عرض عسكري كبير في كوريا الشمالية.. وكيم جونغ: بلادي مستعدة لأي تهديد عسكري أميركي

اعتبر من أهم وأكبر استعراضات القوة في تاريخ البلاد

آلاف المواطنين خرجوا للاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس حزب العمال الحاكم في بيونغ يانغ أمس (أ.ف.ب)
آلاف المواطنين خرجوا للاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس حزب العمال الحاكم في بيونغ يانغ أمس (أ.ف.ب)
TT

عرض عسكري كبير في كوريا الشمالية.. وكيم جونغ: بلادي مستعدة لأي تهديد عسكري أميركي

آلاف المواطنين خرجوا للاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس حزب العمال الحاكم في بيونغ يانغ أمس (أ.ف.ب)
آلاف المواطنين خرجوا للاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس حزب العمال الحاكم في بيونغ يانغ أمس (أ.ف.ب)

أكد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أمس أن بلاده قادرة على خوض أي حرب تتسبب فيها الولايات المتحدة، وذلك خلال ترؤسه عرضا عسكريا كبيرا أقيم بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس حزب العمال الحاكم في بيونغ يانغ، واعتبر من أكبر عروض القوة في تاريخ البلاد.
وقال زعيم كوريا الشمالية في خطابه الذي استمر نصف ساعة إن بلاده مستعدة لأي تهديد عسكري من الولايات المتحدة، مضيفا أن «قواتنا الثورية قادرة على التعامل مع أي نوع من الحرب تشنها الولايات المتحدة... واليوم يعلن حزبنا بكل جسارة أن قواتنا المسلحة الثورية قادرة على خوض أي حرب تكون الولايات المتحدة سببا فيها، وأننا مستعدون لحماية شعبنا والسماء الزرقاء لوطننا الأم».
ولطالما تباهت كوريا الشمالية بقوة «الردع النووي» التي تمتلكها، واتهمت الولايات المتحدة بالسعي لشن حرب عدوانية عليها. كما سبق لها أن أجرت ثلاث تجارب نووية، وهددت بإجراء تجربة رابعة في إطار برنامج التسلح النووي والصاروخي، الذي تابعته رغم العقوبات الدولية. وشدد كيم جونغ أون في خطابه على اللحمة بين شعب الشمال، الذي يبلغ عدد سكانه 24 مليون نسمة، وحزب العمال الذي تهيمن عليه عائلة كيم منذ تشكيله في 1945، وأشاد بالشعب الكوري الشمالي الذي قال إنه «نبع المعجزات»، الذي تحولت البلاد بفضله من بلد متخلف إلى «دولة اشتراكية قوية مستقلة، ومكتفية ذاتيا في مجال الدفاع عن نفسها»، مشددا على أن «حزب العمال الكوري حزب لا يقهر ويشكل كلا متكاملا مع الشعب».
وشارك في استعراض أمس آلاف من الجنود والصواريخ الباليستية طويلة المدى وعدة طائرات، وكان برفقة كيم عضو بارز من المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، يدعى ليو يونشان، وهو خامس أكثر رجل نفوذا في البلاد، وقد اعتبرت سول وجود ليو علامة على تواصل الدعم الصيني للنظام الكوري الشمالي.
غير أن وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) ذكرت أن ليو كان قد حث كيم على العودة إلى المحادثات الدولية بشأن الحد من برنامجها النووي التي انسحبت منها بيونغ يانغ قبل سنوات، بينما نفذت كوريا الشمالية ثلاث تجارب نووية منذ 2006 في تحدٍ صارخ للمجتمع الدولي.
وكانت كوريا الشمالية قد هددت الشهر الماضي بإلغاء العمليات المقبلة للم شمل الأسر التي انفصلت جراء تقسيم شبه الجزيرة الكورية، بعدما حثت رئيسة كوريا الجنوبية بارك كون هيه الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على إعطاء أولوية قصوى لبرنامج الأسلحة النووية الكوري الشمالي.
وظهر في لقطات بثها التلفزيون الحكومي كيم جونغ أون ببزته القاتمة المعتادة، وهو يتابع تحية حرس الشرف قبل أن يستعرض آلاف الجنود المشاركين في العرض العسكري داخل ساحة كيم ايل سونغ.
لكن آراء الخبراء الذين قابلتهم وكالة الصحافة الفرنسية في سيول اختلفت حول ما أورده تلفزيون كوريا الشمالية بشأن صواريخ (كي أن - 38) العابرة للقارات. فحسب لي ايل وو، المتخصص في قضايا الدفاع في شبكة الدفاع الكورية في سيول، فإن هذه الصواريخ تختلف إلى حد ما عن النسخة النموذج التي قدمت عام 2012، و«هذا يعني أن كوريا الشمالية قد تكون تمكنت من تطوير تقنية لتصغير الرؤوس النووية ووضعها على صواريخ». أما بالنسبة إلى تشاي يوون - سيوك، من معهد بحوث الفضاء الكوري الجنوبي، فإن الصواريخ التي عرضت أمس ليست سوى نماذج فقط، و«لن نعرف أبدا ما الذي يوجد داخلها».
وخلال الاحتفالات زينت شوارع المدينة والساحات الكبرى بلافتات كبيرة كتب عليها «يحيا حزب العمال الكوري الذي لا يقهر»، كما زينت المباني المحيطة بالساحة بأعلام الحزب الشيوعي وأعلام كوريا الشمالية. أما ساحة العروض فقد ازدانت بالألوان وبوجود رجال ونساء يرفعون الأعلام والورود، على الرغم من الأحوال الجوية السيئة بسبب الأمطار التي تلت عاصفة ليلية.
وعلى هامش احتفالات بيونغ يانغ بالذكرى السبعين لتأسيس حزب العمال الحاكم، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية أن الزعيم الأعلى في كوريا الشمالية كيم جونغ أون التقى مع مسؤول الدعاية الصيني ليو يون مساء أول من أمس، وعرض تلفزيون «سي سي تي في» الصيني الحكومي لقطات لعضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي وهو يصافح ويحتضن كيم، الذي بدا مبتسما قبل الجلوس لإجراء محادثات. وقال التلفزيون إن ليو سلم الزعيم الكوري رسالة من الرئيس الصيني شي جين بينغ قبيل الاجتماع، بينما قالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» إن الرئيس شي قال في خطاب إن الصين تعلق أهمية كبيرة على علاقاتها مع كوريا الشمالية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».