ميليشيات الحوثي وصالح ترعى معامل تفخيخ سيارات في ضواحي صنعاء

المتمردون يجبرون القبائل على القتال معهم ويخططون لإدخال البلاد في أتون صراع طويل الأمد

سكان قبائل بعضهم أطفال ممن جندهم الحوثيون يرددون هتافات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
سكان قبائل بعضهم أطفال ممن جندهم الحوثيون يرددون هتافات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

ميليشيات الحوثي وصالح ترعى معامل تفخيخ سيارات في ضواحي صنعاء

سكان قبائل بعضهم أطفال ممن جندهم الحوثيون يرددون هتافات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
سكان قبائل بعضهم أطفال ممن جندهم الحوثيون يرددون هتافات في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء، أن الميليشيات الحوثية وقوات أمنية موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، أعدت، في الآونة الأخيرة، خلايا خاصة لتنفيذ عمليات إرهابية مشابهة للعمليات التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية كتنظيم القاعدة وتنظيم داعش. وذكرت المصادر أن تلك الخلايا تستخدم مقرا خاصا بها في إحدى ضواحي العاصمة صنعاء، كمعمل لتفخيخ عدد كبير من السيارات ومن مختلف الأنواع والأحجام، إضافة إلى تجهيز الأحزمة الناسفة، وأن هذه السيارات والأحزمة سوف تستخدم في معظم المحافظات اليمنية، فيما العدد الأكبر منها سوف يستخدم في صنعاء والمحافظات والمناطق المحيطة بها، وذلك في ظل اقتراب القوات المشتركة والمكونة من قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من الجغرافيا الإدارية لمحافظة صنعاء، التي تعتبر ريف العاصمة صنعاء، من خلال السيطرة شبه الكاملة، لتلك القوات، على محافظة مأرب، بشرق البلاد.
وقالت المصادر الخاصة لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من العناصر المعروفين بانتمائهم لتنظيم القاعدة و«أنصار الشريعة»، في محافظة أبين الجنوبية، وغيرها من المناطق، وصلوا إلى صنعاء في زيارة سرية، الأيام الماضية، وذلك لبحث كيفية تفجير الأوضاع الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحررة، إضافة للاستعانة بهم في نشر خلايا متطرفة عبر شبكة علاقاتهم في عدد من المناطق، وذكرت المعلومات أن ضمن المخطط الذي تستعد به الميليشيات وأجهزة المخلوع صالح، تنفيذ سلسلة اغتيالات مكثفة، بصورة متلاحقة، تطال شخصيات سياسية وقبلية وعسكرية في معظم المناطق، وبينت المصادر أن «الهدف هو إدخال البلاد في أتون صراع دام وطويل الأمد وجعلها جغرافيات متعددة، شبه منفصلة، مع الأخذ في الاعتبار استمرار سيطرة الحوثيين والمخلوع على أكثر من منفذ على البحر الأحمر وبحر العرب». وأضافت المصادر أن «المخلوع والحوثيين يراهنون، بشكل كبير، على إفشال الحكومة اليمنية في عدن وخلق الفوضى الأمنية، والدفع بالقوى الجنوبية التي تقف إلى جانب الشرعية، وهي غير مؤيدة لها وتسعى إلى استعادة الدولة الجنوبية السابقة، نحو إعلان الانفصال، من أجل إشعال المزيد من الفتن وتحشيد المواطنين في الشمال والدفع بهم نحو الجنوب»، غير أن المصادر ذاتها أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يقوم به المخلوع والحوثيون، ما هو إلا نتاج طبيعي لشعورهم بالهزيمة وبقرب نهايتهم وفشل مساعيهم لإطالة أمد الأزمة»، لكن المصادر حذرت مما سمته «التراخي الأمني» في المناطق المحررة، في المرحلة الراهنة والمقبلة، حسب تعبيرها.
من ناحية ثانية، أبلغ صحافيون في عدن «الشرق الأوسط» بتلقيهم تهديدات بالقتل من قبل أشخاص مجهولين، يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة. وقال الصحافيون إن «هذه التهديدات حقيقية»، وذكرت مصادر خاصة أن عددا من مكاتب قنوات التلفزيون أغلقت أبوابها، فيما غادر العاملون الأجانب فيها عدن بحرا. وكان نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء، خالد محفوظ بحاح، اتهم، في مؤتمر صحافي أمس بمطار عدن الدولي، جهات سياسية لم يسمها بالوقوف وراء التفجيرات التي طالت المقر المؤقت للحكومة ولقوات التحالف في عدن، الثلاثاء الماضي، وألمح إلى ارتباط بين تلك الجهات السياسية والجماعات التي تقف وراء التفجيرات في عدن، من خلال إشارته إلى عدم حدوث تفجير واحد يستهدف الحوثيين وقوات المخلوع صالح خلال فترة وجودهم لنحو ستة أشهر في عدن، قبل تحريرها على يد قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية.
إلى ذلك، دوت انفجارات عنيفة في العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، وذلك بعد سلسلة غارات نفذتها طائرات التحالف، التي جددت استهداف العاصمة، وقالت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين صالح حركوا، خلال اليومين الماضيين، عددا من الأسلحة والذخائر من بعض المخازن، التي هي عبارة عن كهوف داخل جبال تعتبر داخل العاصمة، وذكرت المصادر المحلية الخاصة أن المتمردين يلجأون إلى الشاحنات التابعة للمصانع والشركات والقطاع الخاص، بشكل عام، في نقل الأسلحة والذخائر من المخازن في صنعاء، نحو المحافظات الأخرى، وذلك للتمويه، على اعتبار أن تلك الشاحنات ليست عسكرية ومعظمها يحمل شعارات الشركات التابعة لها، وضمن المناطق التي استهدفت بالقصف، أمس، منطقة حباب، في شمال غربي العاصمة صنعاء، حيث استهدفت بثمان غارات جوية، كما استهدف طيران التحالف معسكر اللواء 121 مشاة بحري، بثلاث غارات جوية، و6 غارات أخرى على نقيل الوتدة في محافظة مأرب، في سياق متصل قصفت مفرق الجوف - مأرب - صنعاء،، وذكرت مصادر محلية أن القصف أدى إلى تدمير رتل عسكري للمتمردين الحوثيين في محافظة الجوف، وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية وقوات صالح، قتلوا وجرحوا في قصف ذلك الرتل العسكري، حيث تحاول الميليشيات وقوات المخلوع القيام بعملية إعادة تموضع بعد أن سيطرت قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة على معظم أجزاء محافظة مأرب.
على صعيد آخر، ومع اقتراب قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من العاصمة صنعاء لتحريرها من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات صالح، شرع الانقلابيون (تحالف الحوثي - صالح) إلى حشد القبائل في المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء (محافظة صنعاء) وإلزامها بمهام الدفاع عن مناطقها وعن العاصمة صنعاء، عبر ما سميت بـ«وثيقة الشرف»، حيث تقوم شخصيات قبلية موالية لصالح بتجميع توقيعات مشايخ القبائل على تلك الوثيقة. وعبرت مصادر قبلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن استغرابها لقيام تلك الشخصيات بكتابة أسماء المشايخ والتوقيع نيابة عنهم وقيامهم، أيضا، بنوع من التهديد للمترددين للتوقيع وإعلان الولاء والدفاع عن صنعاء. وأشارت المصادر إلى أن ضمن التهديدات هي اتهامهم بالخيانة الوطنية والانتماء لتنظيمات إرهابية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.