الضالع.. أول محافظة تحررت من الميليشيات وما زالت غارقة في الظلام

550 مسكنًا ومنشأة فيها حصيلة أولية للأضرار الناجمة عن الحرب

الضالع.. أول محافظة تحررت من الميليشيات وما زالت غارقة في الظلام
TT

الضالع.. أول محافظة تحررت من الميليشيات وما زالت غارقة في الظلام

الضالع.. أول محافظة تحررت من الميليشيات وما زالت غارقة في الظلام

أكد محافظ محافظة الضالع، جنوب اليمن، فضل محمد الجعدي، ضرورة تحري المصداقية والنزاهة في مسح وحصر الأضرار التي لحقت بالمباني الحكومية ومرافق العمل الخدمية العامة والخاصة ومنازل المواطنين وأملاكهم، وغيرها من الأضرار الناجمة عن الحرب العبثية التي شنتها الميليشيات الحوثية المسنودة بقوات الجيش الموالي للرئيس الأسبق صالح على محافظة الضالع منذ نهاية مارس (آذار) وحتى مطلع أغسطس (آب).
وشدد المحافظ في اجتماعه باللجنة الفنية والهندسية المكلفة بمسح وحصر تلك الأضرار على أهمية التقيد بالدقة والنزاهة في حصر الأضرار والابتعاد عن أي سلوك يضر بنزاهة الفريق ويسيء للسمعة الثورية للضالع، مجددا تأكيده على الالتزام بالوقت والعمل على الإسراع في إنجاز المهام لما فيه مصلحة العمل والمواطن.
وكشف المهندس عبد الرحمن علي حمود، مدير عام مكتب وزارة الأشغال العامة والطرق، رئيس اللجنة الفنية والهندسية المكلفة بمسح وحصر الأضرار الناجمة عن الحرب، لـ«الشرق الأوسط» عن أن الحصيلة الأولية لهذه الأضرار بلغت 550 مبنى ومنشأة ومنزلا ومحلا تجاريا.
وأوضح أن عملية الحصر اقتصرت على مديريتي الضالع والحصين، اللتين تعرضتا للخراب والتدمير، نتيجة لموقعهما وسط المساحة التي كانت مسرحا للعمليات العسكرية، لافتا إلى أن لجنته ستواصل عملها في مديرية قعطبة شمال المديريتين السالفتين، قبل أن ترفع اللجنة تقريرها النهائي في مدة أقصاها ثلاثة أسابيع.
وقال إن «الأضرار التي خلفتها الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على المحافظة في مارس الماضي توزعت بين تدمير كلي وجزئي، وإنها شملت مرافق العمل الحكومية والخدمية والخاصة، فضلا عن منشآت رياضية وتعليمية ومنازل ومحال تجارية».
وأضاف أن التدمير في المباني الحكومية طال مجمع السلطة المحلية في منطقة سناح، جنوب مدينة قعطبة، الذي تضرر بشكل كامل، إلى جانب مبنى السلطة المحلية في مدينة الضالع، والمستشفى الحكومي الجديد الذي ما زال في طور الإنشاء، فضلا عن مرافق خدمية أخرى كانت تعرضت لأضرار مختلفة.
وأشار إلى أن المنشآت التعليمية التي طالها الدمار بلغت 16 مدرسة حكومية، منها 6 مدارس كان ضررها كليا، بينما العشر المتبقية تراوح ضررها ما بين متوسط وجزئي، منوها بأن الأندية الرياضية هي الأخرى لم تسلم من حرب الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع، إذ دمرت مقار ثلاثة أندية هي: النصر والوصل وشباب قعطبة.
واستعرض ما خلفته الحرب من أضرار جزئية للمنشآت الصحية الخاصة في الضالع، إذ تعرضت مستشفيات السلامة والتضامن والأبجر والضالع لأضرار متعددة، داعيا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلى دعم المحافظة حتى يتسنى لهم العمل وإعادة الأوضاع إلى وضعها الطبيعي في طريق البناء والإصلاح الشامل.
وأكد مدير عام مؤسسة الكهرباء في الضالع، المهندس عبد الله أحمد مثنى، لـ«الشرق الأوسط» أن عمال المؤسسة تمكنوا من إعادة نحو 90 في المائة من خطوط الشبكة العمومية، بينما المتبقي يحتاج إلى مولدات لتوليد الطاقة ومحولات خفض للطاقة وسواها من المعدات والتجهيزات التي لم تكن بمنأى عن الحرب الشعواء.
ولفت إلى أن قيادة السلطة المحلية والمؤسسة تواصلت مع الهلال الأحمر الإماراتي بشأن تزويد المحافظة بـ20 ميجاوات طاقة توليدية، مؤكدا أن الطاقة التوليدية في المحافظة تعاني عجزا كبيرا، نظرا للاعتماد على الطاقة المتوافرة التي لا تتعدى 27 ميجاوات، وهي الطاقة التي لا تغطي مدينة الضالع وحدها، فكيف ببقية مديريات المحافظة التسع؟!
ولا تزال مشكلة استعادة التيار العمومي إلى مديريات المحافظة قائمة دون معالجة، إذ ما زال أكثر من نصف مليون إنسان يعيشون في ظلام دامس منذ اندلاع الحرب وانقطاع تيار الكهرباء عنهم، نهاية مارس وحتى الآن. ومحافظة الضالع، التي أحرزت أول انتصار على الميليشيات وقوات صالح، بعد تمكنها من دحرهما يوم 25 مايو (أيار)، تعاني وضعا إنسانيا صعبا في مختلف مناحي الحياة، فرغم الجهود المبذولة من قبل قيادة المحافظة والرامية إلى تعزيز الجوانب الأمنية، واستئناف نشاطات الإدارات المختلفة للمحافظة، ومتابعة الأعمال المتعلقة بإعادة الإعمار، وفتح المرافق الخدمية وفي مقدمتها البنك المركزي اليمني، فإن هذه الجهود عادة ما تصطدم بالواقع الصعب الذي يستدعي دعما يوازي حجم المشكلات المؤرقة للسكان.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».