لبنان: حشد مرتقب لأنصار عون في بعبدا.. ووزير الدفاع يحذرهم من دخول القصر الجمهوري

جنبلاط يهاجم «بعض» الحراك المدني «المشبوه» ويثني على جهود وزير الداخلية

بعض أنصار الجنرال ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر يتظاهرون في وسط بيروت في صورة تعود إلى الرابع من الشهر الماضي (أ. ب)
بعض أنصار الجنرال ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر يتظاهرون في وسط بيروت في صورة تعود إلى الرابع من الشهر الماضي (أ. ب)
TT

لبنان: حشد مرتقب لأنصار عون في بعبدا.. ووزير الدفاع يحذرهم من دخول القصر الجمهوري

بعض أنصار الجنرال ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر يتظاهرون في وسط بيروت في صورة تعود إلى الرابع من الشهر الماضي (أ. ب)
بعض أنصار الجنرال ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر يتظاهرون في وسط بيروت في صورة تعود إلى الرابع من الشهر الماضي (أ. ب)

تترقب الأوساط السياسية اللبنانية المواقف التي سيطلقها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، في كلمة يلقيها اليوم الأحد أمام أنصاره الذين دعاهم إلى التجمّع بكثافة على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، بالضواحي الجنوبية الشرقية للعاصمة بيروت، لإحياء ذكرى 13 أكتوبر (تشرين الأول)، عندما أخرجه النظام السوري من قصر بعبدا في عام 1990 بالقوة ولجأ على الأثر إلى السفارة الفرنسية.
من المنتظر أن يطلق عون خطابًا تصعيديًا يحدد فيه موقفه من البقاء في حكومة الرئيس تمام سلام، ومشاركته في الحوار الوطني الذي يرعاه ويديره رئيس مجلس النواب نبيه برّي، خصوصًا بعد فشل التسوية التي كانت تهدف إلى ترقية عدد من كبار الضباط في الجيش اللبناني، بينهم صهر عون العميد شامل روكز واستحداث موقع قيادي للأخير، وتسريب معلومات عن قيادات في تيار عون تفيد بأن «ما بعد خطاب عون (اليوم) لن يكون كما قبله»، وخصوصًا بعد قرار قائد الجيش العماد جان قهوجي عيين العميد مارون القبيّاتي قائدًا لفوج المغاوير خلفًا لروكز الذي يحال على التقاعد يوم الخميس المقبل.
وفي موقف يقطع الطريق على كل مساعي التسوية التي كان يُعمل عليها حتى ربع الساعة الأخير، أكد نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل خلال زيارته رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان أن «الحديث عن التعيينات والترقيات في الجيش أقفل، وما يُحكى عن تسوية انتهى، وعلى من يُثير هذه المسألة مراجعة قانون الدفاع الواضح جدًا، الذي يقول إن الترقيات مرتبطة بوزير الدفاع وهو الذي يقترحها».
وعن التدابير المتخذة لمواكبة تجمّع مناصري عون على طريق قصر بعبدا، أعلن وزير الدفاع أن «الجيش اتخذ الإجراءات اللازمة وليس واردًا أن يدخلوا إلى القصر الجمهوري لأن في تصرف كهذا إن حصل أمرًا غير منطقي وغير مقبول».
على صعيد آخر، أعرب رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط عن أسفه لـ«تخريب كل الجهود الرامية إلى حماية الاستقرار». وقال في تصريح له: «لقد سعينا إلى إنجاز تسوية سياسية تشمل فتح مجلس النواب، وتفعيل عمل الحكومة والتوافق على قانون انتخاب يراعي صحة التمثيل، لكن للأسف بدأ التخريب على هذه الجهود التي ترمي إلى حماية الاستقرار والسلم الأهلي إزاء التطورات الإقليمية الخطيرة».
وفي هجوم صريح له على استمرار مجموعات الحراك المدني في تحركاتها إلى حدّ الاعتداء على عناصر الأمن وتخريب الممتلكات العامة والخاصة في وسط بيروت، قال جنبلاط: «إن بعض هذا الحراك المشبوه يأخذ في طريقه تلك الشريحة الواسعة من اللبنانيين التي تبحث عن التغيير الحقيقي وتحلم به، وهذا حقها، ويبعثر أي فرصة فعلية برسم واقع جديد يمكن من خلاله النفاذ إلى الانتقال بالواقع اللبناني من حال المراوحة والتراجع إلى حال التقدم والإصلاح ومكافحة الفساد».
ورأى جنبلاط أن «تحطيم هيكل الدولة وتشويه صورتها وتبديد جهودها لا يصب في مصلحة اللبنانيين، الذين ستبقى الدولة ملاذهم الأول والأخير والأوحد بصرف النظر عن أعمال بعض الصبية المخربين والعبثيين الذين يريدون كل شيء ولا شيء في الوقت ذاته». وعبّر الزعيم الاشتراكي عن دعمه وتأييده «لكل الجهود التي بذلها ويبذلها وزير الداخلية (نهاد المشنوق) في هذه المرحلة الحساسة والصعبة من تاريخ لبنان». وحيّا «انضباط ضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي الذين تتمتعوا بالحكمة والصبر والتروّي، رغم وابل الحجارة والإهانات والاستفزازات التي تعرضوا لها بشكل متواصل».
وكان شباب الحراك المدني قد واصلوا أمس تحركاتهم وممارسة الضغط على القضاء من أجل إطلاق سراح رفاقهم الذين سبق أن أوقفتهم الأجهزة الأمنية خلال التظاهرة التي نفذوها ليل الخميس الماضي، وأقدموا خلالها على رشق عناصر الأمن بالحجارة والزجاجات وتحطيم الأسوار الحديدية وإصابة عشرات العسكريين بجروح مختلفة وتحطيم واجهات محال تجارية ومصارف. ونفذ عشرات الشبان مساء أمس اعتصامًا أمام منزل النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، احتجاجًا على الاستمرار بتوقيف رفاقهم.
ولقد ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أمس على 11 موقوفا في مظاهرة الخميس الماضي وعلى 19 آخرين متوارين عن الأنظار، في جرائم القيام بأعمال شغب ورمي حجارة على القوى الأمنية ومعاملتها بالشدة وتخريب الأملاك العامة والخاصة. وأحالهم إلى قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا لاستجوابهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.