في غضون ذلك، ذكر رئيس وزراء باكستان نواز شريف، أمس، أن البلاد تعمل على إحياء محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية ومتمردي طالبان. وكان قد تم إلغاء جولة من محادثات سلام كانت ترعاها باكستان بين الجانبين إلى أجل غير مسمى أواخر يوليو (تموز) الماضي، بعد أن تأكد أن زعيم طالبان الملا عمر قتل قبل عامين في باكستان. وكانت باكستان قد استضافت أوائل يوليو الماضي أول محادثات مباشرة على الإطلاق بين طالبان والحكومة الأفغانية. وقال شريف خلال مؤتمر صحافي متلفز في مدينة لاهور شرق البلاد: «نحاول إحياء المحادثات بين الجانبين». وقيادة طالبان منقسمة حول ما إذا كان المصالحة ستتم مع الحكومة أو الاستمرار في حركتها المسلحة المستمرة منذ 14 عاما ضدها.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.